الأميرالشهيد عبد الرزاق بدرخان وتأسيس الجمعية الثقافية (كيهاندن) وافتتاح أول مدرسة كوردية في خوي

كونى ره ش

 نتيجة تطور الاحداث في نهاية
عام (1912 وبداية 1913 ) في غرب الإمبراطورية التركية, وبعد هزيمة تركيا مع شعوب
الصرب، وإرغامها على سحب قواتها من الأراضي الإيرانية طرأت بعض التغيرات على
السياسة الروسية في كوردستان، إذ كانت تعمل بحذر في ايران قبل نهاية 1912، ومن اجل
كسب زعماء الكورد إلى جانبها في تنظيم حراسة مشددة على الحدود التركية –
الإيرانية,  وتم الاعتماد بشكل أساسي على الزعماء الكورد الذين تميزوا بمناصرتهم
للروس، حيث فسحوا المجال لهم لنشر الثقافة الكوردية، ونشر التعليم بين الشباب
الكورد، نظراً لأن عبد الرزاق بدرخان كان يعتبر اللغة والأدب عاملين فعالين لصيانة
العادات والمشاعر القومية.. 
   ومع بداية عام 1913 أسس أول جمعية ثقافية كوردية بأسم (كيهاندن) في مدينة (خوي)
في ايران,  بدعم ومساندة قوية من (سمكو آغا الشكاكي), وانتسب إليها الكثير من
الأغنياء الكورد واصحاب النفوذ، ومن أهم أهداف جمعية كيهاندن:
1-إنشاء أبجدية
جديدة للغة الكوردية على أساس الحروف الروسية.
2-فتح المدارس الكوردية في مدينة
(خوي) وبقية المدن الكوردية في إيران.
3-اصدر المجلات والجرائد باللغة
الكوردية.
4-إرسال الشباب الكورد إلى روسيا لمتابعة الدراسات التخصصية .
    ولم تكن أهداف الجمعية (كيهاندن) تنحصر في هذه النقاط اللغوية فقط بل كانت تتعداها
إلى التقارب الروحي بين الكورد والروس. وفي شباط 1913 طلب الأمير عبد الرزاق بدرخان
بأسم الجمعية (كيهاندن) من الحكومة الروسية ومن خلال قنصلها في مدينة (خوي) من
إرسال المستشرق والمستكرد الارمني –  الروسي (يوسف أبكار وفيج أوربيللي) إلى
كوردستان لأجل وضع قواعد اللغة الكوردية, وتأليف قاموس كوردي – روسي، وترجمة
الأدبيات الروسية إلى اللغة الكوردية, كما طالب بفتح قسم كوردي في معهد الاستشراق
في مدينة ( بطرسبورغ ) الروسية. وكما هو معروف ان (يوسف أبكاروفيج أوربيللي: 1887 –
1987), أحد العلماء رفيعي الشأن الذين احبوا الشعب الكوردي من أعماق قلوبهم، وقد
اهتم بإخلاص بالدراسات الكوردية, ولاحقاً تم افتتاح القسم الكوردي في المعهد
المذكور بناءً على طلب وتأثير عبد الرزاق بدرخان. 
   ولتمويل البرنامج التعليمي
للجمعية (كيهاندن) رأى الأمير عبد الرزاق بأن تقوم الجمعية بجمع الضريبة الدينية
(الزكاة) من السكان، وكان صديقه سمكو آغا هو الذي قام بهذه المهمة, والسكان دفعوا
بطواعية وسخاء لأنهم كانوا على علم بأهداف الجمعية ومحاسنها. ومع حصول الجمعية على
بيت كبير من اجل المدرسة مع فناء لاجل حديقة وتجهيزها على غرار النموذج الأوربي،
حيث خصص غرفة للمعلمين وجهز بمطعم يستقبل (30) طالبا, ً وصيدلية ومستوصف تشرف عليها
ممرضة ومولدة روسية تتقن اللغة الكوردية.
   وفي 22 تشرين الأول 1913، تم افتتاح
المدرسة رسمياً بحضور قائد القوات الروسية الجنرال (فيسيلوفسكي) وقادة بعض القطاعات
الروسية في إيران ومحافظ المنطقة، بالإضافة إلى  بعض البكاوات والاغوات الكوردية,
في البداية احضر سمكو اغا (29) طفلاً كوردياً مصطفين اثنين مرتدين ثياباً أوربية
جديدة موحدة وقبعات بيضاء يحرسهم أربعون حارسا من حراس الشرف لدى سمكو آغا مجتازين
مدينة خوي إلى المدرسة وسط جمهور غفير من أهالي  المدينة.. وبدأ الاحتفال بالآذان
الشريف الذي تلاه شيخ المدرسة، ثم ألقى سمكو آغا كلمة شكر مدح فيها القيصر الروسي
على مساعدته الطبية..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

ألوان ملهمة للمزيد من الإبداع
تحظر الأوطان في أغلب أعمال الفنانين التشكيليين، حتى وإن كان حضورها باهتا ونادرا، لكن الوطن بالنسبة إلى بعضهم هو الملهم الأول والأخير، تسحرهم طبيعته وتفاصيله، فينذرون أعمارهم وموهبتهم لإعادة تصويرها في لوحات تخلد ذكراه وتنقل جمالياته نحو الآخر الذي يعيد اكتشاف البلدان في عيون أبنائها.

يرتبط الإنسان بالمكان الذي جُبِل…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَرُ الكاتبُ الرُّوسِيُّ أنطون تشيخوف ( 1860 _ 1904 ) أعظمَ كاتب قِصَّة قصيرة في التاريخ . كَتَبَ المِئات مِنَ القصص القصيرة التي اعْتُبِرَ الكثير منها إبداعات فَنِّية كلاسيكيَّة ، كَمَا أنَّ مَسْرحياته كانَ لها تأثير عظيم على دراما القَرْنِ العِشرين ، وَتَعَلَّمَ مِنها الكثيرُ مِنْ كُتَّابِ المَسْرحيات المُعاصِرين .

فراس حج محمد| فلسطين

يختزن الذكاء الاصطناعي معلومات ذات قيمة دلالية في التعريف بالأشياء أو الأفكار التي يريد المستخدم البحث عنها، وفي تطوّر إيجابي فإن أول النتائج التي تقفز أمام المستخدم/ الباحث تَصوّر الذكاء الاصطناعي عن هذا الأمر المبحوث عنه، فيقدّم خلاصة نافعة مع مجموعة من الروابط التي تحيل إلى المصدر.

لم أنشر من كتاب “الإنقاص البلاغي-…

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…