سيدةُ السلام*

عصمت شاهين دوسكي
من حلمٍ بعيدٍ ، بعيد
حلمٌ ليسَ ككلِ الأحلام
جِئتِ يا سيدة السلام
تحملين على يديكِ بشائرُ 
حب ،جمال، وحمام
عشقي للسلامِ غير مرهون
بالشوقِ والحنينِ والغرام
عشقي حضارةٌ مركونةٌ
بين المهجرين والنازحين 
والمشردين بين الخيام
كل اطروحاتِ الدنيا
لا تكفي لدمعةِ طفلٍ يبحثُ
عن كسرةِ خبزٍ بين القُمامةِ
وبين أيدي الأيتام
كل الاجتماعاتِ والأمسياتِ
لا تكفي لآهةِ أم ٍ
ترضعُ وليدَها بهمومِ الظلام
كل الألوانِ والمظاهر المزركشةِ
لا تكفي لشابٍ لاجئٍ
يبحثُ عن وطنٍ في أرضِ الأحلام
************** 
نعم يا سيدة السلام
أختزلَ الحبُ موتَ الإنسان
ما زالَ ” فرهاد ” يبحث ُ
عن حبيبتَهُ ” شيرين ” 
ويلوي زمانٍ بعد زمان
و ” مم ” مهمومٌ لرحيلِ ” زين “
ولا يدري في أيٌ مكان
و ” سيابند ” وحيدٌ مغترب ٌ
و” خج ” تحلُمُ مع المتعبين بالجنان
سيدةُ السلام كل العاشقين
وضعوا إكليلا لمثوى الحب ِالفتان
المبدعون رحلوا 
لم يتركوا شيئا 
لا قافيةٍ ولا صولجان
سيدةُ السلام
هنا عاشقٌ من كوردستان
أبوهُ من “باصي” وامهُ من “بادي “
وميلادُهُ من قلبِ دهوكِ الريان
يلجأُ لعينيها للحبِ لنَقائِها
لسحرِها لكل الألوان
لكنهُ يا سيدةً السلام يتنفسُ 
هواءُ كلً الأوطان
حبيبتي فصيحةُ اللسانِ والبيان
فرقتنا حُدودا ، بِحارا
جوازاتُ سفر ، وصورةُ الأوثان
فرقتنا حروبا ، مجازِرا 
وأزماتٍ حتى الهذيان
فرقتنا سُحُبَ الظلامِ والغمام
والريحُ الآتيةٌ من وراءِ غيومٍ سِمان
فرقتنا المصائبُ والغرائبُ
وكثرةٌ الطوائفٌ ولعبةُ الرِهان
بين هذا وذاك هربَ الحبُ
وأصبحَ  الإنسانُ شُبه إنسان
********* 
نعم يا سيدة السلام
منذ خمسينَ عاما
وأنا أبحثُ عن السلام
منذ خمسينِ عاما
أبحثُ بين الخرابِ والركام 
خمسين عاما
أبحثُ بين الأوطان 
والغارقين في بحرِ الأوهام
سيدتي خمسين عاما 
وأنا أكتبُ عن الحبِ والسلام
حتى مل مني القرطاسُ والقلمُ
والحرفُ والكلام
قصيدتي تسافرُ كل عام 
كحمامةِ السلام
 تداوي جراحَ لبنان
ومآسي سوريا 
ونكباتُ يمن السعيد
وأهوالُ العراقِ الهمام
سلامٌ يا سيدةً السلام
تمرُ الأيامُ وكل منهن عام 
بين أمير وفقير 
وبين حلالٍ وحرام
إن صعدت آهةٌ 
يخشى القلبُ رَهبةَ الحطام 
رَهبةَ الجوعِ والحرمانِ والظمأ ولذةِ الطعام
قررت يا سيدتي 
أن أتوجك سيدة السلام
تاج من لآلئ وحنان وأمان
تاج أميرة ، سلطانة ، ملكة 
تحكم بالحب والسلام
وٌددتُ لو لي في السلامِ مقام 
لغفوتُ في عينيكِ ألفَ عامٍ وعام 
وعلى رُبى صدرٌك الأبيض 
أشكو الوِجدَ والهيام
وأداعبُ شفتيكِ خلسةً
لأبحثَ عن اوطانٍ مغتربةٍ
حتى لو رَخُصَ الكلام
وأقيمَ معكِ علاقةُ قدسيةٌ 
شاهدُها راهبٌ وكاهنٌ وإمام
وأبقى معك نبني حضارةُ
من أرض وإنسان
حتى يشهدُ العالم
أنَكِ يا سيدةً السلام 
من أرضِ السلام
من أرضِ السلام 
********************* 
فرهاد وشيرين ، مم وزين ، سيابند وخج ، : أبطال روايات عشق كوردية خالدة  ، تتناغم حكايتهم قيس وليلى ، وعنترة وعبلة ، جميل بثينة .
باصي ، بادي : قرى من قرى دهوك الجميلة .
* ألقيت في الحفل التكريم للسلام العالمي وحقوق الإنسان
ومنظمة الأخاء للسلام وحقوق الإنسان
 في قاعة ماريانا ، أربيل 2017 م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…