منح جائزة سوبارتو التقديرية للبحث العلمي لـ أ. د. فاروق إسماعيل في يوم الاحتفاء بتأسيس جمعية سوبارتو

احتفت جمعية سوبارتو يوم الخميس 3-4-2014 بيوم تأسيسها في مدينتي قامشلي، وباتمان في أجواء توحي بقدرة الجمعية على منح المزيد، وتقديم كل ما يمكن لخدمة التاريخ والتراث الكردي، وقد تضمن الاحتفاء كلمة للأستاذين ياسرعبدو في قامشلي، وأخرى لإبراهيم عباس إبراهيم في باتمان، تناولا أهمية التاريخ بالنسبة للكرد، ودور الجمعية في حماية هذا التاريخ، وتوثيقه، كما بينا الصعوبات التي تواجه العمل الثقافي، وضرورة التكاتف وزرع القيم النبيلة، والاخلاص في العمل للوصول إلى ما تصبو إليه الجمعية، وتم عرض أهم النشاطات التي قامت بها الجمعية خلال الفترة الماضية.
 وإذا اقتصر الحضور في قامشلي على عدد من أعضاء الجمعية لضرورات خاصة بها، ففي باتمان تميزت الأمسية لعدة اعتبارات أهمها أنها فرحة للسوريين في بلاد الغربة أن يجتمعوا في مثل هذه المناسبات ليتبادلوا الأحاديث عن الوطن وما أصابه من خراب وهلاك، وليتحدثوا عن ظروفهم، وغيرها من الأمور التي تخص الأهل والأقارب، ولينسوا قليلاً همومهم المتراكمة، ومعاناتهم في بلاد المهجر، وثانياً التعرف عن قرب على المثقفين الكرد في باتمان إيماناً منا، ومنهم على إمكانية بناء أجواء ثقافية تكون فضاء رحباً لبناء القيم الإنسانية وحب الوطن، وبداية للتواصل من نواح أخرى افتقدناها في السنوات السابقة.

في هذه الأجواء تم منح الأستاذ الدكتور فاروق إسماعيل جائزة سوبارتو التقديرية للبحث العلمي، والتي ستمنحها الجمعية في كل سنة في مثل هذا اليوم للباحثين المتميزين، والذين ساهموا في كتابة التاريخ والتراث الكردي، ولم يأت اختيار أ. د. فاروق عن عبث فقد كان له دوره المتيز كعضو مؤسس لجمعية سوبارتو في متابعة سوبارتو لمسيرتها الثقافية، إضافة إلى جهوده الكبيرة في البحث العلمي في مجالات التاريخ والآثار واللغات القديمة، والتي أضاءت جانباً هاماً من تاريخنا القديم الذي أصابه التشوه والغموض، وقد كان لـ أ. د. فروق إسماعيل كلمة هذا نصها:
أخوتي في جمعية سوبارتو …
أسعدني جداً خبرُ تقديركم وتكريمكم إياي، وأعجبني وفاؤكم، وأتمنى أن نظل معاً على الطريق الصحيح لخدمة التاريخ الإنساني وتراثنا الكردي.
  أشكركم من أعماق قلبي، وأحيي جمهورَ سوبارتو ومتابعي نشاطاتها، فَهُمِ الهدفُ والأمل ،وبهم تزدهر الجمعية .
  لقد جاء تأسيس سوبارتو في ظروف استثنائية ما يزال وطننا العزيز سوريا يمر به، حيث اشتعلت الثورة فجأة وثار الشعب على الاستبداد، فكان التهديدُ والاعتقال، ثم القتلُ والمجازر الجماعية، ثم القصفُ والأسلحة الكيماوية و….فتمزقت دروب الوطن، وتشرد الشعب وهاجر وتشتت. إنه الطوفان المعاصر الذي قُدّر على السوريين، ولم يجدوا مُعيناً. ولكن إباءَهم وصمودَهم لن يدعهم يغرقون.سينجون ويعودون لعيش حياةٍ أفضل .
  شكراً للتكريم. ومن سوء حظي أن ألقى التكريمَ العلمي مرتين في غمار هذه الثورة، ولا أكون حاضراً. اليوم معكم (في قامشلي)، وكذلك غبتُ في مطلع الثورة ..في نيسان 2011 عندما فزتُ بجائزة البحث العلمي في الجامعات السورية لسنة 2010 ، ولم أسافر إلى دمشق لحضور التكريم.
  أتأملُ حالَ الكرد السوريين اليوم، وتتدافع في ذهني أفكارٌ وتجاربُ كثيرةٌ في التاريخ تصلح لأن تكون عِبَراً، وتستحق الاستفادةَ منها. أريد أن أكشف عنها وأتردد ،لأني لست متفائلاً بأن يتغلب العقلُ على المشاعرِ والأحلامِ اللذيذة.
  باختصار شديد، دعوني ألفت الانتباه إلى أمرين فقط :
1- إننا نحن الكردَ السوريين تميزنا بالثقافة وحدها، ولكننا لا نُحْسِنُ، بل لا نستطيع توظيفَ ما نمتلكه من وعيٍ وثقافةٍ وفكرٍ في تطوير حياتنا.
2- إننا أغنياءٌ بإرثنا الحضاري القديم، كما أخوتنا الكرد في إيران، وهو ما يستدعي منا أن نكون أوفياءً لذلك الإرث ..نحميه، وننشره، ونعتز به في إطار الحضارة الإنسانية عامة ً، ونجعله وسيلةَ تواصلٍ وتآخٍ مع الشعوب الأخرى.
  ولذلك كان الاندفاعُ لتأسيس جمعية سوبارتو ضرورةً وواجباً لتنمية الوعي الثقافي ولاسيما التاريخي الأثري التراثي. وأعتقد أنها نجحت بدرجةٍ كبيرةٍ في أداء دورها خلال العامين السابقين، وصمدت رغم الظروف القاسية، وحافظت على مسارها العلمي العقلاني.
أتمنى أن تتطور وتزدهر نشاطاتُكم أكثر. وتأكدوا أن البعدَ عن الوطن لا يمنعنا من مواصلة العمل معكم لأداء هذا الدور الثقافي المجتمعي، وسنتابع جهودَنا في خدمة الجمعية.
  لكم أعضاءَ جمعية سوبارتو ، ولجمهوركم الكريم، خالصُ مودّتي وشكري.

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…

زوزان ويسو بوزان
1
كوباني على الحدودِ تصرخ..
تودِّع أبناءها واحدًا.. واحدا
وترحلُ في الليلِ مثقلةً بالوجيعةْ
تحملُ أحلامَها فوقَ أكتافها المتعبةْ
منهم من خرجْ.. حافيَ الروحِ والقدمينْ
ومنهم من تركْ غنائمَ العمرٍ الطويلْ
وسافرَ وحدَه مع ذاكرتهْ

فماذا جنتْ الشيخةٌ في الخريفْ
بأيِّ ذنبٍ تُشرَّدُ الطفولة
كأنَّ البلادَ نسيتْ أنَّهم من رَحِمِ الأرضِ
وُلدوا ها هنا
2
أيُّ دينٍ يبيحُ ذبحَ العجائزْ
أيُّ دستورٍ يشرعُ قتلَ الأباريح
أيُّ بلاد…

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…