رحلة إلى بلاد الشمس

 توفيق عبدالمجيد 

” كنت قد وعدت الأخت العزيزة بريزاد شعبان بهدية رمزية متواضعة, وها قد حان وقت إهدائها”

حمداً لله على سلامتك ووصولك أخيراً ، والابتسامة التي ستعلو شفتيك مختلفة عن بقية الابتسامات في المنافي والمهاجر لأنها حتماً ستكون طبيعية هذه المرة ، وبعيدة عن التكلف والتصنع والتمثيل ، الآن تفتح لك (مملكة الشمس) الأبواب على مصاريعها ، وستكشف لك الأم الحنون عن الصدر الدافئ  الذي سترتمين عليه بعد غربة مرة ، وحنين حرمت منه بعد طول عذاب ، وقساوة معاناة ، وترحال وتنقل على ظهر جواد آن لك الترجل عنه ، وآنت له الراحة ، وهجرة محفوفة بالمخاطر ، جابهتها تحديات عديدة ، مع الأرض ، مع النهر ، مع البحر والبحار ، مع نقاط العبور المراقبة من أناس لا يعرفون معنى الإنسان وقيمة الإنسانية

مع موانئ وظيفتها إلقاء هذه البضاعة التي استرخصتها نفوس مجردة من القيم ، في عرض البحار لعبة للأمواج وطعاماً للأسماك ، مع مطارات الغربة التي تستقبل هذه الكتل البشرية القادمة من بلاد الظلام والعسس والخفافيش ، مع محطات الألم وهي تقذف بهذه الموجات البشرية التي قد تكون لقمة سائغة للقراصنة وحيتان البحار ، لترتمي مستسلمة في أحضان غريبة بعد أن جارت عليها ساسة بلدانها ، ولفظتها قادة أوطانها ، لتتخلص من ظلم من لا يعرفون قيمة الإنسان ومعنى الإنسانية ، ولم يسمعوا مطلقاً بفلسفة اسمها (الفلسفة الإنسانية) المبنية أصلاً على قدسية الإنسان ، إلى بلاد قد توفر لها المأوى والملبس والمسكن إلى حين عوضاً عن أناس عجزوا ومازالوا عن استيعاب وفهم وهضم هذا الإطار الإنساني الذي من المفروض أن يجمع الكل في دائرته الواسعة ، ويكون المنطلق الأساس في هذه الدنيا.
لا أطيل عليك عزيزتي : لأنك اختصرت مسيرة العذابات تلك ، واختزلت بعد المسافات ، وفي سويعات كنت في بلاد الشمس ، وجنة الكون ، فهنيئاً لك بذلك ، ويحق لك أن تبتسمي ابتسامة صادقة خارجة من صميم القلب وسويداء الفؤاد ، لكن:
قفي وأنت على وشك مغادرة البوابة التي تفصل بينك وبين بلاد الاسكندناف، وعلى تخوم بلاد الشمس ، واخشعي جاثية احتراماً للدماء الزكية التي أريقت على وجه هذه الأرض فروّتها وصبغتها بلون الدم ، قبّلي الأرض المجبولة بالدماء والدموع ، تذكري قوافل الشهداء الذين تصطف أرواحهم على جانبي الطريق مرحبة بكل قادم إلى هذه الأرض المطهرة ، فقد نهض أصحابها من مقابرهم الجماعية من حلبجة الشهيدة وهم يقفون استعداداً لاستقبال كل قادم 

27/6/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…