إبراهيم اليوسف يوثّق مآسي الإيزيديين

بعد نحو عشرين كتاباً في الشعر والقصة والنقد والبحث، يواصل الكاتب إبراهيم اليوسف مسيرته الإبداعية من خلال رواية جديدة بعنوان «شنكالنامة» (دار أوراق، القاهرة)، وهو يعني بالكردية «رسالة سنجار». ويأتي هذا العمل بعد روايته الأولى «شارع الحرية» (2017)، والتي اعتُبرت إحدى روايات مرحلة ما بعد الثورة السورية.
 
في «شنكالنامة» يرصد اليوسف جرائم تنظيم داعش، محاولاً -على لسان أحد رواة العمل- التواصل مع كل من يعرفهم من الإيزيديين، بعيد غزو سنجار، سواء أكان ذلك في سنجار- شنكال أو خارجها، ومن بين هؤلاء فنانة تشكيلية تعرف إليها في ثمانينات القرن الماضي في دمشق، ورسمت له غلاف مجموعة قصصية من دون أن يعرف أنها شقيقته في الرضاعة.
 
تستعرض الرواية لحظة حدوث جريمة الغزو الداعشي على الايزيديين، حيث تمّ ارتكاب مجازر ضد الرجال والشباب، ثم دُفنوا في مقابر جماعية، فيما تعرضت النساء للسبي، وعمد التنظيم إلى بيعهن وشرائهن في أسواق النخاسة في الموصل والبوكمال والرقة وغيرها من المناطق التي تم احتلالها. وتتوقف الرواية أيضاً عند تدريب الأطفال على أعمال العنف، ليتم استخدامهم في تنفيذ تفجيرات في أوساط المدنيين العزل الأبرياء.
تكاد تكون هذه الرواية سجلاً لعذابات الإيزيديين، منذ لحظة غزو مكانهم، والسطو على بيوتهم وممتلكاتهم، وسبي حرائرهم. وتصوّر أيضاً رحلة هروبهم متحملين حرارة شهر آب في العام 2014، متوجهين إما إلى بعض قرى إقليم كردستان ومدنه الآمنة، أو إلى المناطق الكردية في سوريا. وثمة مشاهد وأحداث بالغة القسوة تستعرضها الرواية على ألسنة الضحايا، سواء أكان ذلك متعلقاً بالمجازر أم عمليات الذبح والحرق أم الاعتراف بالانتهاكات الجنسية.
 
كُتبت الرواية بلغتين: إحداهما تستعيد اللغة الشعرية الصوفية، وذلك في الفصول التي تتناول أساطير الإيزيديين، ولغة تقريرية عند رصد اعترافات الناجيات والناجين، وذلك ضمن معادلة فنية للتواصل مع القارئ، إذ يختلط الخيال بالواقع، ليكون كل ذلك داخل  عمل يؤرخ فنياً لحادثة قاسية استهدفت فئة من الكرد، في إطار السعي المنظم لانقراضهم بعد سلسلة المجازر الأربع والسبعين التي تسجلها مدونة تاريخ الكرد الإيزيديين.
 
وتكاد تكون الرواية مرافعة عن الكرد الإيزيديين في شكل عام، حتى خارج هذه الواقعة الأليمة، إذ تؤكد أن أحداثها امتداد لسلسلة عذابات الإيزيديين في المنطقة، بعدما تم تهجيرهم من مناطقهم، ووطنهم، من دون أن يفلح غزاتهم في سلخهم عن معتقداتهم وقناعاتهم، التي ظلوا يذودون عنها عبر التاريخ، وجاء تنظيم داعش ليستكمل تلك المهمة أمام أعين الجميع.
 
ابراهيم اليوسف صحافي وشاعر كردي سوري، وقد كتب النقد الأدبي والقصة القصيرة في ثمانينات القرن الماضي، واهتم منذ بداياته بطقوس الإيزيديين وعوالمهم، وهذا ما استثمره روائياً في عمله الجديد «شنكالنامة».
 
جريدة الحياة
http://www.alhayat.com/article/4590847/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88-%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-%D9%8A%D9%88%D8%AB%D9%82-%D9%85%D8%A2%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%8A%D9%86


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…