ابراهيم زورو
حيث أن أي مصطلح أو مفهوم هو أبن حقيقي للواقع، أو عندما يتأزم الواقع يظهر المصطلح الى الوجود، كدواء يشفي غليل واقع المريض، كون الواقع اولاً واخيراً هو المبتدأ وإليه المرجع والمآل، ومن لم يأخذ بهذا الكلام فهو مصاب بمرض ما، عليه أن يبحث عن علاج لذاته، ويترك الواقع وشـأنه، كونه قد انفصل من الواقع وبات مجنوناً وحيث ان العلم لا يكترث به والتاريخ لا يرحمه وخاصة إذا ما عرفنا انه ذو شأن في اتخاذ القرارات المصيرية، ولكم يثير هذا العمل فتنة في الواقع.
واذا قلنا واقع نقصد الانسان دون غيره من سائر مخلوقات أخرى، والذي يطرح في هذا المنحى، كيف بهذا الانسان يسمح لغيره ان يلعب بمصيره؟ والاخر يقبل على ذاته ان يكون في سياق رئيسي لهم ؟.
اذا نظرنا اليه من زاوية واحدة وهي إذا اعتبرنا أن السياسة علم واقعي و مرتبط بحياة المواطنين، على الجميع ان يعلموا بان هناك عقد اجتماعي يربط بين من هم في السلطة الذين اخذوا على عاتقهم خدمة المواطنين بموجب عقد شفهي بين الشعب وحكومته، والا يكون عقد مفسوخ بينهما، في حال ان نكل الحكومة باحدى شروط العقد المتفق فتصبح حكومة غير شرعية عليها ان ترحل مباشرة بدون قيد او شرط، وفي الحالة العربية الامر يبدو مختلف اشد الاختلاف حيث ان الشعوب العربية وحكوماتها ما زالوا يعيشون في زمن ليس زمن العقود والمجتمعات المدنية الذي اخذ مداه على العالم ولم يسر في الوضع العربي، وكأن العرب يعيشون خارج التاريخ، حيث انه مازال في اللغة العربية يوجد مصطلح رئيس السابق ولكن واقعياً لم يتحقق ذلك منذ عهود غابرة وحتى يومنا هذا، علماَ ان الثورات العربية عليها كثير من المهام حتى ان نطلق عليهاة اسم الثورة، فمن جملة هذه المهام هو شرط ضروري ان يغسل ذاته ونفسيته من ادران ثقافة احادية، ويظهر بمظهر قبل الثورة وبعدها اذا اردنا تسمية ذلك، اي ان نار الثورة يجب ان يبلغ نفسيته وثقافته ويطهره من الماضي الذل والمهانة، وبدون هذا الشرط، الثورة لا تكتمل وتبقى ناقصة، كقولنا قبول الاخر وثقافة التسامح، هما جزء اساسي من نفسية الثوار وثقافته، وان يقبل القانون بدون ان يخرقه، والاهم في هذا السياق عليه ان يرمي العادات والتقاليد البالية جانباً، كون العادات هي التي تحافظ على نمط التفكير ويزجيه صوبه خرق قانوني، وهذا باعتقادي يلزم عقد او عقدين ان لم يكن الاكثر من ذلك جيل او جيلين حتى تفرز العادة السيئة التي تخرق القانون والعادة الجيدة التي تحافظ على المجتمع وتعززه، فالثورة الناقصة قد تكلل بنجاح وتستبدل الدكتاتور باخر ولكنه يبقى دكتاتوراً مع كل الاحترام للدماء التي سفكت في هذا المنحى، والثورة الاهم هو تحرير الذات من ربقة الجهل والتخلف والسير بها من حيث انها ذاتا يجب احترامها، من هذه الزاوية مازال المعارضة السورية تنأى عن الثورة النفسية اذا جاز التعبير عن الركب الحضارة الانسانية، على الرغم من ان ارثه الثقافي يحمله لان يكون عاملاً ومواطنا