إيفا

أفين إبراهيم

أيتها الشجرة الحزينة حتى الأرض…
منذ متى وأنت تهدهدين الفؤوس في جذع…
طفلة صغيرة بثديين مختلفين…
تداعب الحلمة الوردية وتدعو الله أن يكبر…
طفلة صغيرة تقف في منتصف القصيدة تمد عنقها الصغير مرددة …
لا من ملائكة حولي ..
لا من ملائكة الليلة…
كيس وحيد وكل هذا البرغل الرطب يصعد جسدها…
إلهي ….
قباقيب المطر عالية والنافذة البعيدة تختنق بأنفاسها ..
لا ادري لماذا كلما ماتت تلك المدفأة الصغيرة خرج وجه ذلك الرجل الشرير وهو يلاحقها ..
لم يكن بنطال الأخ ضيقا بما يكفي ليغطي أعضائها التناسلية…
أعضائها التي سقطت قبل الحرب بسنين..
هكذا فجأة اكتشفت أنها حبلى بالضوء دون أن يمس جسدها أحد ..
إيفا…
منذ متى وأنت تربين السّكاكين في جذعك …
لم يكن الشتاء طويلا كما ينبغي ..
كبرت البيوت بسرعة وبقيت الدمية وحدها تبتسم لزوايا الغرفة الباردة…
تبكي بصمت كلما طال شعر الجدار مدغدغاً شجنها…
هكذا فجأة اكتشفت أنها حبلى بالنور ..
عندما ضغطت على أسفل بطنها وأخبرتها بلطف …
إنها تحتاج لحمية قاسية تخلصها من الضوء المتراكم على أردافها..
هكذا بكت بحرقة …
كلما تذكرت بأنها سألتك عن غطاء ونامت بقربك عارية …
.لا أدري ربما كان الشتاء أطول…
لو لم تنعطف سكك القطارات على أصابع أبي ..
لو بقيت الفراشات التي على كتفك قوية بما يكفي لحمل صندوق الخشب عوضاً عن ذلك الطفل الجميل..
لو لم أقرأ هذا الإعلان السخيف (كيف تحافظ على حذائك جديداً)
وأرمي حذائي العسكري لحديقة الجيران كي أهرب من حصة الحرب التي لم تنتهي حتى الأن ..
لو لم تغلق دكاكين القرى غبارها الصيفي على صدرك …
تشنقك ببطء وتترك وجهك معلقا على تلك النجمة…
فقط لو عاد الرغيف إلى المنزل مبللا بقطرات الحب…
عوضاً عن رائحة الحديد المتصاعدة من قطرة الدم المندهشة…
لو لم تكن عيناك أجمل من ورود الشمس التي تتساقط من شفتي كلما قلبتني مفاتيح اللغة من العربية إلى الكوردية …
لو لم تكن أسنان التاريخ حادّة..
حادة لدرجة لا أستطيع فيها مضغ حبك الكثير…
.أيتها الشجرة الحزينة حتى الأرض…
مذ أحببتك لم يبق للغبار معنى.. 
مذ أحببتك وأنا أملأ فمي بأشواك الغياب وأفتح شفتي نهراً لابتساماته الحمراء…
أمسح التاريخ من عقارب الساعات الثقيلة و أطرز جناحه المكسور في نهاية القصيدة..
أنادي الأشجار مرتين علّي أتذكر بأنه هو، هو ولست أنا ….
مذ أحببتك وانا أحاول إقناع السماء أن وجهه مجرد صفصاف يمر بأضلع النهر البعيد…
مذ أحببتك و أنا أركض ..
أركض..
أحاول أن أحبه قبل أن يموت رحمك….
أن أحبل به هكذا …
هكذا صبية ..
صبية بعمر الشجر الحزين..
قبل أن يصنع لي من الشعر كرسياً من خشب و يحترق..
إيفا..
حبة كستناء وحيدة أحاول أن أسد بها فوهة قلبك و نعاس شتاء طويل..
ريقك يابس ومياه النهر بعيدة..
لا جديد سوى ظله ..
ظله الذي اكتشفت فجأة أنه تحت إبطي ..
ظله الهارب لفنجان قهوة أرتشفها الأن..
ظله الذي لن يهبط أبداً بشجرة…
قلت له مراراً أني شجرة ..
لم يصدق ..
لم يصدق إيفا …
مازال يبحث عن وجهي في أوراق الخريف و يبكي. 
15/11/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سمكو عمر لعلي

مقدمة

لم يكن الحاج أحمد ملا إبراهيم مجرد اسم عابر في تاريخ الحركة الكردية، بل كان رمزًا للنضال والمثابرة من أجل قضية شعبه. وُلد عام 1923 في بلدة عين ديوار، التي تقع اليوم ضمن الحدود السورية، لعائلة مناضلة تمتد جذورها إلى شرق كردستان من اقرباء سمكو اغا الشكاك ، حيث كان والده الملا إبراهيم…

تقرير صحفي: شهدت جامعة النجاح الوطنية يوم الخميس الموافق 20/11/2025 إنجازاً أكاديمياً لافتاً، تمثل في مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من الطالبة رجاء رشيد محمود الحلبي في برنامج اللغة العربية وآدابها، جاءت الرسالة تحت عنوان: “روايتا “الحاجز” و”حب في منطقة الظل” للكاتب عزمي بشارة دراسة تحليلية في المضمون والفن”، وقد أعلنت اللجنة نجاح الطالبة وحصولها على…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

 

يَا لَيْلُ

أنَاجِي الرُّوحَ وَهِيَ بَعِيدَةٌ

تَلْهُو فِي صَمْتِي الْمَجْرُوحِ

آهٍ يَا لَيْلُ

صَمْتِي كَحَرِيقٍ فِي صَدْرِي

وَجُدْرَانُهُ تَكْتُمُ قَدَرِي

آهٍ يَا لَيْلُ نَوَافِذُ مُغْلَقَةٌ

وَأَبْوَابٌ صَامِتَةٌ

كَتِمْثَالٍ جَمِيلٍ

أُنَادِي وَكَأَنَّ السَّمَاءَ تَسْمَعُ صَوْتِي

وَلَا أَهْجُو أَحَدًا

بَلْ أَهْجُو كُلَّ النِّدَاءَاتِ

يَا لَيْلُ كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الظَّلَامُ

كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْخِصَامُ

كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْحُسَامُ

الَّذِي يَقْطَعُ شَرَايِينِي

يَا لَيْلُ لَا أُعَزِّيكَ

وَلَا أَثْرِي بِكَ

وَلَا أُعَزِّي إِلَّا نَفْسِي

مُرَادُكَ…

عبدالجابر حبيب

 

خارطة

جلبوا الأطلس؛ دليل إثبات وجودهم على أرضهم، بحثوا عن دولتهم التائهة في عمق الجغرافيا، احتد النقاش بينهم، اختلفوا حول التفاصيل الدقيقة، اشتد الصراع بينهم حول الكرسي،

 

حسرة

بعدما عثروا على جذورهم الراسخة في دهاليز التاريخ،

أخبروهم أن الشرق الأوسط الجديد لا يضم سوى الأسماء الموجودة سابقاً على خريطة العالم

 

إنسانية

كتب المؤرخ: الحفاظ على الكائنات المهددة بالزوال….