أهمية اللغة في تكوين شخصية الإنسان

سعاد جكرخوين 

إن أهمية اللغة في تكوين شخصية الإنسان كأهمية الحجر الأساس في البناء، فهي البنية التحتية لتكوين الهوية الأساسية الخاصة لشخصية كل فرد ، فإذا أخذنا الطفل منذ و بداية تكوينه لنتعرف على المراحل التي مر بها نرى أنه لايملك أية هوية  في بداية ولادته ولا أية لغة إذن كيف يتعايش الطفل الحقائق منذو ولادته؟ في الحقيقة لايعرف المرء الكثير من هذا ولكن كلها تصورات و إحتمالات جاءت بعد تجارب عديدة فأصبحت في حكم اليقين وباتت كدراسات علمية تطرح في الكتب الدراسية حيث يقال أن الطفل يعيش في صخب لاشكل له ولا حدود ،فمن كل هذا الصخب ومن خلال الأم أو المربية تتوضح للطفل بعض الأجزاء بشكل حسي يطلق عليه فيما بعد إسم مثل كلمة ماما و بابا وهكذا شيئاً فشيئًا يحصل على أجزاء أخرى من هذا الصخب الكبير الذي يحيط به بعضها تدل على الفرح , الضحك ، وبعضها تدل على الحزن ، البكاء والألم وبعضها تدل على الجوع, العطش الخ…..
ولأن هذه الأحاسيس تحصل على أسماء تخرج من دائرة الصخب التي تلفه وتصبح هذه الكلمات دلالات على بعض الأجزاء من الحقائق التي حول الطفل ، يومًا بعد يوم تكثر الأشياء والتفاصيل لديه وتتجمل صورتها والحقائق تتوضح أكثر فأكثر، وبهذه الطريقة يكون الطفل قد أخذ بعض الحقائق الحسية المتعلقة بالمشاعر. فالطفل الذي يعيش في منطقة باردة يأخذ الكلمات التي تحيطه كالبرد, الثلج، الصقيع أما الذي يعيش في منطقة حارة يأخذ من الكلمات الحر الشمس الخ كل هذه الكلمات هي لغة الطفل الأولى وتدل على الحقيقة التي يعيشها, فتتكون لديه العادات والتقاليد وأسس التربية الخاصة به حيث تكون في النتيجة هويته الخاصة به. أما فيما يتعلق بالتطور الفكري فإنه يأتي فيما بعد حيث أن الطفل كون لديه من التطور الحسي والمشاعر ما يكفيه لمساعدته على التطور من الناحية الفكرية لجلب المعلومات التي حوله., فبطريقة اللغة يتقرب الطفل من عالمه الجديد وبإعتبار الأم والأب هما الأقربان إلى الطفل وهم واسطته  لدخوله هذا العالم فبلغتهم التي اكتسبها شيئاً فشيئًا يتعرف على كل شىء حوله . فبلغة الأم سواء كانت كردية أم عربية أم إنكليزية أو أية لغة كانت، يكون الطفل البنية التحتية لتكوين شخصيته وهويته الدائمية , لذا فمن الضروري جدُا تقوية هذه البنية لديه بمعنى تقوية (اللغة الأم) لديه لتساعده في تكوين شخصيته وهويته الخاصة به لبناء حياته المستقبلية بشكل سليم وهذا يكون عن طريق الدراسة والتكلم  بلغة الأم في البيت والمدرسة وباعتبار أن الطفل الكردي على الأغلب لامدارس له، على الآباء والأمهات الإهتمام  بأبنائهم بالتحدث معهم بلغتهم الأم منذ بداية تكوينهم وتهيئة الفرص لهم لسماعهم الموسيقى والأغاني ومشاهدة البرامج التلفزيونية وحضور الحفلات ومواصلة سلسلتهم الحسية والفكرية التي تكونت لديهم منذ الصغر بلغة الأم, هذا وعلى مجتمعنا وهيئاتنا الإهتمام الكبير بأبنائنا لخلق جيل مثقف واع ذات هوية متينة, فنحن نعيش في أحضان ثقافات متنوعة فلا غرابة أن تختلط على الطفل ما يدور حوله من أحداث. وبهذه الطريقة نكون قد ساعدنا أبنائنا في تكوين شخصيتهم المستقبلية عند الكبر ليشقوا طريقهم في الإتجاه السليم , ولا ضرر بعدها أن يتعلموا عدة لغات أخرى , فلغة الأم أولآ ومن ثم للطفل إمكانية تعلم ثلاث لغات معاً. فإن كنا قد أفلحنا في مساعدتنا لأطفالنا لابد أن تكون اختياراتهم في المستقبل صحيحة وبهذا نكون قد أدينا واجبنا اتجاه أبنائنا ونجحنا في تكوين جيل مثقف سليم يعتز بثقافته وهويته بكل كبرياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص: بموقع (ولاتي مه)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…