سيامند إبراهيم
من منا لا يفرح وهو يشاهد عشرات اللوحات المعدنية والبلاستيكية التي تزدان بها شوارع الجزيرة لأسماء الأطباء من مختلف الاختصاصات الطبية ؟ حيث واجهوا صعوبات الحياة ، ومنهم من كافح الفقر، إلى أن تخرجوا, ورفعوا أسماء آبائهم وأجدادهم في هذه المهنة الإنسانية, ولكن مقدار الألم يتسع أكثر في القلب، وأنت تدخل إلى المشافي الحكومية، حيث تنعدم النظافة بشكل عام, والداخل مفقود إلى أن يجد الطبيب الذي يعرفه عن قرب, ويساعده في إجراء صور شعاعية أو عملية جراحية من قبل هذا الطبيب أو ذاك, والخارج يلعن الفقر والعوز وقلة الاحترام ، حيث يعامل من دون مستوى البشر فيها.
وأمام غياب الرعاية الصحية الكاملة للمواطنين ، يبقى الوضع الصحي في سوريا أفضل منه في بعض البلدان الأخرى: سواء أكان في الأردن أو لبنان، بل والكثير من الدول العربية، ومادامت المشافي مثل تنور (باب الحارة) حيث الأسعار الكاوية والكاوون إن شاء الله في الدرك الأسفل من النار.
ومهما يكن فإن الطب مهنة إنسانية ونبيلة، لا ترقى لمستواها أية مهنة أخرى وعالية سوى مهنة الأدب, و” الأدب هو فوق العلم” والأخلاق عنوان الأمم, وأس الديانات السماوية والوضعية, وكما قال أمير الشعراء احمد شوقي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقوا إن ذهبت أخلاقهم هم ذهبوا
ولأن غالبية الأطباء إلا ندر, يضعون شعار المال نصب أعينهم أكثر من اهتمامهم بالطب الذي أقسموا على الإخلاص له، قبيل تخرجهم من الجامعات الراقية التي درسوا فيها, لكنه، بعد التخرج، وراحة البال، تبدأ أحلام جني محصول المال, ومن ثم تتفتق العبقريات إلى تجارة العقارات والأراضي الزراعية والمنتجعات! ويصبح المال هو الشغل الشاغل لعاملين في هذا
المجال، فتجد أولى المشاكل تحدث بين هذا الطبيب وزوجته بسبب المال وتؤدي للطلاق! وكل واحدٍ منهم يذهب إلى عيادته الجديدة، وينفرط عقد الأسرة, وهذا الذي كان يساعد ويداوي الفقراء إلى حد ما، إذ تجده ينتظر الخمسمائة ليرة من المراجع الفقير، بعدما امتلأت جيوبه، ونسي الفقر, وإذا قلت له: دكتور هذا كثير؟؟، سيقول: لقد حددتها نقابة الأطباء في المحافظة, وصحيح أن الطبيب سهر الليالي ودفع أهله الغالي والرخيص حتى تخرج، وعمل كاختصاصي في هذه الأمراض, لكن ماذا عن الأستاذ الذي هو أيضاً يعلم الأجيال، بل تعب أكثر من الطبيب, وهو ينشىء الأجيال على زاد العلم والمعرفة, ولا يملك من راتبه ما يسد به رمقه، بل وعلم هذا الطبيب وذياك الصيدلاني…؟.
لكن الحق يقال أن بعض الأطباء وهم قلة لا تتجاوز أصابع اليد لا يأخذون من مرضاهم الفقراء قرشاً واحداً, بل ويعطونهم العينات المجانية التي توزعها شركات الأدوية.
