مَنْ…؟

عبد الستار نورعلي
يكونُ السؤالُ ثقيلاً عليكْ:
فمَنْ أنتَ، ماذا عليكْ؟
كبرْتَ بدارِ الملكِ الأرعنِ
والملكِ الأطعنِ
والملكِ الأرطنِ، 
بنى مملكةً للذبابِ
ومملكةً للذئابِ 
ومملكةً للخرابِ
ومملكةً للصُمِّ والبُكمِ
وصوتِ الغرابِ،
طاشَ سهمُ الغيابِ،
فأصابَ الضلوعَ والأصغرينِ
ووجهَ السحابِ.
أيا ناسجَ الصوتِ بينَ شيبِكَ والشبابِ،
كمْ ناشَكَ العُقابُ، والإرهابُ، والرُهابُ،
يومَ كنْتَ تغرّدُ منتشياً
رافعاً رأسَكَ، 
ناصباً رايتَكَ
فوق ذرى المواجعِ
تحملُ صخرةً في الذهابِ،
وصخرةً في الإيابِ.
على منكبيكَ جراحُ الحَواري،
وغناءُ الأمهاتِ الجواري،
ورجعُ لهاثِ الرجالِ 
في الحقولِ والبراري،
في العُقُبِ الحديديةِ،
والبيوتِ الجوفيةِ،
والمناجمِ والدوالي،
وعلى سفوحِ الجبالِ،
وبين الرماحِ العوالي التي سُئِلَتْ
عن معاليهمْ،
ومعالينا في المدنِ الخوالي!
شربَتْ روحُهُ الكأسَ ثكلى
والصحونُ غرثى،
وبطونُهم ملأى بقاماتِ الرجالِ.
صُفِقَ البابُ في وجهِهِ،
عادَ غنّى، ولم يُبالِ.
فاسألوهُ: لماذا؟
وعلامَ؟
وحتامَ؟
وإلامَ؟
ايُّ حَتْمٍ ألقاهُ في المدنِ الظِلالِ؟
ظلُّهُ الوارفُ يوماً
ورفَ الأرضَ وحُلْمَ الفقراءْ
وأفاقْ
فرأى الأرضَ وأطيافَ الصغارْ
في هباءْ.
الوادي المقدّسُ طُويَ
تحتَ ركامِ الزناجيلِ
والمواويلِ، 
تسّاقطَتْ في الضَلالِ
وفمِ السعالي.
فمَنِ الواقفُ ببابِ الحوائجِ
وبابِ الغرائبِ والعجائبِ
والبرامجِ؟!
سؤالٌ…
سؤالٌ…
سؤالْ….
فمَنْ أنتَ؟
ماذا جنيتَ؟
قفْ في مكانِكَ،
حينَ تزلُّ الأقدامُ
على طريقِ الأقدامِ
بينَ سربِ الحمامِ
وسربِ السعالي
فاسألْ: لماذا؟
وفُكَّ ماذا!
وتعلّمْ:
منْ أنتَ؟
وماذا جنيتَ؟
* القصيدةُ خارج القوافي والأوزانِ، لأنها كُتِبَتْ في لحظةِ اعتلال الميزانِ، واختلالِ المكانِ والزمانِ. وزنُها منها وإليها، وفوق منكبيها، وداخلَ مُقلتيها.
عبد الستار نورعلي
فجر الاثنين 22 يناير 2018 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…