الكُرد الذين يُقتَلون إذ يقتَلون

 ابراهيم محمود
” من أجل : محمد سيد حسين، حباً بزمن كان “
الكرد يُقتَلون يقتلون يقتلون
يقتلون بروعة دون تمييز
في وحدة أخاذة  تساوي بين الجميع
الجنين في مقام الشيخ
والرضيع في موقع الراشد
والأنثى في مستوى الذكر
والمرأة نظيرة الرجل
ويكون الصغير معادل الكبير
والأعمار منزوعة هنا
إنه استثناء استثناء مطبق على الكرد حصراً
ولأنهم يقتَلون
يظلون يُقتلون
ولأنهم يظلون يُقتَلون
فثمة المزيد من يبحث عنهم فيقتَلون
*********
يقتلون في أول الطريق
يقتلون في منتصف الطريق
يقتلون في نهاية الطريق
ولكي يضيع الأثر
يُقتَل ” الطريق “
فيقتَلون ويقتلون ويقتلون
ويشهق الطريق مكتوم المسافة
*********
يقتلون في الزوايا
تُحتل الزوايا لكي يقتَلوا
يتم التحايل على الزوايا للتمكن من قتلهم
يعتَّم على الزوايا ليكون القتل إرادة الطبيعة
إرادة الخالق الوهاب
وتالياً تطلق رصاصات قاتلة كاتمة الصوت على الزوايا
فيقتَلون من جديد
*********
يقتلون على أطراف المدن
يقتَلون داخل المدن
يقتلون في الحارات الشعبية
يقتلون في الأحياء المبغددة
يقتلون في الأحياء المخالفة في البناء
يقتلون في الحدائق المنحنية هامات أشجارها
يقتلون على مسمع من عصافير الدوري وبصرها
يقتلون في الفنادق الشعبية
يقتلون في اوتيلات ” خمس نجوم “
يقتلون في المطاعم الكبرى
يقتلون في أندية القمار
يقتلون في المقاهي المنطوية على نفسها
يقتلون تحت الجسور وفوقها
والمارة لا يعبأون بهم طبعاً
يقتلون في صدر المساجد
يقتلون في ملاعب الرياضة
يقتلون في عيادات الأطباء
يقتلون في غرف العناية المشددة
يقتلون في البساتين والمزارع والبراري القصية
يقتلون في الاسطبلات والأكواخ 
يقتلون وهم يدفنون ضحاياهم الذين قتِلوا
يقتَلون حباً في تنويع القتل 
وفي النهاية يعرّضون المدن لوابل من القنابل الشرهة إلى القتل والدمار
فيقتلون من جديد
*********
يقتلون في التاريخ
يقتلون في الجغرافيا
يقتلون في مناهج التربية الدينية
يقتلون في الفنون
يقتلون في  في مخابر العلوم
يقتلون في قاعات الدروس الخاصة
يقتلون في معاهد حفظ القرآن
يقتلون في الأدب
يقتلون الذين قتلوا بالأمس
يقتلون الخيالات
يقتلون الأحلام التي تروّح عنهم
وفي النهاية يقفلون على الثقافة بسيل من الرصاص الأرعن
ويعاودون القتل من جديد
*********
يقتلون في الحضور
يقتلون في الغياب
يقتلون بتكليف ومن دونه
يقتلون ويطالَبون بالاعتذار إلى قتلتهم
يقتلون في تجمعات وأمام أعين كاميرات عالمية
يقتلون بأسماء ودون أسماء
يقتَلون دون تهم حيث المقرَّر قتلهم دون تردد
يقتلون ليريحوا قتلتهم بعض الوقت
يقتلون لأن عليهم تأكيد أبدية الله وهم يقتَلون
ولأنهم يقتلون ويقتلون ويقتلون
فذلك علامة على أن كل شيء جدير بأن يعاش في خدمة القتلة هنا وهناك
فيقتُلون ويقتلون ويقتلون
ودائماً ودائماً ودائماً
هم الكرد وليس إلا الكرد
وكونهم يقتلون ويقتلون ويقتلون
فثمة جائزة كونية في القتل تمنَح للكرد
ينالها القتلة وهم أمام أجهزة التصوير العالمية
بحضور طاقم العمل: المخرج والمنتج والمؤلف وواضع الموسيقي…الخ
وكلهم شركاء مدهشون في القتل
والقتلة يبرعون في وصف من يقتلون
” إنهم كرد كرد كرد “
وسط عاصفة من التصفيق
وسريعاً يقذفون بأجسامهم ذات العار
لينالوا المزيد من الجوائز
فيُقتلون ويقتلون ويقتلون
ولأنهم يقتلون
عليهم أن يقتلوا ويقتلوا
ولأجل ذلك تباعاً
يقتلون ويقتلون ويقتلون 
دهوك في 11 أيلول 2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…