قراءة لكتاب الأستاذ حيدر عمر (أدب الفلوكلور الكردي)

جان كورد
  أرسل لي الأستاذ حيدر عمر مشكوراً نسخةً من كتابه الجديد (أدب الفلكلور الكردي الذي صدر مؤخراً في استانبول / تركيا، وصمم له الغلاف الصديق الموهوب فنياً وأدبياً يحيى السلو، وقام بالإخراج الفني للكتاب الاستاذ علي جعفر الذي له باعٌ طويل في الكتابة والنشرـ وقد تم هذا تحت رقم الإيداع 
ISBN978-605-68428-1-8
الكتاب الذي صدر بشكلٍ جميل وقدّم له الدكتور أحمد محمد الخليل ذو الملاحظة القوية والخبرة الجيدة بالتاريخ والآداب محاولة أخرى موفقة وثرية في مجال الدراسات الكوردية الأدبية، وسيكون بصفحاته التي تزيد عن 300 ملفتاً للنظر في مكتبة الأدب الكوردي، مثل الكتاب الذي سبقه على أيدي الكاتب القدير. 
فهو يتطرّق إلى مصطلح الفلوكلور ومعناه وأهميته وعلاقته بالشعب وبالفكر القومي الكوردي، وفي الكتاب حديث شيّق عن أعمال الكردولوجيين الأجانب والفلوكلوريين الكورد في كوردستان وفي دول الشتات، إضافة إلى شرحٍ لأنواع الأدب الفلوكلوري الكوردي من أساطير وحكايات شعبية وملاحم شعرية فيتطرّق إلى بعض هذه الأعمال الخالدة، مثل الملحمة البطولية (قلعة دمدم) (أنظر روايتنا الجديدة بالعربية: الأمير ذو اليد الذهبية) كرّ وكلك، والملاحم الشعرية عن الحب والعشق، مثل (عيشا إيبى، سيامند وخجى، ممى آلان، ثم ينتقل إلى الحديث عن القيمة الفكرية والأدبية لبعض هذه الملاحم لينتقل منها إلى الأمثال الشعبية والنسيج الفني لها والغناء الشعبي والايروتيك في الفلكلور الكوردي ولا ينسى الالتفات إلى المقارنة بين الثقافات، وما يحيط بالثقافة الكوردية من ظروفٍ قاسية.
  وفي الحقيقة، فإن الفلكلور الكوردي برأيي مثل “كنوزٍ في العراء”، إن لم تتضافر الجهود لجمعها وإنقاذها ودراستها، كما فعل الأستاذ حيدر عمر في دراسته القيمة هذه ، فإننا سنخسر هذه الكنوز التي قلما تجد لها مثيلاً في الثقافات الأخرى، ولقد سعيت أنا أيضاً بتواضعٍ لإحياء العديد من تلك الملاحم والأغاني والحكايات، ونشرت عن (زمبيل فروش) كتيباً صغيراً في ألمانيا في عام 1987 و كتاب (الحكايات الكوردية للقنصل الروسي ألكسندر ﮊابا) في عام 2000، وهو كتاب مهم لأن القنصل الروسي نشره في عام 1860م في سانت بيترسبورغ الروسية في العهد القيصري الذي شاع فيه الاهتمام بجمع آداب الشعوب من خلال المعهد القيصري للاستشراق هناك،  كما نشرتُ الكتاب ذاته لدى مطبعة سبيريز في دهوك بالحروف الكوردية الكلاسيكية، إضافةً إلى أنني قد نشرت في العديد من مواقع الانترنت ملاحم وحكاياتٍ وأغاني شعبية قديمة وكثيرة، ذكرت بعضها لدى كتابتي عن كتاب الأستاذ حيدر عمر السابق عن الأدب الشعبي الكوردي، ولكن مع الأسف يبدو أن كاتبنا القدير رأى وقرأ معظم الملاحم والحكايات والكتب المنشورة عنها إلاّ ما نشرته أنا وحدي، وآمل ألا يكون ذلك الإهمال عن قصد، فعلى الباحث أو الدارس أن يكون موضوعياً وملماً بما يكتب عنه، فهل يمكن تجاهل ملاحم مثل (الحصان الأسود، نهالا سيسيبانى، جمجمى سلطان، رستمى زال، شاه ميمون، مم وزين النثرية التي نشرها المستشرقون، وهي لا تقل عظمة عن ممى آلان الغنائية وغيرها…) لمجرّد أن ناشرها كاتب غير مشهور مثلي؟ 
  أتمنى من الأستاذ حيدر عمر الذي أرسلت له نسخاً من كثيرٍ من هذه الملاحم والحكايات الخالدة أن يلتفت إليها في كتابٍ جميلٍ آخر لأنها درر وجواهر قيّمة أدبياً وعلمياً لأنه باحث جاد كما أعرفه.  
مع فائق الاحترام والتقدير
28.08.2018  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…