فأحد الأطباء وهو (كردي اسماً ويدعي الورع والتقوى) (ط . ح) وهو يملك أحدث أجهزة الرنين, وشريك في شركة حافلات حديثة, وأراض زراعية, وهو كالمنشار ينشر في رقاب العباد, فقد ذهبنا لإعطائه كتاباً بلغتنا الأم, فاعتذر بحنق, وقال: أنا لا أعرف القراءة بهذه اللغة, وبعد خروجنا، كان يسيء الحديث عن الكتاب الكرد الذين يضطرون إلى توزيع كتبهم الغير مرخصة بأنفسهم, وبعد خروج الكاتب من عنده يتكلم عنه بأشياء سخيفة عن الكاتب, وما رواه لي صديق مطلع بشكل جيد على ما جرى في 12 آذار 2004 من أن هذا الطبيب أخذ ثمن صور الأشعة لجرحى 12 آذار، بل لأحد الشهداء…..؟!
ومن المعاناة التي جرت معي، وهي أنني في ليلة ليلاء، أجريت عملية جراحية بسيطة لابني، وذهبت إلى الصيدلي (ص . ر) والذي أعرفه منذ أكثر من عقدين من الزمان, وقلت في قرارة نفسي هذا أقرب صيدلي إليّ وهو صديق قديم ، وهو من بني جلدتي، بل وهو في نظر الناس والحركة الوطنية مثال يحتذى به في الوطنية والأخلاق العالية, وصيدليته لا تهدأ من كثرة المناضلين- بل وبعض الامناء العامين وقيادات الصفوف الأولى- الذين يزورونه ويأخذون جرعات من قلبه الإنساني الكبير, وكنت في يومها لا أملك إلا ثمن علبة دواء واحد, حيث أعطيته ثمن الدواء الأول، ولم يبق معي من نقود إلاً ثمن أجرة السرفيس, ولما طلبت منه الدواء الثاني وهو (Tempra) وثمنه على ما أظن ستون ليرة سورية فقط, وقلت له أمهلني إلى الغد حتى أدبر لك ثمنه, فإذ أفاجأ بقوله: يا أستاذ آسف، أنا أُجري جرداً يومياً لمبيعاتي في العاشرة ليلاً, وآسف على طلبك!
فاسودت الدنيا في وجهي, وتمنيت أن تنشق الأرض وتبلعني, وأموت في تلك اللحظة, ولم أخبر زوجتي إلى هذه اللحظة, وكيف أنقذ طفلي الجريح الموجوع, والصيدليات على وشك الإغلاق, فاستندت المبلغ المطلوب من أحد أصدقائي القريبين من صيدليته, واشتريت الدواء من الصيدلية المناوبة. وفرجها الله.
وهنالك في دمشق، أيضاً، طبيب أخصائي بالأمراض النسائية وهو السيد (هـ . م( وهو يعيش في بحبوحة من العيش الرغيد, ويضحك على عشرات النساء، اللواتي لسن بحاجة إلى عمليات قيصرية، ويقنعهن بأسلوب ثعلبي , وعنده ممرضة، تدربت بشكل شكسبيري على فن المسرحيات (الشايلوكية) في سحب نقود المريضة, ولم أجد هذه الطريقة في علم الكلام حيث يعجز الجرجاني أبو البلاغة، في دقة تعابيرها بالكلام ، بحيث تفوق شهرزاد التي تروي الكلام الجميل حتى الصباح !
وطبيبنا هذا هو ابن مناضل سياسي أحترمه كثيراً , وعندما أخذت زوجتي لاستشارته في أحد الأمور النسائية, فقلت له: إن أباك المناضل يسلم عليك كثير السلام, فضحك ضحكة صفراء!
وقبيل خروجنا، ومقابلة هذه الممرضة الشهرزادية صاحبة الكلام المعسول المنمق قالت: سأضربكِ إبرتين مركبتين, مدام من فضلك حبيبتي خمسمائة ليرة سورية ثمن الإبر، وعافاك الله من كل مكروه، وخلال فترة قريبة سترتاحين وستنهضين بالسلامة.
