لا يملك الشاعر إلاّ عزلته

  فرج بصلو

مال
يُعَلق اللوحات على جدرانه
لا مبالياً بغيرة جيرانه
إلاّ إنه لا يملك المال
ولن يملكه

ثم يفكر بسبل امتلاكه

اول الرّمان
نُورعلى شاشات رمادية
تهاوت أقدام الزمان
على عتبته. لا تحسدوه
إن بعث بنظرته
إلى أول الرّمان
في أول بستان
بقامشلوه
حياة عصرية
حياته الآن حقول إسمنت
أبراج وفضائيات
سموم حتى في الأغذية
وخاصة بالفاكهات

افتراق
قالت: سأمضي بعد برهات
أجابها: ستتحطم العقارب
عندما يحين وقت مضيّكِ

المرة الأخيرة
تشير صفائح البيرة الفارغة
إلى سهاد ليلته الطويلة –
فبعد طَرْق الجارة باب شقته
ومع رنين جرس ساعته
 ينهض واعداً ومؤكداً
“إنها المرة الأخيرة..”

مفردة فريدة
على مد الزمن
تصله مئات الرسائل
إلى أكثر من عنوان وعنوان
تحمل مجمعات من الكلمات
ولا تحتوي على مفردة واحدة
يتوق إليها…

الطفل المذبوح
الطفل المذبوح –
كان بإمكانه أن يكون كل شيء
والآن يبدو وكأنه نائم
قد غفى من شوب الحريق
ومن حسن تصرفاته
يبدو عليه الهدوء التام
ومن حسن تجلياته
تحمّر فيه وفينا الجروح

عطف
شابَ ومازال يبكي
أحجاراً إنهالت عليه
في دربه إلى الحضانة
لاشك, فيه عَيّل
يستحق العطف والحصانة

أحواش بعيدة
يسير على  شوارع الغربة
على النواح
يتحدث بلغاتها –
إلى غربان دامسة
تمس أردان ثوب الحنين
بالجسد الفاني
ليتذكر ابتهالات أنبياءه القدامى
وهذياناتهم الجميلة في أحواش موحلة
وبعيدة
بُعد الألحان والأهازيج من الأضاحي…

“ﭭوسطة”
مذبوح كخاروف بعث إلى الحياة
يتمهل في السّوق كأنما غمزته
خوخة من بسطة
هامسة “خذني, خذني”
فيأخذها
ويتهادى بها على دروب العمر
إلى حيث كانوا يُسَّمون الباص
“ﭭوسطة”

يصغر نفسه
يلهو بعلب الطعام
كأنه طفل يخفي محياه
بيديه, حيث يسترق النظر
إلى بقرة عائدة من المرعى
فهل يُصَّغر نفسه ليرى
قامة الدنيا وقوامها
بعيون مصغرة
أم ينحني ليفك حروف أسماء
ورموز مازالت محفورة على الشجرة

حتى العمى
بينما –
كانت عيونه على البحر
كانت عيون البحر على السّما
أتاه نورس بإشارة
حملها على فنار المنقار
دلته, إن فيما
خلف الآفاق أهل
من الشوق سكارى
يذرفون الدمع حتى العمى

أحذية
في عصر الأحذية هذا
وخاصة أثناء فصل العواصف
البرد والثلوج
ولأنني أنا أنا
(أعني هو أنا)
أذوب من حرارة عزلتي
مكدساً بصخب الشاشات الصغيرة
والموجات على حافة المحيط الهادىء
بمرأى من القرش الأبيض
وحتى بملتقى النظرات

أغوص بالرمل خطواتي
وأنظر الموج بالمدِّ
يمحيها
فأنظر الرمل بالزبد
يحميها…

ولأنني أملك ملء عزلتي
وحذائي
لا أحد يتصور كم انا ثري
بعليق حماري
وبقلة زوادتي
وغذائي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…

أسدل يوم أمس عن مسيرتي في مجلة “شرمولا” الأدبية الثقافية كمدير ورئيس للتحرير منذ تأسيسها في أيلول 2018، لتبدأ مسيرة جديدة وسط تغييرات وأحداث كبرى في كُردستان وسوريا وعموم منطقة الشرق الأوسط.

إن التغييرات الجارية تستدعي فتح آفاق جديدة في خوض غمار العمل الفكري والأدبي والإعلامي، وهي مهمة استثنائية وشاقة بكل الأحوال.

 

دلشاد مراد

قامشلو- سوريا

19 أيلول 2025م

الشيخ نابو

في زمن تتكاثر فيه المؤتمرات وترفع فيه الشعارات البراقة، بات لزاما علينا أن ندقق في النوايا قبل أن نصفق للنتائج.

ما جرى في مؤتمر هانوفر لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً أو مجرد تجمع للنقاش، بل هو محاولة منظمة لإعادة صياغة الهوية الإيزيدية وفق أجندات حزبية وسياسية، تُخفي تحت عباءة “الحوار” مشاريع تحريف وتفكيك.

نحن لا نرفض…

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…