جوان ميراني دعك قليلاً ياصديقي..!

إبراهيم اليوسف

اليوم، أبلغني الزميل سليمان كرو، بأنني  تأخرت عن موعد كتابة”زاويتي” التي خصصها لي، هنا، في هذه الجريدة، وأن علي أن أوافيه بها، في الساعات القريبة المقبلة، فوعدته خيراً، ورحت إلى”مكتبي” وأنا أفكر باختيار عنوان لهذا العمود الصحفي، ورحت أتصور طبيعة المادة التي سأنشرها فيه، خلال كل عدد، وبينما وقع اختياري على هذا التسمية الأخيرة ” تلويحات”،  حاولت أن أسارع إلى صفحتي الفيسبوكية كي أعلمه بذلك، بيد أنني لم أصدق عيني، وأنا أجد صورة الصديق جوان منشورة في بروفايل أحد أصدقائي، ومعها نعوة رحيله.
رحت أعيد قراءة الخبر، مرات عدة، بل تذكرت أسماء بعض أصدقائنا المشتركين، وأسرعت للبحث عن صفحاتهم، فوجدت الخبر مكرراً على صفحات أكثر من  واحد منهم، لأتأكد  وبكل أسف أن حادث غياب صديقي جوان حقيقي،  وصرت أعيد صورة  هذا المثقف الوديع في ذاكرتي، من خلال أكثر من لقاء تم في”هولير” خلال السنوات الماضية، وكيفية استقباله لي في كل مرة،  وطبيعة الحوارات الدائرة بيننا، ومنها ما هو موجود خلال  باب الدردشة في بروفايلي الشخصي الذي يحتضن اسمه ضمن قائمة أصدقائي.
وحقيقة، فإن جوان ميراني الذي راح يحدثني عن بعض المقالات التي كنت كتبتها، منذ سنوات بعيدة، وكان يعيد نشرها في المجلة التي كان يعمل فيها، نظراً لاعتبارات كان يرتئيها، من جهته، في مثل هذه المقالات، منطلقاً بذلك من إخلاصه لموقفه الذي يتبناه، ولرسالة الإعلام، وهو ما وجدت فيه تكريماً لمقالاتي التي نشرها في هذا المنبر، بعد أن رحت أكتب في إعلام” الإقليم”، ولاسيما في كل من جريدة” خه بات” التي عملت كمراسل لها، في فترة ما، وهكذا بالنسبة إلى مجلة” كولان العربي” التي كانت لي فيها صفحتي، خلال مدة زمنية محددة، ولم أنقطع عن الكتابة فيها، إلا عندما تم حظر توزيعها- كما يخيل إلي- وكان لها حضورها الكبير في المشهد الثقافي الكردي، واحتضنت الكثير من”الأعمدة” و” المقالات” والحوارات التي أجريتها مع عدد من الكتاب والمبدعين.
لم يرد ذكراسم جوان ميراني أمامي، في مرة ما، إلا و رافقتها في مخيلتي بعض تفاصيل هذه الصورة، من : النبل، والشهامة، والأخلاق، والقيم، والبراءة، والطيبة، والصدق، والمبدئية، حيث أن الفترة الزمنية الطويلة التي ابتعد فيها عن مسقط رأسه في ريف ديركا حمكو، لم تغير من روحه، وجوهره، وظل ذلك الودود، النقي، الشفاف، الذي ما إن التقيته حتى يستشعرك  أن بينكما قرن من  العلاقة، والمعرفة، بل لقد كان من هؤلاء الذين لايترددون عن خدمة أهلهم، يترجم عواطفه الوطنية، والقومية، والإنسانية، على نحوعملي.
وداعاً، صديقي الوفي جوان ميراني، لقد جاء رحيلك وفي ذكرى انتفاضة أهلك الآذارية- أجل في شهر آذارنفسه وعلى مقربة من نوروز..!- وفي هذه الفترة الأكثر إحراجاً في تاريخ شعبنا الكردي، من الأطراف كلها، وما داعش إلا أحد وجوه هذا الحقد الذي  يخصص لنا منه  جرعة عالية، وإن كان شعبنا الكردي قد واجهه في أكثر من عنوان، كي يلحق به الهزيمة إثر أختها، على أمل أن تزال هذه الفقاعة عما قريب، على نحو نهائي، بعد أن أدرك العالم كله  درجة وبائيته العظمى عليه، بل على الحياة، والإنسان، والجمال، والقيم، باعتباره أحد معطيات ثقافة القبح البائسة.
وداعاَ، يا صديقي النبيل، الحنون، جوان، أشهد،  أنك قد تركت أثرك الطيب في  نفوسنا، في نفوس من حولك، من أصدقائك، وزملائك، وسنظل نتذكرك، ونحن نواصل حمل الرسالة التي جمعتنا.، مهما كان ثمن ذلك.
وتلويحة لك
عزيزي كاك جوان
وإلى أن نأتي نخبرك بهزيمة الإرهاب من بلدنا، ووطننا، ومنطقتنا، والعالم كله
وإلى أن نأتيك بالبشائر العظمى التي طالما انتظرتها…
13-3-2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…