رسم النارنج على أول المساء

 فرج بصلو

رسم النارنج على أول المساء
ورسمت الأيادي مخططات
صمت من ثمار الخيال   
ارتشفني الظل كارتشاف عينيك نور اللقاء
الأخير. فطالما سال نبيذ السماء
مجدداً على جرحي. جبينك الجميل إنتصب
على بوابات الضباب. خطوك مضى   
في مكان آخر كالهمس. وإن

سندت الظلال جبيني. لم يكن من منقذ
للألباب. ثمة ملح بحر في الأثير
وثمة عطر أعرفه – أحاكي نَفْسي 
“إنها خلف السياج…”
والنجوم ترمز وهجها الجبار النافذ
وزهور الجنة تصير شوكاً
ليعزز الدفء والوجد حضورهما  
وليسافر قلبي إلى أنوار سماء غرّستها النظرات
والإنتظار على مدى شارع إمتص مني
آواخر الدقات…

*
أليس عجباً
أن ندفع بضرائب مسعورة
ثمن جرافات تهدم في العيد
مظاهر بهجتنا.
سؤال بسيط خطر بالبال وانطفى
إنطفاء أنوار زينة بعثرها
حاملوا البارود المدججين بالنياشين
حفظاً على سلامة الوطن
من فرحة الرعايا الآمنين…؟!

*
أعَيّْدكم بالأصفر
بالأحمر
بالأخضر
وبالأبيض الحبيب
فإن مسني لهيبي
كفنوني بالزبيب

*
ماذا تعنيني أقطاب نائية تذوب
ماذا تعنيني طبقات أوزون مخرمة
ماذا يعنيني قتل كلاب-الماء
أو القرود الآدمية
أو الفيل الأبيض
ألست من يبكي فقط
إبادة بنات آوى
والثعلب
والشاعر الحق الذي مُحي
برياش الببغاوات الجدد؟!

*
كما سماء أحكم على قرنيها
وحربة تدمي من بين ضلوعها
نحيب أبكم على المدى
نحيب مسكوت على الدنيا
هوائيات تومض من كل مكان
وفي كل مكان
ولا من أيدي القدر
غرس الموت الغريب الآتي مستقبلاً
إنما بأيادي دعات الآدمية.

*
ياربيع أيقظت حنيني
إلى توتنا الأسمر
المرتمي على الدروب
من أعالي الشجر
حيث سكة الحديد
فيما قبل الغروب
فبديتُ بنظري الجديد
شخص بحث عن شيء
فلقي شيئاً أخراً
وتحَّلى به…

*
لا أنتمي على أهل النوم
ولا على أهل الأحلام
يراني الناس أخطو إلى الأمام
فيسألوني: هل ما زلت تكتب؟
فلا جواب عندي
ومن كل وريقة بيضاء بجعبتي
يبصبص الموت
ولأني أخسر عمري ببطء
كمثل مقامر يلعب رويداً رويداً
أعلم بوضوح: سأمضي من هذا الميسر
وضلوعي خالية من كل قطرة وقت
فطالما هامتي نائية عن التراب
ومستقرة أقدامي بما يكفي
تقطع المسافات أبصاري
كعزف قلب الظبي يعزف قلبي
يعز عليّ لهو ومرح صغاري
والمتواجدون خلف الأبحار
إليهم أبحر بمجذاف الحنين
هولاء وهؤلاء ليّ شركاء
مَن برمية نرد
مَن بسحب ورقة ساحقة
وَمن بتدوير دولاب الحظ… 
 
*
رسم النارنج على أول المساء
قدر يوم يغيب
فهناك فوق الأفلاك
وفوق كل عتي

دواليب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

 

غازي القُصَيْبي ( 1940 _ 2010 ) أديب وسفير ووزير سُعودي . يُعتبَر أحدَ أبرزِ المُفكرين والقِياديين السُّعوديين الذينَ تَركوا بَصْمةً مُميَّزة في الفِكْرِ الإداريِّ العربيِّ ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ التَّنظيرِ والمُمارَسة ، وَلَمْ يَكُنْ مُجرَّد كاتب أو شاعر ، بَلْ كانَ إداريًّا ناجحًا تَوَلَّى مَناصب قِيادية عديدة…

ماهين شيخاني

كانت قاعة المحكمة الباردة تشهد حواراً أخّاذاً بين محامٍ شيخ وقاضٍ متمرس. توجه المحامي بسؤاله المصيري: “لو كنت مكان القاضي، ما مدة الحكم الذي ستصدره على سهى يا أستاذ؟”

أجاب الرجل بهدوء: “أقصر مدة ممكنة.”

ابتسم المحامي مرتاحاً: “أحسنت، أنت قلبك طيب وعطوف.”

………

الفلاش باك:

في ليالي الخدمة الإلزامية، كان قلب الشاب العاشق يخفق بشوقٍ جامح….