ركام الشموع، وجوه موتي الكثيرة

أفين إبراهيم 

أحمر الورود مزرق دمه …
قلوب المدينة على أصابعي يتيمة…
روحي قطع من الماء الطافح على سطح شارع طويل …
يمسك السراب من قدميه..
ويهز أطفال جمدهم البرد..
انثر فتات ريشي للصباح .. 
تتبعني العصافير و صوتك . .. 
يا حب ..
قل للنوارس اني حزينة..
قل للحمامة اني عالقة ..
عالقة حتى عنقي في زيت الموت ..
زيت هذا الموت الكثير … 
يا حب ..
قل لحبيبي أن كل شيء يبدو فارغاً .. ..
أجنحة الفراشات …
صناديق الليالي المتعبة….
ورئتي المحشوة بثلجه على حافة الطريق ..
أقداح الخير النصف ممتلئة …
عويل الذئاب في حنجرتي ..
و دوائر الحليب على صدري اليابس…
كل شيء يبدو فارغاً..
عيون الأحصنة المهاجرة نحو الشعر …
و معطف الدموع في جيوب ملحه الحزين…
قل له يا حب ..
اني خائفة..
خائفة جداً ..
و أرتجف..
أرتجف كلما فكرت..
كيف سأملأ صدره الحافي بخطوات الحمام وصهيل الضوء وقلبي ..
كل قلبي ليس سوى شمعة..
شمعة متعبة على حافة الورق..
كيف سأعقد الفرح على لسانه وأهز شفتيه ليسقط النحل ..
كيف وفمي الليلة مشنقة ..
مشنقة مقطوعة خذلتها مقاعد الغابة فقررت ذبح الأشجار والمصابيح والشعر من الوريد إلى الوريد…
كيف سأفك أزرار النور على ظهره و أحرر رجالاً سجنتهم في شامته ..
كيف وظهري الليلة مكسور…
مكسور يا حب…
كيف سأمشي على الماء بأقدامه الخشبية و يد الفأس ليست سوى ماء..
ماء مر يسقي حزني وحزنه…
. كيف سأبتلع الغصة و وجهي موشوم على ريق قلبه الجاف..
كيف سأحمل جثث القصائد..
لوعة الحريق..
توابيت النجوم ..
أمل الرماد…
كيف وأكتاف أبي ..
أبي الطيبة تحت التراب…
كيف سأطوي طواحين الفجيعة و أصابعي ..
أصابعي ليست سوى ريشة مبتورة تحاول النهوض بروحه فتسقط المرة تلو الأخرى مختنقة بالهواء..
كيف سأمد يدي إلى قلبه ..
كيف دون أن يقتلعه كل هذا الفيض الذي أورثني إياه والدي ..
هذا الفيض المخيف ..
المخيف جدا من الحنين..
كيف سأنقذ وجه أبي البارد من كل هذا الوحل العالق في روحي ..
كي اصعد ثانية صدر المطر على كفه وأنا صافية ..
صافية كقطرة ماء…
قل له اني لم أعد أخشى وجوه الموتى …
أنا فقط أبكي ..
.أبكي كلما تذكرت صوت أبي البارد ..
كلما ناديته يابووو و لا تجيب..
ولا تجيب يا حب..
قل له يا حب ..
أن الآلهة ..
حتى الآلهة في لحظة حزن تحتاج لحبيب…
قل له أن الموت سهل ..
سهل جدا يا حب ..
لا يحتاج سوى لأربعة أكتاف تحمل النعش وقطعة قمش بيضاء صغيرة..
لكن المرعب يا حب..
المرعب ..
أن أموت هكذا على قيد الحياة…
أن أرى الجدار جداراً ..
والأشجار أشجاراً..
دون أن يكون قريباً من ارتعاشي ..
دون أن يفكر بحضن طفلة خائفة…
أن أتحول إلى ذئبة شريرة ..
شريرة جداً يا حب ..
دون أن يفتح فم قلبه ليخلصني.
………………..
7/1/2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…