الفيروسات (البشرية) المحطِّمة للأمم والشعوب

بقلم: خليل مصطفى

الحياء ، هو السلطة (الذاتية) المسيطرة على سلوكيات كل فرد من أفراد المجتمع ، وبالتالي هو البوصلة (النَّاصية) المُرشدة والموجِّهة لهم ، وعندما يفقد أفراد المجتمع حياءهم ، يظهر الاعوجاج واضحاً في سلوكياتهم ، ليكون السبب المباشر لانحطاط سلوكيات الأفراد. ذاك يعني تدهوراً للحالة الاجتماعية ، حيث يفتقد الأمن على الأموال والأعراض ، وبالتالي : انحلال ثم هلاك للثقافة الإنسانية النبيلة عند كل أفراد المجتمع ، يومئذٍ تندثر (رويداً ـ رويداً) حضارتهم .
إن المجتمعات الحالية تواجه ظلماً وعسفاً من قبل شراذم جَفَّتْ وجوهها من ماء الحياء ، هذه الشراذم (الفاسقة) أخذت على عاتقها احتكار كل أساليب المكر والدهاء والخبث والخداع ، فهي تندفع (بعدم حيائها) إلى استباحة كل شيء (الأخضر واليابس)، فتُبدل الحقائق ، وتُغيِّر المعالم ، وتُحرّف التاريخ وتُلفّق التهم وتنتقي من تريده فترفعه وتحميه .!؟ وتُلغي وتحطم من تُبغضه ــ كما تشاء ــ فلا ضير عندها بتاتاً .!؟ فهي (الشرذمة) تعمل بمفهوم الحديث القائل (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، وبات تطبيقه نهجاً لسلوكياتها اليومية، وحيث تكون تلك الشرذمة (الفيروسات)، إذ لا شيء مُهمٌ عندها سوى تحقيق رغباتها الذاتية ، وما دونها (من بشر) فهم رعاع وأجراء يُستخدمون (بل يُسخرون) لتنفيذ مآربها (شهواتها)، من اغتصاب للأرض ، والمال ، والجاه، والسلطان، الخ ، فإن أغضبها أحد (ساكناً كان أو متحركاً) ، فالجزاء : تجميدٌ له ، أو السجن الانفراديُّ المظلم إلى أجل غير مسمى ، أو الإعدام ، فهي لا تتوانى (إن أرادت) في استخدامها لـ الحديد والنار ..!؟
بالمحصلة : فالاعوجاج في سلوكيات الأفراد ، لا يُمليه إلا فكرٌ معوج ، ومنهاج غير مستقيم . فما من أرواح زُهقتْ وتزهق ، ودماء سُفكتْ وتُسفك ، وأعراض انتهكتْ وتُنتهك ، وأموال نُهبتْ وتُنهب ، وبيوت دُمِّرتْ وتُدمر ، وما من تعسفٍ كان ولا يزال ، وإرهابٍ كان ولا يزال ، وتَشريدٍ كان ولا يزال ، وظُلمٍ وطُغيانٍ كانا ولا يزالان ، إلا بسبب المناهج الفكرية المعوجَّة ، التي اتبعتها الثلَّة من الشراذم الفاسقة (الفيروسات) ، والتي تمادت وبغت بعد أن تحجرت قلوبها ، وتجاوزت كل القيم والمبادئ الإلهية ، والقيم الإنسانية والحضارية ( الوضعية) ، فأقدمت على فك ارتباطها بالحياء نهائياً (طلاقاً لا رجعة فيه) ..!؟ وأمام واقع ملموس (ذاك حاله) ، ترى هل من حل (دواء) يوقف حيوية الحركة (الانشطارية) لتلك الفيروسات (البشرية) التي حطمت الأمم والشعوب (ولا تزال) ..!؟

وثمة حلول : أيكون الحل بالتنديد والاستنكار .!؟ بإطلاق عبارات التهديد والوعيد .!؟ بالبكاء والتشكي وطلب العطف والاسترحام .!؟ بالهروع إلى الأضرحة واستجدائها .!؟ بمراجعة الذات لزرع المحبة في  القلوب واتخاذ القيم والمبادئ الإنسانية كنهج في العمل ..!؟ باللجوء  للرأي العام العالمي .!؟ بالحديد الذي لا يفل إلا بالحديد .!؟ حلول مطروحة ، وقد تكون غيرها كامنة في أذهان علماء (رجال) الدين ، أو في جعبة القادة من رموز العشائر والأحزاب والتيارات السياسية ، أو بين تلا فيف أمخاخ المثقفين (الكتاب والباحثين والمفكرين والأدباء)، استفسارٌ موجهٌ للجميع ، ويحتاج إلى جواب ..!!؟؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

“إن لم تجدني بداخلك، فإنك لن تجدني أبداً”
قول قاله جلال الدين الرومي، تذكرته وأنا أطوف بين أعمال التشكيلي رشيد حسو، بل أحسست أن أعماله تلك تخاطبني بهذه الجملة، وكأنها تقول لي: التفت إلى دواخلك فأنا هناك، وإذا أردت أن تقرأني جيداً اقرأ ما في…

فراس حج محمد| فلسطين

تعالَيْ
متّعي كُلّي بأعضائكْ
من أسفل الرأس حتّى رَفعة القدمينْ
تعالَيْ
واكتبي سطرينِ في جسدي
لأقرأ في كتابكِ روعة الفنَّيْنْ
تعالَيْ
واشعلي حطبي على شمع تلألأ
في أعالي “الوهدتين”
تعالَيْ
يا ملاكاً صافياً صُبّ في كأس امتلاء “الرعشتينْ”
تعالَيْ
كي أؤلّف أغنياتي منهجاً لكلّ مَنْ عزف الهدايةَ

في نضوج “الزهرتينْ”
تعالَيْ

كيْ أقول لكلّ خلق اللهْ:
“هذا ابتداع الخلقِ ما أحلاهْ!
في انتشائك شهوة في موجتينْ”
تعالَيْ
مُهْرة مجنونة الإيقاعِ
هادئة عند…

“في الطريق إلى نفسي” هو عنوان الديوان الثالث عشر للشاعر الكردي السوري لقمان محمود، وقد صدر حديثًا عن دار 49 بوكس في السويد. في هذا الديوان يكتب الشاعر قصائده بخبرة شعرية واضحة المعالم، بما تملكه من حساسية الرؤية وخصوصية الالتقاط والتصوير والتعبير. فالشاعر شغوف منذ ديوانه الأول “أفراح حزينة” عام 1990، بشدة التكثيف اللغوي وحِدَّة…

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…