إدريس سالم
في الأمس
كانَ التمسُّكُ بالأرض شرفاً،
والهروبُ وتركُهُ خيانةً..
واليومُ في ظلّ سقوطِ الآلهة
أصبحَ التمسُّكُ بالأرض خيانةً،
والنزوحُ عنه شرفاً..
ألا كفانا منكم ضحكاً على الذقون،
ولعباً بالعقول،
وامتلاكاً لنسخ التجاربِ الفاشلة،
وتفنيناً لنسج أضواءِ القناديلِ من البراميل
* * *
سقطَتْ مدينةٌ أخرى من كتفيّ ذاك الإله
فانحنَتْ أجذاعُ الكرْمِ بصوتٍ مُتهدِّجٍ
قَلَّ النُّعَاةُ
كَثُرَتْ النعَايا
تحيّرَ المُفتجِئون، والمَلتجِئون
والمُمَندِلون يترقّبون البياناتِ السياسية،
والتنديداتِ الحزبية،
وتصريحاتِ المُتحزِّبين الشبيهةِ بعقولهم الهشيشة
* * *
تسقطُ مدينةٌ بأكملها
عندَما يسقطُ عُضْوٌ من آلهتنا المُجذَّعةِ
حوّلَتْ كوباني إلى تسونامي
وعفرين إلى عفريت
تنالُ المجدَ عندَما تتكاثرُ أبناءُ الديمغرافية
وينقرضُ الأصليون على أنقاض الديمقراطية
* * *
ثوارٌ مُدجِنون قَشّاشون
يتدرّبون في المَداجِن،
ويتخرّجون ديَكَةً حبشية، أو بِغالاً نَغِيلة
يَتَغرْغرون العظامَ والدماء
لا يسمعون إلا ثغاءَ الارتزاق،
وسُعالَ الجرّاراتِ المُكتظّة بالدجَاج والخِرَاف
ولا يشمّون إلا فُسَاء الشعير والحمير
* * *
لو حفرْتم حتّى تاسعِ أرض
فلن تُسقِطوننا
لو وصلْتم إلى تاسعِ سماء
فلن تُسقِطوننا
لو عبّئتُم أجسادنا نُدُوباً
فلن تُسقِطوننا
لو استيقظَتْ كلُّ الغوريلات في أفعالكم وأقوالكم
فلن تُسقِطوننا
فأنتم أتيتم مَهزومين،
وستعودون مَهزومين
* * *
أَقاءَتني قَشّةُ الإله
تلك التي ستُقسِمُ ظهرَ البعيرِ العُثماني
فاعتنوا بالأحياء،
والمُحَمدِلين،
والمُحولِقين،
والمُبسمِلين،
والمُهرولين تحتَ نعالِ المُتأمّعين
فالموتُ استبدادٌ لا يشبع
* * *
أسألُ نفسي:
لما كلُّ مَبادئ صُنّاعِ القرارِ مُخيفة؟
لما كلُّ مَنطقةٍ مَأهُولةٍ يجبُ أن تتحوّلَ إلى ساحة حرب بين الإنجيل والقرآن؟
لما يحلُّ الخرابُ مع ظهورِ صورِ المُتألَّهين؟
لما عُبّادُ الآلهةِ يكرهون النورَ، ويعشقون الظلام؟
لما المكافأةُ تكونُ فرديةً، والعقوبةُ جماعية؟
لما على الفقير أن يتعطّرَ من رائحة بارودكم؟
لما على البواردِ أن يتدفّئوا من مَدافِئ مَدافعكم؟
لما يقدّمون الكوردَ نُذُوراً للصراعات
المَرفوعة،
والمَنصوبة،
والمَجرورة،
وحتّى المَجزومة؟