سيرة البيت إذا تهدمت جدرانه.. إلى عفرين وهي تهجئ الحياة بالزيتون.

حيدر محمد هوري
على جدران بيتنا تركنا أسماءنا،
وخبأنا أعمارنا وأسرارنا.. 
كتبنا عليها ما مسنا من ذكريات، فلا تهدموها.. 
إذا تهدمت
سيختلط كل شيء بدم البيت والحديقة. 
سيخاف كل واحد منا على أسراره وأشيائه..
ها قد تهدم البيت،
وقد حانت ساعة البحث والتعثر بما هو لنا وليس لنا.
إنى أرى ما لا يرى..
– أخي الصغير يفرح بحجر عابر يحمله ويركض متباهياً مستغرقاً في ظنه نحو خراب جديد:
يا أصدقائي..
هنا وقبل عشر سنوات اشترى لي أبي دراجة حمراء..
مازلت صغيراً وطائشاً يا أخي، ومازلت تخطئ في القراءة.
على هذا الحجر، دمعات أمي عندما صارت يتيمة.
 
-أختي الصغرى تبحث الآن، وهي على قلق الخراب والغبار عن رسائل الغرام التي خبأتها في زوايا البيت، تحمل الكثير من الحجارة..
خلسة ترميهم على بقايا بيت الجيران لتخفي أدلة الحب والحنين..
بسيطة مازلت هذه العاشقة الصغيرة، ولا تعرف أنها فضحت أسرار العائلة..
 
-أخي الكبير، لا يهتم بالذكريات..
أخي الكبير يحاول البحث عن اسم العائلة فالأسماء تخلد أهلها..
غير أن الخراب مراوغ جدا، أخشى أن يحمل
حجراً خاطئاً، ويتنكرنا التاريخ كما تنكر لأجدادنا وسيرة شمسنا التي أضاءت ظلام القلوب.. 
الآن على هذا الخراب، نتزاحم في رحلة البحث، نقلب أسماءنا و أعمارنا وذكرياتنا حجراً حجراً، نخطئ حيناً ونصيب حيناً، فالحجارة قد تشابهت علينا.. 
-أختي الكبرى تبحث عن سعادتها في يوم خطبتها، وعن الضحكات التي تسربت في مسامات الجدران، أخشى عليها من سوء حظها، ومن بقايا صوت القذيفة التي رتلت هذا الخراب.. أخشى أن تحمل خطأ أصوات الضحايا أو بقايا الشهداء.. 
-أبي وأمي منذ رحلينا، لا يثقان بالجدران.. أربع سنوات يستجديانها، لكنها خرساء لاترد، وتحفظ كل حنينهم وبكائهم ودعائهم 
أبي وأمي لا يبحثان عن شيء بين الحجارة، يجلسان على خراب البيت يدعوان من جديد:
إلهي.. أمنك وسلامك لأولادنا، فالأولاد جدران البيوت وعمادها 
-أما أنا..
سأخطئ كثيراً أمام الحقيقة..
قد أقول عن أخي الصغير أختي الصغرى، وعن أخي الكبير أبي، وحين أنهي كتابة هذا الخراب سأخطئ اسمي أيضاً وسأكتب:
أسماؤنا
أشياؤنا
أسرارنا
ذكرياتنا
أعمارنا
إذا تهدم بيتنا سنجمعها في اسم واحد وسيرة واحدة..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…