عن الموت السوري (نصوص قصيرة)

صهيب محمد خير يوسف

(عن المعنى)

ومرَّت سَنةْ
ولم يعُد الشهداءُ إلى السَّوسنةْ
بعيدون أنتم كثيراً.. كأمسْ
قريبون منَّا.. كظلٍّ يلاحقنا، أو كهَمسْ
مضيؤون جدًّا.. كشمسْ
.. أحاولُ أن أصطفيْ للشهيد معانيَ تُشبههُ،
في حدود الحقيقيِّ والواقعي،

بدون انزياحٍ ولا أنسَنةْ.
(عن المسافة)

هناكَ سنحيا معاً مِن جديدْ
هناك ستنمو تقاسيمُ وجهيْ، الذي أكلَتهُ الشظيةُ أثناءَ عاصفةٍ من حديدْ
هناك سيلتئمُ الجلدُ بعدَ الحريقِ،
ويختلفُ الفحمُ والمسكُ: أيُّهما يستحقُّ الشهيدْ؟
هناك ستنبتُ حنجرةٌ ذُبحتْ كمقامِ الصَّبا، لتواصلَ ضبطَ النشيدْ
هناك ستعلُو يدٌ فصلَتها عن الشمسِ بارودةٌ من صديدْ
هنالكَ..
في المستقَرِّ القريبِ – البعيدْ.

(عن الانتماء)

أنتمي
للشهيدِ، الذي لم يجدْ ما يليقُ بنا غيرَ هذا الدَّمِ
أنتمي
للمحبةِ، كي لا تفرِّقَ بيني وبينَ أخي موجةُ الندمِ
أنتمي
للتفاؤلِ، مِن دونهِ ما عرفتُ الطريقَ إلى حُلُمي
.. هكذا قالَ حرٌّ تلثمَ بالعلَمِ.

(عن الحُولة)

أما آنَ أن تستعيدوا طفولتكُم يا صغارْ؟
ألم تلتئمْ في حناجركُم شفَراتُ التَّتارْ؟
ألم تلتقوا بالملائكِ والشهداء أخيراً.. وبعد انتظارْ؟
فما كلُّ هذا الصراخ الذي يقصفُ الكونَ، يخنقُ أنفاسَنا كالغبارْ؟
وماذا تركتم لأحلامنا بعدَكم.. غيرَ هذا الدمارْ؟
دعونا ننمْ ليلةً دون أن تظهروا في كوابيسنا..
يا الذين قضوا نحْبنا تحت هذا الحصارْ.

(عن حمزة الخطيب، كذكرى)

وتأخذنا حيرةٌ بين خوفٍ عليهِ وحزنٍ لذاك الفتى
وتأخذنا دمعةٌ طفلةٌ حين نكتبُ
.. هذي الكتابةُ حتى متى؟
وتأخذنا دهشةٌ في حياتكَ، أو لا حياتك، هل دامَتا!
كبرتَ كثيراً، كثيراً
أيا سيِّدَ الشهداءِ الصغارِ..
أيا حَمزتا.

 (عن القبير)

في المساءِ الأخيرْ
عندما يُشعل الشهداءُ ظلامَ القبورْ
تنزعُ الأرضُ أكفانها..
وتثورْ.

(عن الموت والوطن)

ومرَّت عليك رياحُ الزمنْ
وما زال موتكَ منبعثاً بين حرب الفضاء وحربِ المُدنْ
وما زلت تزدادُ فينا حياةً وحريةً يا وطنْ
نحبكَ يا وطناً كيفما كنتَ..
أو كيفما لم تكنْ.

الرياض 6 / 2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…