استغربنا لهذا السعر السياحي الخيالي، وتعرف أن هذه الحقن لا تساوي أكثر من مئة ليرة سورية فقط, وفهمنا أن الخمسمائة ليرة الفرعونية هي أهم من تحيات وسلام والده, وقد روى لي أحد طلابي في القامشلي بأنه أخذ زوجته بغية معالجتها للإنجاب إلى دمشق عند هذا الطبيب نفسه وقال له الطبيب: استرح الآن، وأسمعه شريطاً غنائياً باللغة الكردية، وقال له: لقد أجريت لزوجتك تنظيراً، وإنشاء الله ستنجب ,وفتحت لها البوقين المغلقين, وحالتكم طبيعية وأخذ مبلغ خمس وثلاثين ألف ليرة سورية ، وفي حقيقة الأمر أنه لم تفتح الأبواق المغلقة وكذب على المريضة, وقد وبخه صديقي, وحذره من المجيء إلى القامشلي؟ وفهم الطبيب أن زوج المريضة قد كشف كذبه.
ومهما يكن فإن الطب مهنة إنسانية ونبيلة، لا ترقى لمستواها أية مهنة أخرى وعالية سوى مهنة الأدب, و” الأدب هو فوق العلم” والأخلاق عنوان الأمم, وأس الديانات السماوية والوضعية, وكما قال أمير الشعراء احمد شوقي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقوا إن ذهبت أخلاقهم هم ذهبوا
ولأن غالبية الأطباء إلا ندر, يضعون شعار المال نصب أعينهم أكثر من اهتمامهم بالطب الذي أقسموا على الإخلاص له، قبيل تخرجهم من الجامعات الراقية التي درسوا فيها, لكنه، بعد التخرج، وراحة البال، تبدأ أحلام جني محصول المال, ومن ثم تتفتق العبقريات إلى تجارة العقارات والأراضي الزراعية والمنتجعات! ويصبح المال هو الشغل الشاغل لعاملين في هذا
المجال، فتجد أولى المشاكل تحدث بين هذا الطبيب وزوجته بسبب المال وتؤدي للطلاق! وكل واحدٍ منهم يذهب إلى عيادته الجديدة، وينفرط عقد الأسرة, وهذا الذي كان يساعد ويداوي الفقراء إلى حد ما، إذ تجده ينتظر الخمسمائة ليرة من المراجع الفقير، بعدما امتلأت جيوبه، ونسي الفقر, وإذا قلت له: دكتور هذا كثير؟؟، سيقول: لقد حددتها نقابة الأطباء في المحافظة, وصحيح أن الطبيب سهر الليالي ودفع أهله الغالي والرخيص حتى تخرج، وعمل كاختصاصي في هذه الأمراض, لكن ماذا عن الأستاذ الذي هو أيضاً يعلم الأجيال، بل تعب أكثر من الطبيب, وهو ينشىء الأجيال على زاد العلم والمعرفة, ولا يملك من راتبه ما يسد به رمقه، بل وعلم هذا الطبيب وذياك الصيدلاني…؟.
لكن الحق يقال أن بعض الأطباء وهم قلة لا تتجاوز أصابع اليد لا يأخذون من مرضاهم الفقراء قرشاً واحداً, بل ويعطونهم العينات المجانية التي توزعها شركات الأدوية.
فأحد الأطباء وهو (كردي اسماً ويدعي الورع والتقوى) (ط . ح) وهو يملك أحدث أجهزة الرنين, وشريك في شركة حافلات حديثة, وأراض زراعية, وهو كالمنشار ينشر في رقاب العباد, فقد ذهبنا لإعطائه كتاباً بلغتنا الأم, فاعتذر بحنق, وقال: أنا لا أعرف القراءة بهذه اللغة, وبعد خروجنا، كان يسيء الحديث عن الكتاب الكرد الذين يضطرون إلى توزيع كتبهم الغير مرخصة بأنفسهم, وبعد خروج الكاتب من عنده يتكلم عنه بأشياء سخيفة عن الكاتب, وما رواه لي صديق مطلع بشكل جيد على ما جرى في 12 آذار 2004 من أن هذا الطبيب أخذ ثمن صور الأشعة لجرحى 12 آذار، بل لأحد الشهداء…..؟!
