مكحلة عمياء، فتاة عتيقة (أربع شاعرات كرديّات)

 

الترجمة عن الكرديّة: عبدالرحمن عفيف



ديلان شوقي

حياتي وردة

لو كانت حياتي وردة
ظلّت في يدكَ
أرميتها أم مصصتها
أقمتَ بشمّها أم خبّأتها
فأنت حرّ.
لو كان قلبي ساقية
مرّةً
خذ دربكَ إليها
عابرا
أشربتَ منها أم لا
أأعميت بغبار تكبّرك نورَها
فأنتَ حرّ
أنت حر.ّ

بغير صوتٍ
ينهمرُ الثّلج
الدّموع تسيلُ
الورود تينع
تنشأُ الأحلامُ
بغير صوتٍ
يسودُّ العنبُ
تصفرّ التينةُ
يبدّلُ القمرُ ذاته
بغير صوتٍ
يبيضّ الشّعر
الحليب يصير لبناً
وحمامة الهوى
بغير صوتٍ
تنام.

من خمائل ورود العاشقين
قطفتُ باقة كلمات.
حين أتيتَ
تناثرت مثل الفطرِ مفرداتي.
أنا والنَّفَسُ الضيّق
واختلاج القلب
وبعض من نظراتٍ حيّيةٍ
بغير كبد
بقينا.

1993

باللّه أستحلفك
لا تخادعني بالأحلامِ
إنّني في مدينة الأحلامِ
كبرتُ.
ربّما كنتُ أنا نفسي حلما
أو في حضن فتاة عمياء
مكحلة عتيقة.

تعالَ
نشقّ الدّكنة
ونبادل البعد بالقربِ
نذهب إلى صيد
حلم”مموزين”
لينكسر نوم ذلك الصّمت
تعالَ
كي لا تتساقط أزهارُ الرمّان
كي لا تتهاوى عروسات الوردِ
تعالَ
قبل أنْ تزعل النّجوم
ونشيد الضّفادع  ينبتر.

إنْ أتيتَ اللحظةَ
لجعلتُك شاهاً في قلعة” دمدم”
لدفعت عن نظراتك
البواريد والحبائل
لصرنا غصني لبلاب أزرق وطريّ
مضفورين في بعضهما
حافّتي عينٍ نشوانة وسكرة
شقّي داليةٍ عالية
شموخة
لو أنّك أتيتَ االلّحظة
لأصبحت موجةً من موجاتِ البحرِ
وأنت ريحاً.
1996

إنْ لم يتحرّر قلبي
من هواك
فثورة الاشتياقات
لن تنطفىء.

ذلك الصّوت
لم يكن أنيناً مجعّداً
بل كان صراخي المخمليّ
أنتَ أيقظته
لم يكن حلما
لم يكن حلما.

القصائد مختارة من ديوان الشّاعرة ” قبلات حمراء”

***


منال الحسيني

زمن

كنتُ تقول مرّةً:
نشأتِ القصائدُ والأنغامُ
بمعيّة حبّكِ
وسويّة بنت انسجاماً
لتشعل في قلبك أغنيةً جديدة باسم”الهوى”
مرّة كنتَ تقول:
آريانا بحياءً تدنو من رونق سمائك
و
حين رأت الحوريّات يلدن في أوردةِ قلبك
أخفتْ نفسها في آفاقِ روحكَ…
مرّة كنتَ تقول:
تُشرعُ شبابيك المتمنّياتِ وقتَ تضحكين
تمرّدات المشاعرِ تهتاج
مع نظراتكِ
تُستعبدُ رؤى الأوطانِ مع شعركِ…
مرّة كنتَ تقولُ:
أنا عبد خمر ماء وردِ صوتكِ
أنا شهيدُ رائحة جسدكِ
كأس أنا لشفتيكِ
أنا زقاق لأجل خطوات رجفات عمركِ
أنا
أنا أنتِ
أخيراً قلتَ:
ذاك كان زمناً
التقى بحلمٍ
و
مضى..!!

عامودا
12.09.2006

***


جانا سيدا

خيمة العراء

1

أحدّثكَ عنها
ثانيةً عيناك تتلامعان
ولا يبترُ السّيف شاربَك

أحدّثكَ عنها
الأضواء كلّها في أحشائي
كمثل مصابيح بلدٍ متناعس
ضوءا تلو ضوءٍ
تنطفىء

2

حينَ قبّلتَها
الرّيح كانت أجمل
وأنا صرتُ
خيمةً يتيمةً
في العراء

***


آخين ولات

مزهريّة

باقةُ ضنى
في مزهريّة جدّي
لم تصفرّ بعدُ
نحن أيضا نعدّ الأحجار
نبوسُ التّرابَ
وهناكَ
حين تقضّ الهمهمةُ
الجدرانَ
تتسلّق أسرارُ المزهريّة الظّلام
وتتلامعُ بين قصائدي.

بغير عَدّ

عيناك
يوما تلو آخر
تأخذان نظراتٍ تائهة من عينيّ
تضرمان بغير عدّ القصائد فيّ
عيناك قاموس
تسقيان القصائد العطشانة
وعيناك في عينيّ
دمعتان.

الليالي

في تلك الليالي الأخيرةِ
تئنّ جدّا
تقهقه أكثر
وتتجرّد من جميع الألوان
تنام قليلا
ترى الجمّ من الأحلام
كلمات مبتلّة
تجري من العيون
يبدو درب قافلة
والليل لا ينسلخ عن النّهار
لا أعرف كم من الورودِ
نبتتْ من دمي
وكم من النرجسات ذبلت
فقط أعرف
أنّك لم تعد
وفراشات تمضي
من أملي حمراء.

ممكنات

في هذا المساءِ
ممكنٌ أنْ يولد طفلٌ من عذابي
ويعلّمنا لغةً
في هذا المساءِ
ممكنٌ أنْ يولد آلاف الأطفالِ
وبمئات الآلاف جائعين
هنا وهناك
يعلّموننا كيف يصبح التّراب خبزاً
الصّخرة تصير وسادة
والبرد ينصبُ خياماً متنمّلة
في هذا المساءِ
ممكنٌ أنْ ينجلي برقٌ
ويعلّمنا إخلاص القلبِ
في هذا المساء
أُرجع الموتَ من قُدّامِ بابي
وأهرولُ إلى النّافذة
أتمطرُ السّماء أم لا؟

ثلج

حين ينزلُ الثّلج بخفر
تقبّل الجبال بعضها البعض
قبلا حوراء
حوراء.

القصائد مختارة من ديوان الشّاعرة الصّادر سنة -2000-
تحت عنوان” قصائد بدون لسان”

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…