إلى شبال في يوم عيده …

روني علي

هنا ..
على هذه الخارطة، نبحث عن أجمل الجمل والتعابير لنرثي .. لنرمم القبح .. لنعيد صياغة الانكسارات في صورة الانتصارات .. لنهاجم الخصم، بل لنصنع منه نداً حتى لو كان من العدم، كي نبرر للكر مراده، وإذا ما تمخصت المعركة عن فر، فالعذر في ذاك الخصم الجبار..
هنا ..
على هذه الخارطة، لا مساحة للحي بين الكلمات، ليأخذ نصيبه من القسطاس، ليرى محصلته في مدرسة الحياة ..
 فكل حي عندنا هو العدم، إذا ما اختلفنا وإياه حول رؤية أو موقف، حتى لو لم ندرك الموقف نفسه … المساحات هنا للموتى .. هم وحدهم من ينالون شرف التبجيل والتمجيد .. من كان بالأمس في عداد الطابور الخامس سيتحول لا محالة إلى صنديد عند من وضعه في ذاك الطابور … ولا ضير من ذلك، لكن لماذا لا تنتابنا القشعريرة حين نمجد مواتنا بنفس القلم وبنفس الحنجرة التي كنا نتهكم منه وهو على قيد الحياة …
هنا …
على هذه الخارطة، أتذكر جيداً ما كان الوصف لصديق شطر من عمر النضال، المشعل الذي لم ينطفئ، وكيف تحول ذاك الوصف حين ودعنا، من أناس نخجل أحياناً من وضعهم في خانة الإنسان احتراماً للإنسانية … وعلى المنوال ذاته قس الأمور والمسائل ..
كل هذا عزيزي .. كل هذا التوتر في الكلمات، وأنا أتذكرك في آخر أيامك وأنت طليق مقيد الحرية، أتذكرك ككتلة ملتهبة من آلام وأوجاع، تبحث عن فسحة لترجم فيها إبليس الهوان على الصراط اللا مستقيم، ولتنحر نعيق الذلة على صرخات الشباب، وأنت … أنت بعنادك المتهور، تحاول أن تشق الطريق لصعود الشمعة إلى شمعدان الحرية .. أتذكرك ونحن لم نتفق، لأن لكل منا رؤيته، لكنني لابد أن احترمك لأنك دفعت من أجل رؤيتك مسحة التعتيم من على خاصرة تاريخ، خاض المعارك دون أن يمسك دفتر الحساب، ويراجع جدولة النتائج، على مبدأ ابسط تاجر في سوق العطارين …
لك … ومن خلالك إلى كل من يستهويه الحلم في أن يرى النور في عليائه، والكبرياء في ساحات بلاده، كل التقدير والتحية … فكل عام وأنتم على نسمات الحرية عازفون .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

يا عازف العود، مهلا حين تعزفه!
لا تزعج العود، إن العود حساس..
أوتاره تشبه الأوتار في نغمي
في عزفها الحب، إن الحب وسواس
كأنما موجة الآلام تتبعنا
من بين أشيائها سيف ومتراس،
تختار من بين ما تختار أفئدة
ضاقت لها من صروف الدهر أنفاس
تكابد العيش طرا دونما صخب
وقد غزا كل من في الدار إفلاس
يا صاحب العود، لا تهزأ بنائبة
قد كان من…

ماهين شيخاني

الآن… هي هناك، في المطار، في دولة الأردن. لا أعلم إن كان مطار الملكة علياء أم غيره، فما قيمة الأسماء حين تضيع منّا الأوطان والأحبة..؟. لحظات فقط وستكون داخل الطائرة، تحلّق بعيداً عن ترابها، عن الدار التي شهدت خطواتها الأولى، عن كل ركن كنت أزيّنه بابتسامتها الصغيرة.

أنا وحدي الآن، حارس دموعها ومخبأ أسرارها. لم…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

فَلسفةُ الجَمَالِ هِيَ فَرْعٌ مِنَ الفَلسفةِ يَدْرُسُ طَبيعةَ الجَمَالِ والذَّوْقِ والفَنِّ ، في الطبيعةِ والأعمالِ البشريةِ والأنساقِ الاجتماعية، وَيُكَرِّسُ التفكيرَ النَّقْدِيَّ في البُنى الثَّقَافيةِ بِكُلِّ صُوَرِهَا في الفَنِّ، وَتَجَلِّيَاتِها في الطبيعة ، وانعكاساتِها في المُجتمع، وَيُحَلِّلُ التَّجَارِبَ الحِسِّيةَ، والبُنى العاطفية ، والتفاصيلَ الوِجْدَانِيَّة ، وَالقِيَمَ العقلانيةَ ،…

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…