ومن المعاناة التي جرت معي، وهي أنني في ليلة ليلاء، أجريت عملية جراحية بسيطة لابني، وذهبت إلى الصيدلي (ص . ر) والذي أعرفه منذ أكثر من عقدين من الزمان, وقلت في قرارة نفسي هذا أقرب صيدلي إليّ وهو صديق قديم ، وهو من بني جلدتي، بل وهو في نظر الناس والحركة الوطنية مثال يحتذى به في الوطنية والأخلاق العالية, وصيدليته لا تهدأ من كثرة المناضلين- بل وبعض الامناء العامين وقيادات الصفوف الأولى- الذين يزورونه ويأخذون جرعات من قلبه الإنساني الكبير, وكنت في يومها لا أملك إلا ثمن علبة دواء واحد, حيث أعطيته ثمن الدواء الأول، ولم يبق معي من نقود إلاً ثمن أجرة السرفيس, ولما طلبت منه الدواء الثاني وهو (Tempra) وثمنه على ما أظن ستون ليرة سورية فقط, وقلت له أمهلني إلى الغد حتى أدبر لك ثمنه, فإذ أفاجأ بقوله: يا أستاذ آسف، أنا أُجري جرداً يومياً لمبيعاتي في العاشرة ليلاً, وآسف على طلبك!
فاسودت الدنيا في وجهي, وتمنيت أن تنشق الأرض وتبلعني, وأموت في تلك اللحظة, ولم أخبر زوجتي إلى هذه اللحظة, وكيف أنقذ طفلي الجريح الموجوع, والصيدليات على وشك الإغلاق, فاستندت المبلغ المطلوب من أحد أصدقائي القريبين من صيدليته, واشتريت الدواء من الصيدلية المناوبة. وفرجها الله.
وهنالك في دمشق، أيضاً، طبيب أخصائي بالأمراض النسائية وهو السيد (هـ . م( وهو يعيش في بحبوحة من العيش الرغيد, ويضحك على عشرات النساء، اللواتي لسن بحاجة إلى عمليات قيصرية، ويقنعهن بأسلوب ثعلبي , وعنده ممرضة، تدربت بشكل شكسبيري على فن المسرحيات (الشايلوكية) في سحب نقود المريضة, ولم أجد هذه الطريقة في علم الكلام حيث يعجز الجرجاني أبو البلاغة، في دقة تعابيرها بالكلام ، بحيث تفوق شهرزاد التي تروي الكلام الجميل حتى الصباح !
وطبيبنا هذا هو ابن مناضل سياسي أحترمه كثيراً , وعندما أخذت زوجتي لاستشارته في أحد الأمور النسائية, فقلت له: إن أباك المناضل يسلم عليك كثير السلام, فضحك ضحكة صفراء!
وقبيل خروجنا، ومقابلة هذه الممرضة الشهرزادية صاحبة الكلام المعسول المنمق قالت: سأضربكِ إبرتين مركبتين, مدام من فضلك حبيبتي خمسمائة ليرة سورية ثمن الإبر، وعافاك الله من كل مكروه، وخلال فترة قريبة سترتاحين وستنهضين بالسلامة.
استغربنا لهذا السعر السياحي الخيالي، وتعرف أن هذه الحقن لا تساوي أكثر من مئة ليرة سورية فقط, وفهمنا أن الخمسمائة ليرة الفرعونية هي أهم من تحيات وسلام والده, وقد روى لي أحد طلابي في القامشلي بأنه أخذ زوجته بغية معالجتها للإنجاب إلى دمشق عند هذا الطبيب نفسه وقال له الطبيب: استرح الآن، وأسمعه شريطاً غنائياً باللغة الكردية، وقال له: لقد أجريت لزوجتك تنظيراً، وإنشاء الله ستنجب ,وفتحت لها البوقين المغلقين, وحالتكم طبيعية وأخذ مبلغ خمس وثلاثين ألف ليرة سورية ، وفي حقيقة الأمر أنه لم تفتح الأبواق المغلقة وكذب على المريضة, وقد وبخه صديقي, وحذره من المجيء إلى القامشلي؟ وفهم الطبيب أن زوج المريضة قد كشف كذبه.
