إلى من تقاسمنا العشق في صندوق حديدي … إلى شريف أبو زيد

  روني علي

  كلمات هي ككل الكلمات .. لكن المقام ليس ككل المقامات … صديق وعزيز وأخ وشريك، في دائرة كنا نتقاسم شطآنها وخلجانها، نفرح فيها من الألم، ونجاري القبح بجماليات الشفق الذي لم نكن نرسم له في مخيلتنا حكايته .. نسام من تكرار اللعب مع الزمن .. فكنا نلعب على ابتسامة طالما كانت مرسومة على شفتا صديقي، بل كانت تلك الابتسامة عنواناً وماركة مسجلة باسم صاحبها .. إنه أبو زيد ..

  لو قدر للجمال أن يستوطن روحاً، فكان صديقي يحتل المركز الأول منه، دون مجاملة، بشوش كما عرفته، متواضع بقلب يحمل طيبة الواثق من ذكائه … لم أنسى ولن أنسى، وكيف أنسى تلك الذكريات التي باتت جزءً محورياً في ذاكرتنا، وأن كانت مثقوبة بفعل التاريخ والجغرافيا ..
  آلمني الفراق الأول لأجمل اللوحات التي علقت في ذاكرتي، حينما ودعنا من كان نقطة التمحور بيننا في شحن الهمم، فراق الغالي “أبو لورين ” والآن، ويبدو أن ذاكرتنا الحزينة ستقبع كما نحن، تحت وطأة اللا فرح، حين تسقط وعلى غفلة منا لوحة أخرى بقدسية جمال الأولى … لكن هي سقطات ليست إلا، سقطات من المرئي فينا، لكنها ستبقى … نعم ستبقى تناجي وتدغدغ القابع في مخيلتنا، كلما كان لنا مع الحياة موقف … لأنهم هم … هم الذين سطروا الموقف حين كان الموقف يتطلب بأساً وروحاً يجسد الحب لزنبقة وصدى الجبال والوديان في مواجهة السوط وبساط الريح وتلك الأبواب المقفلة بالسلاسل..

لك صديقي من شرفة تراكم عليها الغبار .. ومن حضن استوطن فيها شرانق وهلوسات دخيلة، نسمات عشق سرمدية، وبضع قطع من قوس قزح، ذاك الذي كنا نتخيله عبر ما كنا نسميها بالفسحة، إلى روحك الذي لم ولن يهدأ، طالما هناك في الأرض ما اعتدنا عليه بفعل القهر والاستبداد، طالما بقي القهر يسرق الابتسامة من وجوه أطفالنا وأخاديد الفتيات، اللواتي حلمن في السر والعلن الرقص على أنغام وطن بمساحة الحلم – الأمل وبامتداد الهواء أينما حل وارتحل …
لك البقاء في ذاكرتنا خالداً، والخلود في مثواك … ولأهلك ومحبيك ورفاقك الصبر، والتمسك بالقيم التي ناضلت من أجلها …

 رفيق عشقك روني علي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…