إلى العم «صبري العمري»

كيفهات أسعد
 قبل أن تفسد المحسنات البديعية في مدحك، ستكون بخير أيضاً، 
ذاك القومي بإمتياز المناضل بالفطرة،
السياسي بالوراثة ،
البريء بالجينات. 
علمتَ رفاقك كلهم طرق التضحية،
 ولكنك فشلتَ؛ فشلتَ أن تعلمهم لأن يخطو خطواتك، وأنت تعترف بخطاياك وأخطائك.
أتذكرك الآن، وأنت الستيني – وقتها ـ بشعرك الأبيض وجهك المتعب، تناضل معنا، حين كان  الصديق “ناظم حسن ” مسؤول عنا، وهو يكبر أصغر أولادك بقليل، في الفرقة الحزبية، وكنتُ أصغركم عمراً، حين رحبنا بك
وسألناك: لماذا استقلت من اللجنة المنطقية للحزب، ولم تتابع فيها، وبتّ بيننا، تعمل في أدنى خلايا الحزب؟
قلتَ: أنا أميّ ومعرفتي في الأمور الثقافية ضحلة؟ بدأتُ بالنضال منذ زمن بعيد جداً، يومها كنتُ وكل رفاقنا في نفس المستوى الثقافي والمعرفي، ونتيجة ذاك العمل الطويل، وصلتُ الى اللجنة المنطقية ؛ أما اليوم، فقد كبر الحزب وإنتسب إليه المثقفون والمتعلمون (والمارقون والمتسلقون) ـ هذا من عندي، سؤال واحد جعلني أقدم استقالتي. لم أكن أعرف جوابه
سألني أحد الأعضاء الذي كنت مسؤولاً عنه تنظيمياً،
بتعجب: ماهو!!
-ما رأي الحزب في حركة التحرر في موزامبيق؟ وهل أنا مؤيد لحركة نيكاراغوا؟.
 كيف لي أن أُفهّم هذا الشخص، أني لا أعرف طبخة زوجتي في البيت، وأنا  لا أعرف ما هي موزامبيق واين تقع؟.
***
أفكر دائماً بذلك الصوت المستقر على صوان أذني، والذي أهرب منه لحظة، ويستحضرني لحظات. 
أشكر الصدفة التي جمعتني مع مناضل شهم يعرف حدود قدراته، فعلها كما لم يفعلها أغلب سياسينا الأباطرة، الذين يجمعني مع أغلبهم علاقات شخصية،  إنه العم صبري الذي يشبه الزئبق الأحمر قيمة وندرة،
لا يهمه ما يهم أصحاب المانشيتات الفضفاضة والمتنفذين الذين يذهلونني هم أنفسهم تربوا على أيدي العم صبري ورفاقه الطيبين الصادقين، الذين كان يمدحون بتواضع ويذمون بتهذيب،
كيف لهم أن يغيروا جلدهم كما تغير هواتف الآيفون موديلاته كل سنه، وسعة تخزينه؟.
 شكراً العم صبري الذي علّمتَ الشرفاء كيف يعملون من أجل قضية عادلة، لا من أجل منصب.
“”هامش””
حتى هذه اللحظة لم يلتفت احد من سياسينا المحترمين الى ذاك الجيل من المناضلين بتكريم ولو معنوي بسيط 
بالرغم انهم كانوا الجنود المجهولين  لحماية العمل السياسي في المنطقة .
اشكركم ايها العم صبري واعتذر عن تقصيرنا رغم اني لا امثل غير كيفهات اسعد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال
رستم أغالا فنان كردي كانت منطقة كردستان العراق بوصلته التي تعيده إليها ليساهم في ازدهارها فنيا عبر أعماله ومشاريعه الثقافية والفنية التي تعيد طرح أسئلة وجودية لتجيب عنها بوجهة نظر تفهم الواقع باستعادة التاريخ ورموزه التي تبدو في بعض الأحيان مشتركة بين الشعوب والحضارات.

تذكرت مقولة الكاتب الألماني رودولف أرنهايم (1904 – 2007): “من…

عِصمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

تَرَاءَتْ أَمَامَ البَابِ كَنَسْمَةِ العَبِيرِ

ابْتَسَمَتْ وَقَالَتْ تَنْتَظِرُ

مِنْ زَمَنٍ نَذِير

كَالهَمْسِ قُلتُ لَهَا

أَنْتَظِرُكِ كَالمَوْجِ هَدِير

جَلَسَتْ كَالوَرْدِ طَرِيٍّ

عَلَى أَوْرَاقِهِ نَدًى سَلْسَبِيل

<p dir="RTL" style="text-align: right;"...

قصة: مشعل تمو
ترجمة: ماهين شيخاني

في تلك الغرفة الواسعة , المترامية الأطراف ، كان الضابط يخطو جيئة وذهابا , ومابين كل خطوتين , بثني ركبته اليمنى ويداه متشابكتان , تهتزان خلف ظهره ، ودون أن ينظر إليَّ قال:
– نعلم ماذا تفعلون و ماذا تكتبون ! إذاكان رأسك صلداً فقد كسرنا روؤس أقسى ! إذاكنت عنيداً فنحن…

فراس حج محمد| فلسطين

هذه الرواية من الروايات القليلة التي لم أندم أنني قرأتها، وأنفقت في الاستمتاع بها يومين كاملين، فعلى الرغم من متنها الممتد لأكثر من (350) صفحة، إلا أنها دفعتني للقراءة دون توقف بنسخة إلكترونية، هذا لم يحدث معي سوى في كتب قليلة جداً، أعادتني “صلاة القلق” إلى نفسي قارئا نهماً، قبل أن تصيبني…