صالحا في المجالات التي تحافظ على قانون كعلاقة حضارية بين المواطن وغيره فمتى اقدم على جرح القانون لم يعد هذا المواطن معافى وسليم التفكير كونه يريد ان يؤذي غيره، ضمن هذا الاطار والعادات والتقاليد، فمن حيث ان الحراك الشبابي كما سميت الثورة بهذه التسمية، تفتقر الى ادنى مقومات الفكرية التي تسانده وتؤهله ان يكون مواطناً صالحاً يعمل ويسهر على حياة المواطنين، وهم من شربوا الكأس الذل والمهانة والفقر من اهله وأقاربه في هذا المجتمع، تراهم وكأنهم يتسولون باسم الثورة، ولا نتعجب كثيراً إن علمنا بعد الرحيل النظام كم هناك من الشباب اصبحوا مثل شبيحة بشار بل دمويين اكثر منه ايضاً ، فالشبيح كما نعلم انه يقوم بعمل ما، من شانه ان يكافأ على هذا العمل، اما الحراك الشبابي فاكثرهم شبيح على الدماء الشعب الذي يقتل وباسم الثورة ينال على شهرة الفردية ويحصل على المال بدون ان يقوم بعمل يكافأ العمل الشبيح، فما من وجه المقارنة بين هذا وذاك واذا اتينا الى المقارنة فالشبيح هو رجل افضل من شبيح الثورة، سلب نفسه وشرح ذاته امام الناس، اما شبيحنا فما زال يسكن الفنادق ويأكل من لحم اخيه ويشرب دمه، وهو يخبأ ذاته مع اقرانه من شبيح على شاكلته، من هنا خطورة الحراك الشبابي، وفي عهدة العدالة الانتقالية يصبح ضيفا على كرامة المواطن من جديد ويصبح مسؤولاً ؟ فهو سوف يظل في الظل لان الاخرين مثله وكأن هناك اتفاقاً شفهياً يسري بنوده نفسياً عليهما ان يحافظا على بعضهما البعض، لان محاسبة اي شبيح تكون خطراً عليه، وكما ان من جملة المصطلحات هي التعددية والشراكة السورية بين مكونين اساسيين وبقية مكونات الاخرى، هنا في سوريا وفي كل دول العربية يظهر مرات كثيرة وبلسان المسؤولين رفيعي المستوى، وحدة التراب والارض الدولة الفلانية، كنا نعلم قديماً ان العراق والسوريا فيها مكون الكوردي الاساسي، فماذا عن بقية الدول العربية تستخدم المصطلح ذاته؟ اذا هناك مشكلة ما مخفية عن العيان، فتلويح بهذا المصطلح علينا ان نعرف هناك ازمة في الواقع، من هنا نعلم جيداً العالم تتجه نحو الوحدة والتئام وليس التفرقة، وبالتالي الاقتصاد هو الذي يجبر الدول على الاتحاد رغم البعد النفسي والارث الاجتماعي المتباعد بين القوميتين.
ومن هنا ايضاً الثورة لا تكون ناجزة الا اذا تم الاعتراف المتبادل، واذا لم يتم الاعتراف وكان الطرف العربي هو الذي يجبر الاخر على التجزئه، ماذا قدمت الحكومات العربية للشعوبها سوى الذل والمهانة؟ الم يكن هناك تجزئة والتبعثر بين مكون واحد؟ كثير هي الاسئلة جوهرية تطرح في هذا المنحى، فإية ازمة ناشبة بين الطرفين فيقوم الطرف الاقوى بالزعيق والخوف على ذاتها، وهو الذي يحدونا ان نعيد التفكر بوجودهم؟ لماذا هذا الزعيق، اذا، هناك شيء تاريخي غير سوي يضغط عليه وعلى نفسيته حتى تبدأ وتقول الوحدة الوطنية ووحدة ترابها، فالقوي يستخدم مفردات غير هذه المفردات التي نسمعها.
الا لغاية في نفس يعقوب.