أريدُ

إدريس سالم
لا أريدُ أن يبقى الأطفالُ يَتامى الحرب
لا أريدُ أن تُطبّقَ جرائمُ الشرفِ على الفقراء فقط
لا أريدُ للأدباءِ أن يتملّصوا من نطق الحقيقة،
وألا يتنافسوا مع اللهِ فيما هو مَجهول!
* * *
أريدُ أنْ أسكرَ على رصيف جامعٍ، أو كنيسة
لعلَّ اللهَ يتأمّلُ سَكرتي،
ويشاركُني كأسي المَالِئَ بالعَربَدةِ والعَرابِدة 
*  * *
أريدُ أنْ أعشقَ في جامعٍ أو كنيسة
لفتاةٍ تخلعُ الحِجَابَ في شريعتي
وتشربُ من مائي الزُّعاق
*  * *
أريدُ أنْ أتسحّرَ في جامعٍ، أو كنيسة
لأفطرَ على ولْولة الأمّهَاتِ، والآباء
البَواكي، والبُكَاة
*  * *
أريدُ أنْ أغنّي على مِنبر جامعٍ، أو كنيسة
لعلّني أقطعُ صوتَ الآذانِ، أو الأجراس
أنْ أحلمَ بدخول الجَهنّم
فالجنّةُ باتتْ مَلئ بالجَهنّميين!
*  * *
أريدُ أنْ أستذئِب!
لأكونَ مستذئِباً في ليلةٍ دَعْجاء
فلا فائدةَ من ذُرّية آدمَ وحوّاء،
الذُّرّية المَسفوكة بنطفة الإنسانيةِ المَزعوقة!
*  * *
عندَما أتحوّلُ إلى ذِئْبٍ عوّاء
لا يسعُني التحدّثُ، بل العُوَاءُ مَن يتحدّث!
أشعرُ وكأنّ كلَّ ما يجعلُني بشرياً 
يتلاشى عني..
وكأنّني بتُّ لا أشعرُ ولا أميّزُ حتّى!
شعورٌ يَطغَى عليَّ يوماً بعدَ يوم
وهذا ما يخيفُني في استذآبي
وأخشى ألا أعودَ لهيئتي البشريةِ مُجدّداً
ما بينَ الهيئتين هناك أبديةٌ ما تنتظرُني، 
لتكسوني القدوةَ، أو القدرة 
*  * *
أريدُ تبديلاً لأدوار الحياة،
ونقائضِ القدرِ الزاعق
القِحَابُ يُصبحْنَ شرائفاً
والشرائفُ يصبحْنَ قِحَاباً
المَلاحدةُ يأخذوا دوراً في الألوهية،
والمؤمنون دوراً في الزنْدَقة 
*  * *
أريدُ للقلم أن يكونَ حُرّاً
أريدُ للخبز أن يكونَ طازجاً
أريدُ للماء أن يكونَ نقيّاً
أريدُ أن نستيقظَ من شهر العسل الذي نحلمُ به 
أريدُ للتعب أن يتوّجَ بالنجاح
أريدُ للقتيل أن يحتاجَ إلى شهادة حُسن السلوك
عندَما يلتقي بمَن عذّبَهم وأهانَهم في بهو القيامة
أريدُ للشهيد أن يكونَ مُحاسباً
أريدُ أغراباً يحاربوا أعراباً في كلّ زمانٍ ومكان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال
رستم أغالا فنان كردي كانت منطقة كردستان العراق بوصلته التي تعيده إليها ليساهم في ازدهارها فنيا عبر أعماله ومشاريعه الثقافية والفنية التي تعيد طرح أسئلة وجودية لتجيب عنها بوجهة نظر تفهم الواقع باستعادة التاريخ ورموزه التي تبدو في بعض الأحيان مشتركة بين الشعوب والحضارات.

تذكرت مقولة الكاتب الألماني رودولف أرنهايم (1904 – 2007): “من…

عِصمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

تَرَاءَتْ أَمَامَ البَابِ كَنَسْمَةِ العَبِيرِ

ابْتَسَمَتْ وَقَالَتْ تَنْتَظِرُ

مِنْ زَمَنٍ نَذِير

كَالهَمْسِ قُلتُ لَهَا

أَنْتَظِرُكِ كَالمَوْجِ هَدِير

جَلَسَتْ كَالوَرْدِ طَرِيٍّ

عَلَى أَوْرَاقِهِ نَدًى سَلْسَبِيل

<p dir="RTL" style="text-align: right;"...

قصة: مشعل تمو
ترجمة: ماهين شيخاني

في تلك الغرفة الواسعة , المترامية الأطراف ، كان الضابط يخطو جيئة وذهابا , ومابين كل خطوتين , بثني ركبته اليمنى ويداه متشابكتان , تهتزان خلف ظهره ، ودون أن ينظر إليَّ قال:
– نعلم ماذا تفعلون و ماذا تكتبون ! إذاكان رأسك صلداً فقد كسرنا روؤس أقسى ! إذاكنت عنيداً فنحن…

فراس حج محمد| فلسطين

هذه الرواية من الروايات القليلة التي لم أندم أنني قرأتها، وأنفقت في الاستمتاع بها يومين كاملين، فعلى الرغم من متنها الممتد لأكثر من (350) صفحة، إلا أنها دفعتني للقراءة دون توقف بنسخة إلكترونية، هذا لم يحدث معي سوى في كتب قليلة جداً، أعادتني “صلاة القلق” إلى نفسي قارئا نهماً، قبل أن تصيبني…