الحلم الذي بددنا

غسان جانكير
 

بددنا الربيع الذي استهوانا
ربطه بالثورات، التي كانت أسرع مِن عدوى التثائب، في البلدان
العربية المحكومة بطغاةٍ مُختالون بموبقاتٍ، يُسارع المنافقون
في تجميلها، أو تبريرها بمسوغات تُحاكي تلك التي يسوقها رَجِلُ
دينٍ غُرٌ يدعوا الناس الى الإيمان كلّما استعصت الإجابة عن الأسئلة
التي تستدعي الشرح بأسلوبٍ علمي.

 

الجُمَع التي
ألفناه – قبل الثورات – كأيامٍ لخمول الجسد، في
مُدنٍ خاملة خاوية مِن الحركة، في
شرقٍ خامل، لحلمٍ أُريدَ له الخمول لعقودٍ عدة, وحدها الخُطب
كانت تُميّزها عن باقي الأيام،

 يُهذي فيها الخُطباء كآلة تسجيل
تسرد – خبط عشواء – الخطوط العريضة التي سجّلها رجلُ
أمنٍ حاذق، أو هكذا خال نفسه قادراً على إبقاء رأي عام مُحاب
لنظامه الأبدي، مع تقريعٍ دائم لرواد المساجد على فقدانهم الرحمة، على
ذوي القربى وحقوق الجار الفقير على الجار الأفقر، مع هامش من
الحرية تسمح له بالشطح بالخيال، في سرد قصصٍ عاطفية، تفعل فعل
المورفين أو يزيد قليلا، مع ختم الخطبة بالدعاء لانتصار الدكتاتور
على الأعداء، وتسديد خُطاه فيما يراه من صواب لمستقبل أُمة ما
عاد يُخفى عليها فساد الحاكم و إفساده للرعية صار أهون من ضرطة العنزة . 
 
ذات
الجُمع تلقفناه بحبور للانطلاق في مُظاهرات من
أمام الجوامع، في خطوة التفافية على
قوانين الطوارىء التي تمنح رجال الأمن لمحاسبة أكثر من شخصين يجتمعو نسوياً، يتململ
الكثيرين منّا من طول خطبة الإمام، يدفعنا الحماس و التشوّق للصراخ عن
ألمٍ كتمناه أو كنّا نُعبّر عنه بالهمس، هي ساعة لا غير نقول فيها
للدكتاتور : ارحل عن كرسي الحكم، كي ناخذ حقنا في
العيش بكرامة تليق بالبشر . 
 
نتانة الدكتاتور التي تُشابه
نتانة الخنفساء كلما مُسَّت نتّنَت أكثر، حصّنته على غير المُتوقّع
في أن يرحل مُعتذراً، بل أحالته من سكينٍ الى منجل يُحاصر
المُدن دكاً ببراميل ترميه طائراته خبط عشواء، وجوعاً وفقراً وموتاً
تحت التعذيب وتشريداً الى جهات الأرض،و الذلّ الذي يُمارسه اللئام
بحق المُهجّرين، الذين جمعهم حُلمٌ بسيط ، فتشظّوا به لبساطته
أيضاً .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…