المدارس والثقافة العصرية.. الدول تتقدم وتجد بدائل ثقافية عصرية أم تتراجع في زمن الأزمات والثقافة الراكدة ؟

عصمت شاهين دوسكي
كتب الأديب الشاعر والمترجم والرحال بدل رفو هذه العبارات على هذه الصورة ..
(هذه ليست جامعة أمريكية أو أوربية ولا مؤتمرا عالميا !! 
هذه صورة طلبة إعدادية ، باعذرة..مدينة صغيرة ايزدية بالقرب من قريتي الشيخ حسن وأكثر طلبة قريتي فيها وهي مزيج من طلبة القرى والأرياف ..في كل رحلة لي محاضرة لمدة ساعة كاملة حول الطلبة والثقافة والمستقبل ..في النمسا المدارس تدعوا كبار الأدباء والفنانين للتحدث للطلبة عن تجاربهم ويلبون الدعوة بسرور..نقاشاتهم أعجبتني وهدوءهم ساحر ..صور تتحدث عن نفسها بكل بساطة..!! ) . 
ولكوني حضرت المحاضرة الأدبية مع الأديب المغترب في النمسا بدل رفو  خلال وجوده في دهوك وفي منطقة باعذرى لفت نظري اهتمام المدرسين والطلاب الموجودين في الصورة ، فالمدن والأمكنة تفتخر بأدبائها وعلمائها ومفكريها وهذا ديدن باعذرى ونشاط الأستاذ خلات باعذرى مدير إعدادية باعذرة الذي يحب بجهده الشخصي أن يعرف طلابه مدى أهمية تجارب الأدباء والمفكرين ليكونوا مثالا على ارض الواقع وقريب منهم وصورة مشرفة للبلد والمكان وذو فعل مؤثر في قلوب وفكر وإحساس الطلاب .
فوجدت طلاب جامعة وليس إعدادية بتصرفهم وسلوكهم وأخلاقهم الجميلة و كيفية طرح أسئلتهم  المهمة التي كانت تجسد مدى الوعي والمعرفة واللهفة في معرفة المزيد ، كانت أجواء راقية نادرا ما أجدها في عالمنا هذا ، الذي يحيى تحت ثقافة راكدة لا تبتعد عن الكرسي الثقافي الجامد كأنه مشلول في زمن عليه أن يكون نشطا خاصة في الأزمات التي تمر بالبلد ، في الستينات كانت المدارس والاعداديات والمعاهد والجامعات تستضيف بين فترة أخرى أحد المفكرين والأدباء ليقدم أمسية ثقافية للطلاب وتجربته الخاصة في الأدب لكي يفتح آفاق المستقبل في فكر وأحلام هؤلاء الطلاب ، لا أدري لماذا اختفت هذه الظاهرة الثقافية وضعفت في زمن الحرية والديمقراطية وزمن حقوق الإنسان ؟ الدول تتقدم وتجد بدائل ثقافية عصرية أم تتراجع في زمن الأزمات والثقافة الراكدة ؟ أرجو أن نفهم مقومات الثقافة كما هي ونعرف كيف نضع خطط منهجية لتطور الثقافة من الحضانة والروضة والمدارس والمعاهد والجامعات ونلبي حاجات المجتمع الفكرية الذي يتطور ويتغير إذا أردنا البلد يتقدم ولا يبقى راكدا نائما مع سراب الأحلام  ونتحجج من أي نشاط ثقافي على شماعة الأزمة المالية أو الاقتصادية أو السياسية أو الإدارية وما إلى غير ذلك من الأزمات التي أغلبها تضعف كاهن الإنسان ولا أدري هذه الأزمات التي تكون عبئا على الفقير والإنسان البسيط  مصطنعة أم حقيقية خاصة فترتها تطول بشكل غير منطقي ، في الدول المتقدمة الأزمات تطوق لفترة زمنية قصيرة ويجدون لها البديل في نفس الوقت ،لكن أزمات تمد بلا زمن وبلا بدائل شيء محير وكأنها أزمات مصطنعة لزمن غير محدود ، دمت راقيا أستاذ خلات باعذرى مع الأساتذة الذين معك ومع الطلاب الذين رأيت في عيونهم مستقبلا واعيا مميزا ، ودامت رحلاتك وخبرتك في الفكر والحياة صديقي الأديب المبدع بدل رفو … وأرجو أن تتكرر مثل هذه الأمسيات واللقاءات الأدبية … ليس في باعذرى فقط بل في كل مكان …فالثقافة الإنسانية العالمية ليس لها حدود وقيود ، فهي تشمل الجميع .


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…