صراع الديك والدبيكة.. اتحاد كتاب الكرد في سوريا ولادة من الخاصرة

جوان حسين

ولكتاب الكورد في خلقهم شؤون، و شأن أغلبهم وليس أقلهم، شريعة فرعون في فكره، حين يريد أن يكون فيكون اول واخر، و الظاهر والناطح، وليس بعده في فنون العلم و الكتابة مثيل، يقينه أن الكون اجتمع في علمه و أن السحر و ابداع ينبع من ثورة قلمه، و على الشعب الذي خرج توا من كفن الاستعباد و عباءة العشيرة أن يؤمن بعقله و أفكاره، و أن يتوكل عليه في شؤون حياته، نه يرى في نفسه أنه شعلة الوطن، وطريق النجاة من كل شر، و ضمير امة التي عانت من شرور نفسها، و شر العالم قرونا و قد نسي أغلب كتابنا في غفلة صراعهم وتناطحهم أن ضميرهم أصبح في خبر كان، و شربوا في النهاية من خمرة احزاب السوبركرتونية، ليكونوا نسخة مهجنة بامتياز عن أسيادهم الأحزاب أو مرآة صادقة لداء عفن التملك وحب الكرسي والشهرة،
 وجع الشعب الذي كان في مصيبة أحزابه وقادته، فصار في مصيبة كتابه وإتحادهم الذي ما لبث أن يولد مؤتمره التأسيسي حتى اطلقت عليه رصاصة الانشقاق والتكتل، و السير على تراث ساسة احزاب ونهجهم في التمسك بالكرسي و المنصب، و من يقود معشر الكتاب حتى لا يغرق مركب اتحادهم في بحر حزب من الاحزاب، و حتى لا يفقدوا ضميرهم في مزاد المزايدات.
و في حين أن كل طرف من أطراف اتحاد كتاب الكرد في سوريا ومن يقف في صفهم، يدعي لنفسه بالشرعية وبأنه الوجه الناصع للإتحاد، ويكيل الطرف الأخر بجملة من الاتهامات ذات العيار الثقيل، يفقد الاتحاد يوما بعد يوم وجهه الذي كان يفترض أن يكون ناصعا، وضميره الذي كان يفترض أن يكون حيا، مع تزايد و تورم الخلافات والمهاترات حدا بلغ الاساءة و العناد المرضي الذي لا يليق بأخلاق الكتاب الحقيقين، و لا يمت الى الأدب و أصالة التراث الكردي بصلة، سوى عنجهية قلة قلية و تمسكهم بأرضية ” يا انا أو لن أقبل ” 
حتى وصل امر بالاتحاد الى الحضيض وضاع هيبته في نظر الشارع الكردي، رغم المساعي الجادة والمحاولات الحثيثة من كلا الطرفين و تدخل طرف ثالث خارج إطار الاتحاد لتقريب وجهات النظر، و احتواء خلافاتهم، الا أن هذه الجهود التي يلفها الشك والمماطلة، مع تشبث كل طرف بحقه المزعوم وعدم الامتثال لقاعدة المسامحة ونبذ الماضي، كلها باتت تؤدي الى نفق شبه مسدود، و طريق غير سالك لجمع شمل كل الكتاب في اتحادهم ام، فالسير على نهج السياسة الخاطئة ودق إسفين في الطرف اخر ما يزال الهدف المنشود لكلا الطرفين، و آخر حروبهم الاعلامية ما شهدناه من اتهام كل طرف للأخر في الاتحاد المسكين، وتبادل البيانات الكيدية على أثر من تسبب في نسف المهرجان الشعري عن المقاومة، و كأنها حرب البسوس أو داعس والغبراء، في الصراع على الوجود، و من يستطيع أن يلحق الفشل بالأخر فقد كسب معركة البقاء، واستطاع أن يشوه صورة عدوه بأسفينه، وقد غاب عن ذهنهم وضميرهم قول المقنع الكندي حين قال في بني قومه ” إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم، و إن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا ولا احمل الحقد القديم عليهم ، وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا “
       لكن معشر كتابنا الذين لا يتجاوز سقف عددهم مئة واربعون كاتبا في مدينة يفوق عدد سكانها خمسمئة الف نسمة قد برهنوا لقومهم و للتاريخ أنهم اعجز من أن يكونوا ضمير شعبهم عكس ما كتبوا في شعاراتهم بأن الكاتب ضمير شعبه، في وقت نحن أحوج فيه الى كتاب حقيقيين أمثال بوشكين الذي أشعل ثورة اليونان بأشعاره ولم يفكر يوما بوسام أو كرسي و طاولة ، او لوركا الاسباني الذي الهب شعبه بكتاباته ولم يطلب منصبا يوما حتى أبى الا أن يموت بين أهله. 
فهل يعود كتابنا الى ضميرهم الحي، وينبذوا خلافاتهم جانبا، و يثبتوا لقومهم أنهم أكبر من أخطاء الماضي بعقولهم وثقافتهم، ثم يمتثلوا لقول الرافعي ” كلما ازددت علما صغرت أمام نفسي ” 
أم أن كتابنا سيرقصون طويلا رقصة الديك المذبوح بسكين الدبيكة كما اعتاد شعبنا أن يرقص على إسفين أحزابه السوبركرتونية.
جوان حسين(كردي)
كاتب ومخرج كردي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…