طيف التخلّف والعنصريّة في معركة المرجعية الكوردية السورية

د.م.درويش

بعد انتهاء مُجمل هذه المعركة بفوز حزبوي جزراوي ساحق، باتت الشكوك تحوم حول مدى دكتاتورية هذه الأحزاب ومدى تخلّفها الديمقراطي رغم تستّرهم جميعاً بعباءة الديمقراطية؟ 
فجميعنا يعرف كيف عملوا على إقصاء العفرينين والكوبانين في تشكيلة ال 12 + 12 ثم لم يبرحوا إلاّ وألحقوها بالتشكيلة المُتمّمة أي ال 20% المُتبقية والتي من المُفترض أن تكون من نصيب المستقلين وبأن تحترم المكون الإيزيدي والعنصر النسائي والتوزع المناطقي المتوازن. 
طبعاً أتت النتائج مُخيّبة لآمال الكوبانيين قبل غيرهم حيث لا ممثل لهم في هذه المرجعية، وكذلك لم تُحترم التوازنات الأخرى؟
في الحقيقة هذه المرجعية تبدو وكأنها عُملت وجُبلت لتُمثّل الجزيرة فقط، وذلك بشكل أو بآخر دونما أي احترام أو نية حسنة اتجاه كوباني وعفرين وكورد حلب والرقة، مع العلم أن عدد كورد هذه المناطق يفوق عددهم في الجزيرة، هذا من ناحية، أما من جهة أخرى فعفرين وكوباني هي مناطق ذات أغلبية كوردية مرتفعة جداً بل وشبه صرفة، وذلك بعكس ما هي عليه منطقة الجزيرة، حيث الأغلبية الكوردية طفيفة أو غير مُحقّقة في بعض أجزائها؟
لقد كتب المتابعون في هذا الشأن، كتبوا ونقدوا ووضحوا كثيراً، لكن الشيء الغريب في الأمر هو أن كثير من هؤلاء الكتبة الجزراويين لم يتفاعلوا أو لم يُعبّروا كعادتهم عن رفضهم أو استياءهم أو حتى امتعاضهم على الطريقة التعسّفية والانحيازية التي سلكها ساسة الجزيرة لدرجة وصولهم لمرتبة العنصرية أمام كورد كوباني وعفرين؟ علماً بأن الكوبانيين والعفرينيين أظهروا وأثبتوا دوماً أنّهم أكثر تمدّناً وتطبّعاً وتكيّفاً مع التحضّر من أقرانهم الجزراويين عموماً ومن ساسة وحزبّيي الجزيرة خصوصاً.
كمستقل ومتابع ومطّلع على هكذا شؤون كوردية في سوريا، أجد نفسي، وغيري مثلي ممّن يشاركونني الرأي، أجد نفسي عندما أنظر إلى حالة الفكر السياسي الكوردي في سوريا، أن الأحزاب الكوردية في سوريا والتي لا تمثّل بشعبيتها إلاّ أقل من 10% من مُجمل كورد سوريا، أن هذه الأحزاب، يقبع على رأسها شلّة عجوزة وساحقة من ساسة الجزيرة، مُتماهية مع بعض العشائريين ومُتنادده مع مجموعات مُتفلسفة مُقلّدة ومُنفّذه لإيديولوجيات الجوار، هؤلاء جميعاً أو على الأقل مُعظمهم، لا يعرفون من السياسة إلاّ فن البقاء في المناصب أو الارتقاء لمناصب أخرى أكثر تقرّباً من التسلّط والسعي نحو الهياكل الديكتاتورية بمساندة من تبعية ومجموعات مُتحزّبة ذات أغلبية مُتخلّفة مدنياً وإجتماعياً.
أَأسف، بل نأسف جميعاً على تغلغل وبقاء التخلف في رؤوس هؤلاء السّاسة، أو الذين يدّعون أنّهم ساسة، فسلوكهم، وغيرهم من قبلهم كذلك، جعل من الكورد ومن كوردستان مدخلاً لكل الطامعين والمتربصين بالكورد عبر التاريخ، هذا الأمر جعل القضية الكوردية عموماً وفي سوريا خصوصاً، جعلها شبه مشلولة من جذورها.
أتمنى لكورد كوباني وعفرين أن يقوموا بمعاقبة كل عنصريّي الجزيرة وخاصة الحزبويين منهم، وأن يقوموا بالرّد على كل الأحزاب والإنتهازيين وذلك بإنشاء مرجعيتهم الخاصة بهم والمُعبّرة عنهم مدنياً واجتماعيا أولاً ثم سياسياً، وليكن ذلك خطوة لتوعية الساسة الكورد عموماً والساسة الجزراويين خصوصاً.
باحث وكاتب كوردي، 18/12/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إدريس سالم

نقرأ في قصيدة «مرثية الأشياء الصغيرة»، لوحة نوستالجية مكتملة العناصر، تقوم على تصوير حسّي غامر، يجعل القارئ يشارك التجربة بكامل حواسه، فيشمّ الماضي، ويلمس دفئه، ويتذوّق طعمه، ويسمع أصواته، ويراه بعين الروح والخيال. إنها قصيدة تتأرجح بين الدفء والألم، بين الذكريات المضيئة والانطفاء القاسي، لتمثّل نصّاً عن هوية مهدّدة بالغياب، وعن حياة كاملة تذوب…

إبراهيم اليوسف

تعد الشاعرة والأديبة مزكين حسكو واحدة من الأسماء التي اختارت طريقها عبر الإبداع، إذ جعلت من الكتابة الجمالية فعلاً يومياً لم يتوقف عند حدود الشعر وحده، بل تجاوزته إلى السرد بأنواعه. فهي شاعرة، وناقدة، ومترجمة، وكاتبة مقال، وصوت حاضر في السرد، حيث يتجاور عندها النص الشعري المكثف مع المقالة النقدية المضيئة، ومع مشروع الرواية…

فواز عبدي

الليل شتائي، الثلج إكليل عرس منقط بالسواد على جبين الأرض، المهجع خلية نحل أدخل فيها طفل مشاكس عصاً، وراح يعبث بها.. فتية في مقتبل العمر؛ تركوا خلفهم أحلام طفولتهم المسروقة ومغامرات المراهقة.. تعلو أصواتهم وضحكاتهم غير عابئين بما يدور حولهم، يريدون الانتقام من الزمن الذي يأخذ ربيع أعمارهم، ويعبث بهم على هواه. جدران المهجع…

في زمن تتسارع فيه الأزمات السياسية والاجتماعية في العالم العربي، يأتي كتاب “الصوت الندي: تأملات في الأداء والأغاني” للكاتب والشاعر الفلسطيني فراس حج محمد كملاذ ثقافي يعيد النظر في دور الغناء كأداة للحفاظ على الذاكرة الجماعية والتعبير عن الهوية الوطنية.

صدر الكتاب مؤخراً عن دار الرعاة للدراسات والنشر في رام الله ودار جسور ثقافية في عمّان،…