سأحتفل بذكراك أيها البلبل الحزين

د. آلان كيكاني

في ذكرى غيابك يا أبا فلك , سأزين داري بالورد والزهور , وأرشه بالطيب والعطور , وسأدعو أصدقائي إلى سهرة عامرة , وسأجلب خمراً وأربع وستين شمعة لأحتفل بميلادك الرابع والستين ضارباً بالعرف والتقليد عرض الحائط …. مالي وللناس إذ  يعتبرونك راحلاً ويبكون عليك في ذكراك .
فها أنت تصدح أمامي أيها البلبل الحزين بصوتك الجميل

وها أنت أيها الحسون الوديع تشدو بلحنك البديع 

وها أنت تغرد بألحان عذبة , أيها العندليب الكئيب , كأنها نزلت من السماء لبهائها وروعتها معلماً وأستاذاً تعلمني كيف للحب أن يكون , وكيف للتضحية والفداء أن يكونا .

 لم تمت , يا أبا فلك , فالعظماء لا يموتون , هم ينتقلون من دار إلى دار ولكنهم يبقون أحياءً ما دامت الخليقة .
أسمعك .
تترنم : دنيا بو بهار خناف هاته خوار ……  وتأتي الترنيمة بردأ وسلاماً على المسامع في وقت اعتادت هذه المسامع على السم والذيفان المنبعث من قنوات تبث كل لحظة أخبار الموت والدم في ربوع الوطن المصاب بكارثة مزمنة … تأتي الترنيمة لتملأ القلب أملاً في أن الربيع قادم متسللاً من بين ثنايا هذا الشتاء القارس .
تغني : دمي من تو ديتي نسرين هردو جافين تى ره ش دكرين …….  فتنهمل الدموع من عيني على نسرينٍ لا تزال تئن تحت وطأة الجور والظلم ويرعى عليها ألف تيس قبيح المنظر , عفن الرائحة  .
تغرد : أي لي كلي كلا مني شيرينا لبر دلي منى …..  فتهلب قلبي حزناً ولوعة على آلاف الأزاهير تركتها خلفي , وأبى القلب أن يتركهن اعترافاً منه بالإدمان عليهن .
تشدو : أي فلك بو ته دنالم بو جي نركز جلمسي  …… فأبكي على نرجس ذبلت وترفض الإنتعاش والبعث إلا بدماء القوافل من الشهداء ممن عاهدوا فصدقوا وأعطوا للنرجس أغلى ما يملكون .
تُطربُ : جومه ناف باخجي كلا زانم كو من بردايه ري ….  فَأَتيهُ بين ذبذبات النغم وأضيع في عالم روحي جميل , وأذوب في لحن شهي بهي عليٍّ كأنما هو طيف من أطياف الجنة أسمعه على وقع خرير أنهارها منتشياً بخمرها سكران بعيني حواريها .
أغان وأغان تتناهى إلى مسامعي في ذكراك , تبدع فيها أنت بحنجرتك وطنبورك , فأحس بك حياً أكثر من هذا الذي ينبض بين أضلعي , وأقرب إليَّ من حبل الوريد .

في ذكراك سوف لن أبكي عليك يا أبا فلك بل سأرقص وأغني وأشرب , فلا خير في أمة ليس لها مثل أبي فلك , ولا خير في امرءٍ لا تهزه نغمة وتر أبي فلك , ولا سكر لكأسٍ أشربها بعيداً عن ترانيم أبي فلك .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…

عبد الستار نورعلي

في دُجى الليلِ العميقْ:

“سألني الليلْ:

بتسهرْ لِيهْ؟”

قلْتُ:

أنتَ نديمي الَّذي يُوفِّى ويُكفِّى،

ويصفِّي..

منَ الشَّوائبِ العالقة..

بقفصِ صدري المليءِ بالذِّكرياتِ الَّتي

تعبرُ أفْقَ خيالي..

بارقاتٍ

لامعاتٍ

تَخرجُ مِنْ قُمْقُمِها،

ففيكَ، أيُّها الليلُ الَّذي لا تنجلي،

أُلقي صَخرةَ النَّهارِ عنْ كاهلي،

وأرفعُ صخرةَ الأيامِ والكتبِ والأقلامِ

والأحلامِ،

والكلامِ غيرِ المُباح،

وفي الحالتين أشهقُ..

وأتحسرُ

وأزفرُ..

زفراتٍ حرَّى،

تسمعُها أنتَ، وتعي،

فما فاتَ لمْ يفُتْ،

وما هو آتٍ آتٍ لا ريبَ فيهِ!

وأشتكي لكَ ولصمتِكَ المهيبِ؛

فأنتَ الشِّفاءُ،

وأنتَ…