ومنذ يومين مرّت حادثة أليمة أخرى وهو ما جرى معي في المشفى الوطني الحكومي بالقامشلي, فهذا الصرح الحضاري الضخم, يحتاج إلى المزيد من النظافة والاهتمام, وزرع الورود في المساحات المقفرة تلك لكي تصبح حدائق ورد، تسرَّ عيون المرضى وتبعث الطمأنينة والسكينة في قلوبهم, و لكي لا نغمط حق الأطباء والممرضين الذين يقومون بواجبهم على أكمل وجه حقوقهم, ويسهرون ليلاً نهاراً على راحة المرضى، ويقومون بعمليات جراحية بسيطة ومعقدة وهذا محل التقدير والثناء بالرغم من الأجر المتواضع الذي يأخذونه من وزارة الصحة, ومن تهديد بعض المواطنين البدو الذين يهددون الأطباء إن جرى مكروه لمريضهم.
وما حدث معنا في مشفى القامشلي هو أننا كنا بانتظار طبيب الجراحة البولية، وانتظرنا الطبيب القدير الذي سيجري العملية الجراحية لطفلي هناك, وبعد انتظار الطبيب حتى انتهى من إجراء عملية جراحية لمواطن آخر, وفي فترة الانتظار، بحثنا عن مقاعد نرتاح فيها قليلاً حتى يأتي دور الطفل في العملية, وكنا في حالة نفسية صعبة, وخاصة أمه، لأن قلب الأم لا يحتمل أن يجرح طفلها، فكيف وهي أمام اسم عملية جراحية تطرق مسامعها, فدخلنا إلى غرفة الأطباء, وسلمنا عليهم، وعلى اعتبار أنني أعرف واحدا ًمنهم, فاستأذنت بالجلوس، لعدم وجود مقاعد حديدية للمرضى والمراجعين أسوة ببقية مشافي العاصمة وغيرها! فتذمر الدكتور (سلمان. ن) الذي رد بفظاظة! وقال يا سيد هذه غرفة الأطباء، وممنوع أن يجلس فيها المراجعون والمرضى, في الخارج يوجد مقاعد اجلسوا هناك، فهذه الغرفة مخصصة للأطباء الاختصاصيين.
فخرجنا، ومشينا لآخر الرواق، وعدنا أدراجنا,,ولم نجد شيئاً, وقد ولجت الغرفة ثانية فقلت له: صحيح كلامك لكننا متعبون من الوقوف منذ الصباح، وفي قسم الجراحة البولية، لا نجد مقاعد نستريح فيها حتى يأتي دورنا في العملية, فقلت له: أستغرب من عدم وجود مقاعد في هذا المشفى، أسوة بمشافي دمشق، فقال طبيبنا الحصيف وصاحب الرأي السديد، وهو يوزع المعرفة والأخلاق ويقول: “هذا شعب متخلف وين قاعد أنت” فقلت له: والله نحن متخلفون لأننا لم نبلغ وزارة الصحة عن أمثالك, لكن يجب أن نطور أنفسنا, وغايتنا صحة الإنسان وكرامته, وبالنسبة لي فأنا أعرف أنني دخلت إلى غرفة الأطباء وهذا مخالف للقوانين، لكن ماذا نفعل ونحن في هذا الوضع الحرج.
ولو كنتُ من أحد رجالات السلطة، هل يا ترى كيف سيستقبلني الدكتور النابغ (سلمان), وهل المشفى الوطني مخصص للطب البيطري، كما أفهمني ذاك الطبيب, ولكي لا أحرق المزيد من أعصابي التالفة, ويبدو أن النظام يطبق على “ناس وناس” أي الفقراء فقط ؟! وخرجت، وصَمَتَ الأطباء البقية، وكأنهم في كهف مسحور، ولله في خلقه شؤون ؟!
