توفيق عبد المجيد: نظافة قلب وقلم..!

إبراهيم اليوسف

كثيراً، ما أحاول أن أبتعد في كتاباتي عن”الوجدانيات”، وطقوس الكتابة عن المقربين، وذلك لأن هذه الكتابة، من الممكن أن يستعاض عنها، بمكالمة هاتفية، أو رسالة إلكترونية، لئلا تتم مصادرة وقت القارئ الكريم، مادام أن هناك جوانب كثيرة، لابد من أن يكتب المرء عنها، في حياته، لاسيما في هذا المنعطف الأشد حساسية وخطورة. ولأصارح القارىء الكريم، أنه بالرغم من نقد بعض الأصدقاء لي، بسبب خوضي غمار هكذا موضوعات، تمس هؤلاء المقربين-وأنا الذي أريد أن أكون قريباً من الناس كل الناس لولا حاجز حملة لوثة الشر الذين لا أساوم في مواجهتهم مهما كانت هوياتهم الحرباوية
إلا أنني كثيراً ما أحس أن هناك بعض المناسبات، ذات الخصوصية التي لايمكن إلا أن أترجم مشاعري عنها، كتابياً، حين يرتفع المتناول بيني وأصحابها، عما هو شخصي، إلى مستوى  الإفادة العامة، حتى وإن كان ذلك عبر شهادة مدونة، بحق بعض هؤلاء، لاسيما وأن في هذه الشهادة جوانب أعرفها، من جهتي، ولابد من الإدلاء بها، سواء أكان هؤلاء شخصيات شعبية، تنتمي إلى عالمي الشخصي، تحديداً، أم كانوا شخصيات اعتبارية، كما هو حال أسرتي من الكتاب، والإعلاميين، والمبدعين، في جهات الأرض شتى. هذه الأمور، كلها، أتذكرها، وأنا أتلقى خبر نيل صديقي توفيق عبد المجيد لشهادة الماجستير، وهو في سن التقاعد، بعد حوالي ثلاثة عقود من عمله في الجانب التربوي، دون أن يقصي الجانبين الثقافي والإعلامي، فيعمل تارة كجندي مجهول، ويكتب حيناً باسمه الصريح، متحدياً وعيد الرقيب، وأذنابه الكثيرين.

 أكثر محطات حياة أبي نيرودا، بعد عملنا في مجال التعليم، أعرفها، واحدة تلو أخرى، فقد عاشرته منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث عملنا معاً، في مجال التربية، لأراه  آية في الحلم، والطيبة، والوطنية، بسيطاً، شفافاً،إنساناً.  ولا أخفي، أنه عندما أعلمني بأنه بحاجة إلى بعض المراجع، حول الإعلام، موضحاً أنه ترجم حلمه القديم في متابعة الدراسات العليا، فقد فرحت، واعتبرت ذلك تحدياً كبيراً منه لكل الظروف التي منعته و أمثاله، من متابعة مثل هذه الدراسة، بل هي دليل رغبة كبرى في التضحية، من أجل خدمة رسالة الإعلام التي ظهر خلال السنوات الأخيرة كأحد الصحفيين الذين تركوا لمساتهم، في مجالها، على نطاقنا الكردي، والسوري، بعيداً عن أي ادعاء، لأن هاجسه خدمة أهله، لا زعم الإعلان عن الخدمة، لاسيما وأننا نجد بعد السقوط العملي لشوكة الرقابة، من بات يلهث لتقديم نفسه، في صورة البطل المنقذ، وهوالذي دأب رفع يدي الاستسلام، في امتحانات كثيرة……
وإذا كان صديقي أبو نيرودا، قد استحصل شهادة الماجستير، باذلاً، لذلك جهوداً كبيرة، فإنني كأحد أصدقاء هذا الكاتب، والإعلامي الكردي الأكثر وفاء، أجد أن هذه الجهود لابد وأن تتضافر، من أجل نيل شهادة الدكتوراة، لاسيما وأننا أحوج إلى عطاءات غيارانا الأكاديميين، في المجالات كافة، وبخاصة في عالم الإعلام، لأن المرحلة المقبلة، ستشهد حضور إنساننا الكردي، للعب دوره، بعد أن سعت قوى الظلام والإظلام، على مدى مسافة زمانية شاسعة، لتغييبنا، وصهرنا، في البوتقة التي تريد، بيد أن التاريخ أكد عظمة إنساننا الذي وقف ضد كل هذه المخططات، ببسالته، وحكمته، مسترخصاً روحه، من أجل خصوصيته التي لم ولن يفرط بها البتة.
ونيل صديقي أبي نيرودا، لشهادة الماجستير، في مجال الصحافة، عشية احتفالنا، بيوم عيد الصحافة الكردية، تدعوني إلى أن أهنئه مرتين: مرة كزميل صحفي، عامل، ومناضل، في يوم عيدنا…..، ومرة لحصوله على هذه الشهادة، وهو في سن التقاعد، وبحماس من هو في ربيع عمره، وسأظل في انتظار أن تكتمل فرحته، في الحصول على الشهادة” الأم” في المجال الذي تخيره، واعداً أن أكتب عنه-آنذاك- بما يليق بروحه، ونظافة قلبه، في هذا الزمن الذي يحاصرنا صدؤه من كل الجهات..!.

الشارقة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…