حدائقُ من شهقاتْ

نمر سعدي

(1)
من ظلمةِ أيامي الموبوءةِ بالحبْ
من قاعِ الجُبْ
من أقصى شمسٍ تلتحفُ القلبْ
أصرخُ مسكوناً بلهيبِ الصمتْ
ودبيبِ الوقتْ
وأُزيحُ غباشَ الرملِ عن العينينْ

في الدربِ إلى قيصرْ
(2)

من ظلمةِ أيامي أتعلَّقُ كالضوءِ المنهوكِ برمشينْ
لامرأةٍ قاسيةٍ كشتاءِ المرِّيخِ
وناعمةٍ كمياهِ الصوتْ
يخرجُ من بينِ يديها ذئبْ
يلعقُ أحلامي كالدَّمْ
(3)
آهٍ من يُرجعُ لي ماضيَّ الحُلمْ ؟
من يُرجعُ لي ماضيَّ الحُلمْ ؟
(4)
من ظلمةِ أيامي استيقظتُ… وكانَ النومْ
يلمسُ لي أوجاعي المخبوءةَ في أصدافِ الروحْ
بأناملَ من حبقٍ مجروحْ
(5)
من ظلمةِ أيامي أصرخُ عبرَ بحارِ اللغةِ
المعجونةِ بالأزهارْ
(6)
أبكي طفلاً أحمرَ كالزنبقِ سافرَ
في أهدابِ الجنِّياتْ
طفلاً أخضرَ كالفجرِ ينامُ على الشرفاتْ
طفلاً أزرقَ كالبحرِ يسيرُ على الطرقاتْ
ينثرُ أزهاراً مذعورةْ
يُصبحُ مزموراً من أضواءٍ مكسورةْ
يُصبحُ قمراً من فرحٍ وندىً
وحدائقَ من شهقاتْ
يُصبحُ مركبَ أُغنيَّاتْ
في البحرِ الغافي الجاهلِ ما فينا
يُصبحُ أُفقاً من آياتْ
أُفقاً من قُزحِ الكلماتْ
(7)
يا أملَ الليلِ الهاربِ من أجفانِ المظلومينْ
يا أملَ الليلِ الهاربِ من أسوارِ الخوفِ
ومن أشواقِ المُتحدِّينْ
يا صرخاتِ الدمعِ اليابسْ
طوفي في الأرضْ
طوفي أيَّتها القبلاتُ الثلجيَّةْ
طوفي أيَّتها الأناتُ المسبيَّةْ
مُرِّي من حيثُ يمرُّ النهرُ القلبُ.. العمرُ الحُبْ
فجليدُ سمائي لا يكسرهُ إلاَّ صيفْ
كالنسمةِ… كالضوءِ يُرشُّ على أفئدةِ المسحوقينْ
تحتَ نعالِ الشيطانِ البائسْ
هم فديةُ روما العذراءِ الشمطاءْ..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…