بقعة ضوء على معانات الشبيبة الكردية (5)

دلكش مرعي

تحدثنا في الحلقات الماضية عن قيم التخلف والقيود الاجتماعية المتنوعة التي تكبح حركة الشباب وتكبل حريتهم وتعطل ادمغتهم هذه القيود التي تدفعهم إلى الشعور بالإحباط واليأس والعزلة وهذه الحالة المأزومة التي تسمى – بالجرح النرجسي – هي التي تدفع بالجيل الشاب لإيجاد نوع من التوازن لحالتهم النفسية هذه الحالة هي التي تدفعهم إلى السير في مسارات تقليدية غير صائبة  لإثبات ذواتهم … فالتفكير الذي يبذله الشاب أو الشابة من اجل الحب والهيام  لو بذل هذا التفكير من اجل المعرفة العلمية لكان لدينا آلاف المفكرين والعلماء والمخترعين فالقيم التقليدية المتخلفة تعطل الوعي وتمنع الانسان من ان يعيش بذاته ولذاته حيث لا قيمة لوجود الإنسان في المجتمع المتخلف إلا إذا جسد قيم التخلف ذاتها ودار في دائرة فلكها
 فالخروج عن دائرة القيم المتخلفة هو شذوذ وعقوق وزندقة وكفر والحاد وهدر للأخلاق وغيرها من الألقاب هذا من جهة أما بالنسبة لدور الحركة السياسية الكردية لمعالجة قضايا الشباب فيمكن القول بأن هذه الحركة لم تضع يوماً وعبر تاريخها برنامجاً عملياً على الأرض تعمل لإزالة قيم التخلف من طريق الشباب بل كانت تعمل على الدوام وعبر عدة عقود على توسيع القطيع البشري حول احزابها المتشظية كأنصار ومؤيدين وأبواق وغير ذلك والآن وفي الظروف الثورة السورية فهي تلملم الشباب والبسطاء حول مجالسها وهيئاتها لتتحول إلى حاضنة تعسكر وتدجن الجيل الشاب وتدجن هؤلاء والبسطاء  فهم في نظر قيادات هذه الحركة هم كائنات حية يجب ان  تروض حسب اهوائها ومصالحها الانانية لضمان بقائها على قمة الهرم السياسي فيمكن القول بأن هذه الحركة ليست لديها وسيلة لحماية مناصبها وذاتها الهزيلة إلا عبر عدم الاكتراث بالواقع وما يجري فيه من فوضى سياسية وثقافية لأن الاكتراث بالواقع ومعالجة قضاياه العامة يتطلب الاعتماد على النخبة النزيهة والمتخصصة التي ترى فيهم قيادات هذه الأحزاب فنائها ونهايتها في الاعتماد على هؤلاء رغم قلتهم … فلم ينتج هذه القوى السياسية عبر تاريخها سوى مختلف انواع الهدر منها الهدر السياسي والهدر الثقافي والمعنوي والاجتماعي وغيرها من انواع الهدر فمعالجة قضايا الشباب تحتاج إلى تشكيل لجنة  من ذوي الاختصاص لتقيم مجمل قيم تراث الشعب الكردي تقيما علميا ممنهجاً ليتمكن عبر ذلك من تقيم نتائج كل عادة وكل مفهوم فكري وسياسي وكل تقليد واعتقاد ينتج عنه التخلف والتيبس الفكري والثقافي أي تنقية هذا التراث من القيم والمفاهيم الضارة المتخلفة التي اوصل الشعب الكردي إلى حالة التخلف والتأزم والأمراض الاجتماعية المزمنة وإلى هذا الواقع المرير واستبدال هذا القيم بقيم معرفية صحيحة ينتج التطور والازدهار لهذا الشعب… ويضع كبرنامج يستفيد منها الجيل الشاب والمجتمع أي ايجاد نهج علمي صحيح يتمكن من خلاله المجتمع  اطلاق الطاقات الابداعية والحيوية الكائنة في داخله  ويجعل من ذلك برنامجا للجميع  تجسد على ارض الواقع فلماذا لا نبدل جسد المرأة التي نذكرها دائماً وعلى سبيل المثال التي جعل منها ناموس للإنسان الكردي بأن نجعل من كردستان ناموس له  ونجعل إلى جانب ذلك ممن يخترع اختراعاً  يخدم البشرية أو من الذي ينتج معرفة فكرية يخدم الإنسانية ناموساً للإنسان الكردي ؟ اليست المرأة هي انسانة لها كرامتها وناموسها وأصبحت تقود الأمم في عصرنا ؟ ولماذا لا يؤمن الكردي بأن الظواهر المجتمعية المتخلفة  تقف ورائها دائماً اسباب فكرية أو قيميه متخلفة يمكن التعرف على مكامنها ومعالجتها علمياً وبترها من القيم الاجتماعية فهل النقد اللاذع والخوازيق  سيجدي نفعاً لهؤلاء المتخلفين او هل سيغير من سلوكهم وطباعهم ما نود قوله بأن القيم المتخلفة هي قيم ميتة فهي لا تنتج سوى الأموات سريرياً فهل سيحيى الميت ان قلنا له بأنك ميت أو ان اكرام الميت هو في دفنه ؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…