آهات وطن, آهاتٌ للوطن

نارين عمر

 -يا لك من وطنٍ جريح يا وطني!
 
-يا لك من وطنٍ أسير يا وطني!
يا لنا ولترابك المهدور رونقه وألقه! عبارات ما
عادت تروي مكامن شعورنا المغدور بصدقه. ما عادت تغذّي لذة ضميرنا التّائه في رحلةِ
بحثه عن مسالك الوفاء. لم تعد مكبّلاً بالجراح فقط, فنعينك بالضّمادِ والبلسم
الشّافي. لم تعد أسير لكماتِ الزّمان فحسب, فنساعدك بكماداتٍ ساخنة أو باردة. ما
عدت يا وطني حبيس الآهاتِ والحسراتِ, فنغزلَ في ساحةِ مربعك ألحان وأهازيج
المواساةِ والسّلوان. لم نعد نعرف ما الذي أصابك يا وطني, لأنّنا ما عدنا نعرفُ
ماهيتنا! لم نعد نميّز مسالك هدينا من ضلالنا! فهل ستأتي الّلحظة التي فيها نعرفُ
نحن مَنْ نكون؟ وهل ستعودُ إليك ماهيتك المفقودة في متاهاتِ المجهول؟!
هذه العبارات وغيرها كثيراً ما تتحوّل إلى
غمغماتٍ  وتمتماتٍ يردّدها كلّ مَنْ ينتمي
إلى وطني من أبنائه وبناته المغلوبين على أمرهم, الموبوئين بداءِ الصّدمة
والدّهشةِ ولنقل الذّهول ممّا أصابَ الشّعب والمجتمع خلال الفترات السّابقة من عمر
الزّمن الذي يسيّرنا نحو عوالم لا ندري كنه تفكيرها وتدبيرها, مدى صفيرها وهديرها,
عوالمَ تعلي من شأن مَن لم يكن له شأن من قبلُ, يرفع من مقام مَنْ لا مقام له.
وبالمقابل يطبّقُ على البعض الآخر معادلة معاكسة, تنزل من شأنهم, وتحوّل مقامهم
إلى أسفل سافلين. 
 
يا لهؤلاء المغلوبين على أمرهم من بناتِ
وأبناء وطني, يبتلعون آهات الوطن ممزوجة بآهاتهم, يمضغون عنوةً حسرات الوطن مجبولة مع أوحال
حسراتهم.

المحبّون من هؤلاء اشتاقوا إلى مغارة عشقك,
يجدلون منه خصلات أنسهم وسمرهم. 

 
الأمّهات اشتقن إلى أوتار دفئك, يحيكون على
أنغامها أناشيد دفءٍ وحنان يهدهدون بها أحلام أطفالهنّ. 
 
الآباء يلهثن نحو نخوة عطائك, يغرسون أغصان منها في قلوب أولادهم صبيحة
العيد.
 وطني!
 جرحك يأسرنا, أسرك يجرحنا, وما بين الأسر
والجرح تتكاثرُ الآهات والحسرات, متقمّصة لبوسَ الوطنيّة والحريّةِ والكرامةِ
وحقوق الكائنات.

للمرّة الثّانية أسألك يا وطني: هل ستعودُ
إليك ماهيتك المفقودة في متاهاتِ المجهول؟! فقط لتعيد إلينا ماهيتنا التائهة بين
زوبعة الانتهازية والاستغلال. فقط لنُجازى بقانونك لا بقانونهم.

   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…