وأخيراً هذه قصة فيها عبرة لهؤلاء:
“كان حكيماً جالساً في تلك الليلة فسمع صوت طائر فرماه فأصابه, فقال:
أحسن حفظ اللسان بالطائر والإنسان!
لو حفظ هذا لسانه ما هلك! وقد نظمه من قال:
حفظ اللسان ما هلك قد يحفظ الطائر والانسانا”
وما حدث معنا في مشفى القامشلي هو أننا كنا بانتظار طبيب الجراحة البولية، وانتظرنا الطبيب القدير الذي سيجري العملية الجراحية لطفلي هناك, وبعد انتظار الطبيب حتى انتهى من إجراء عملية جراحية لمواطن آخر, وفي فترة الانتظار، بحثنا عن مقاعد نرتاح فيها قليلاً حتى يأتي دور الطفل في العملية, وكنا في حالة نفسية صعبة, وخاصة أمه، لأن قلب الأم لا يحتمل أن يجرح طفلها، فكيف وهي أمام اسم عملية جراحية تطرق مسامعها, فدخلنا إلى غرفة الأطباء, وسلمنا عليهم، وعلى اعتبار أنني أعرف واحدا ًمنهم, فاستأذنت بالجلوس، لعدم وجود مقاعد حديدية للمرضى والمراجعين أسوة ببقية مشافي العاصمة وغيرها! فتذمر الدكتور (سلمان. ن) الذي رد بفظاظة! وقال يا سيد هذه غرفة الأطباء، وممنوع أن يجلس فيها المراجعون والمرضى, في الخارج يوجد مقاعد اجلسوا هناك، فهذه الغرفة مخصصة للأطباء الاختصاصيين.
فخرجنا، ومشينا لآخر الرواق، وعدنا أدراجنا,,ولم نجد شيئاً, وقد ولجت الغرفة ثانية فقلت له: صحيح كلامك لكننا متعبون من الوقوف منذ الصباح، وفي قسم الجراحة البولية، لا نجد مقاعد نستريح فيها حتى يأتي دورنا في العملية, فقلت له: أستغرب من عدم وجود مقاعد في هذا المشفى، أسوة بمشافي دمشق، فقال طبيبنا الحصيف وصاحب الرأي السديد، وهو يوزع المعرفة والأخلاق ويقول: “هذا شعب متخلف وين قاعد أنت” فقلت له: والله نحن متخلفون لأننا لم نبلغ وزارة الصحة عن أمثالك, لكن يجب أن نطور أنفسنا, وغايتنا صحة الإنسان وكرامته, وبالنسبة لي فأنا أعرف أنني دخلت إلى غرفة الأطباء وهذا مخالف للقوانين، لكن ماذا نفعل ونحن في هذا الوضع الحرج.
ولو كنتُ من أحد رجالات السلطة، هل يا ترى كيف سيستقبلني الدكتور النابغ (سلمان), وهل المشفى الوطني مخصص للطب البيطري، كما أفهمني ذاك الطبيب, ولكي لا أحرق المزيد من أعصابي التالفة, ويبدو أن النظام يطبق على “ناس وناس” أي الفقراء فقط ؟! وخرجت، وصَمَتَ الأطباء البقية، وكأنهم في كهف مسحور، ولله في خلقه شؤون ؟!
وأخيراً هذه قصة فيها عبرة لهؤلاء:
“كان حكيماً جالساً في تلك الليلة فسمع صوت طائر فرماه فأصابه, فقال:
أحسن حفظ اللسان بالطائر والإنسان!
لو حفظ هذا لسانه ما هلك! وقد نظمه من قال:
حفظ اللسان ما هلك قد يحفظ الطائر والانسانا”