أنا دلشا الإنسانة التي تمردت على واقعها البائس و خرجت عن طور العادات و التقاليد التي كبلت المرأة الكردية، منذ ما وعيت على الحياة، و لم تستسلم لإطار العائلة الشرقية التي تربي النساء على الطاعة العمياء للقوانين الذكورية، لتبحث عن ذاتها و هويتها، مدمجة ذاتها بذات وطنها المقسم بين جهاته الأربعة، لا تركن و لا تستكين، و لا يهدأ لها بال ما دامت لا تملك جهة تدركها البوصلة.
أنا دلشا الشاعرة التي تكتب بنفحتها الخاصة، بوعيها بذاتها، بقوة أنوثتها، و بمكاشفاتها عن ما تتأمله من الآخر، معلنة على الملأ مقاييسها و رغباتها، غير آبهة بكثرة القصائد عدديا، ساعية لإختزال مجموعات شعرية في قصائد.
لأنك منحتيني فرصة التعرف لشخصكم الكريم في حوارنا هذا بدء لو اعطيتك ورقة وقلم وطلبت منك رسم خريطة لكلمات عن وطنك سوريا فماذا سيخط قلمك؟
بلدي سوريا يئن و يتأوه و يدك بيد من حديد و نار من قبل زبانية النظام الوحشي و الجيش الذي يفترض أن يكون حماة الديار. و صرخات الأطفال و الثكالى في حمص و حماة وعامودا و القامشلي و في كل أرجاء الوطن، تهز عرش العالم، و الإنسانية خرساء، لا حول لها و لا قوة. لا يسعني إلا أن أقول أنني أدمر مع كل بيت يقصف في بلادي، أموت ألف مرة مع مشاهد أطفال تطاردهم الموت في شوراع بلادي، روحي خاوية كخواء بلدات بلادي من أهاليها، و لكنني مؤمنة و قوية بقوة الدفق الثوري الذي خاضه الشعب السوري الأبي ضد النظام الطاغي، و أدعوا من الله بزوال المحنة عن شعبي ووطني سوريا ليعيش الجميع في ظل نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي يخلقه الشعب بإرادته الحرة.
متى بدأت دلشا يوسف بالكتابة ومن الذي شجعها ؟
بدأت بالكتابة منذ نعومة أظفاري، و كان لتشجيع عائلتي و إهتمامهم بالثقافة الدور الكبير في دفعي لتعلم المزيد و تعميق قدراتي و معارفي، و رغم الشوفينية الممنهجة التي كانت و ماتزال تمارس ضد الهوية و الثقافة الكردية، إستطعت أن أتجاوز هذه الصعوبات و أتعلم اللغة الكردية قراءة و كتابة، و هذا ما عزز ثقتي بنفسي و بإمكاناتي و بمواهبي الشخصية، لأنني كنت من بين القلة من الكرد الذين إستطاعوا إتقان اللغة الكردية و الإبداع بها، و خاصة من بين النساء.
و كذلك فإن المواقف الوطنية لعائلتي فتحت أمامي آفاق أخرى للدخول في معترك السياسة و النضال من أجل حرية الوطن و إسترجاع الحقوق المهضومة للشعب الكردي.
ففي المرحلة الأولى من حياتي تأثرت كثيرا بشعراء المقاومة و الأرض و الحب و الأممية، مثل بابلو نيرودا و ناظم حكمت و محمود درويش و بالشعراء الكرد الكلاسيكيين مثل جكرخوين و أحمد خاني و ملا أحمد الجزيري و غيرهم، و لكنني كنت أكتب الشعر الحديث و أؤمن بالحداثة الشعرية، و لهذا حاولت أن أمزج الميراث الكردي القديم بالأدب الحديث.
و بالطرد مع تطور الوعي الثقافي و الأدبي لدي، تطورت لدي المفاهيم الأدبية و الرؤى الإنسانية و الجنسية ، و كان لذلك أثره الكبير على نتاجي الشعري، من حيث الإرتقاء الفكري و الدلالي و التعبيري و التصويري، و كذلك من نواحي المقاييس المنطلقة من وعيي بذاتي و بهويتي كإمرأة.
أما الآن فأنا لا أكتب إلا إنطلاقا من ذاتي و لذاتي، إعتمادا على التراكم الثقافي و الحسي و الموروث الثقافي الإنساني عامة و الكردي خاصة.
حدثينا عن ديوانك الشعري (اجراس اللقاء)
مجموعتي الشعرية الأولى (أجراس اللقاء) كانت نتاج المرحلة الأولى من حياتي الشعرية، لذا لم تخلوا من الشعاراتية و الوعي القومي البدائي و التخبط بين القديم و الحديث من الميراث الشعري، حيث لم ينضج وعي بذاتي و بإنتمائي، و لم تتوضح لدي بعد معالم فلسفة الوجود و الحياة. لذا و بعد مرور مرحلة على صدور هذه المجموعة، إستطعت أن أضع إصبعي على مواطن الضعف و الوهن في جسد قصائدي و تلافيها في مجموعتي الثانية ( شمال القلب) و التي لاقت رواجا كبيرا و تم ترجمتها بالكامل من قبل أدباء و مترجمين قديرين و كتبت عنها من قبل الكثير من النقاد، و تم تلحين بعض قصائدها و غناها فنانين كرد كبار، و هذه المجموعة الآن مشروع كتاب جديد باللغة العربية.
بعيدا عن القراءة والكتابة هل لك اختصاص معين تعملين به؟
أعمل كناشطة سياسية و إنسانية في مجال حقوق المرأة.