قصص قصيرة جداً

 عمران عزالدين أحمد 

 (1)

لمن تغرد الطيور ؟!

كان شيخو أديبا ً كبيراً وشاعراً جميلاً .. وكانت حديقة منزله مأهولة بجميع أنواع الطيور .. وكلما كتب قصيدةً جميلةً .. غردت تلك الطيور مطلقةً أنغاماً شجية ، الأمر الذي دفع جاره أيضاً إلى الكتابة والتأليف .. ولكن كتاباته لم تكن ترتقي إلى ما كان يشتهي لأنه لم يكن يحب الحدائق والأشجار وكانت طيوره حبيسة أقفاصٍ حديدية.

  (2)
 
نفاق 
 
تبارى صفوة الشعراء في بلاط الحاكم للظفر بلقب (شاعر الحكم ) ، وكان أن حقق أحدهم المبتغى .. وفي يومٍ ما طلب شيخو من الشاعر الفائز أن يكتب له شعراً في حبيبته ، فشكاه  الأخير إلى الحاكم الذي أمر  بالقبض عليه وزجّه في السجن عقاباً له .
 ومنذ ذلك اليوم شاع أدب المديح في تلك المملكة .
 
(3)
 
إخلاص متأخر 
دأب شيخو على تزيين لوحاته الشعرية بالكتابة عن الطيور والأمطار والأزهار ، وكم كان يحزنه ويدمي قلبه أن كل ذلك قد غاب عن بلدته ، فالطيور هاجرت والأمطار أبت أن تنهمر على بلدة لطختها الدماء ، وأرعبها الرصاص فشرّد الأطفال والنساء واقتلعت الأشجار والثمار . لكن شيخو بقي مخلصاً لها وكتب عنها قصائد جميلة حاثاً إياها إلى آخر سطر في حياته على العودة .
حدث بعد وفاة شيخو أن حلّق سرب من طيور مختلفة الألوان والأنواع في سماء تلك البلدة كما زارتها سحب من الأمطار .!
 
(4)

أممية  
كان شيخو يحلم منذ طفولته أن يتكلم جميع اللغات ، لأنه سمع جده ذات يوم يقول : أن كل لغة تعادل رجلاً.
وقد اجتهد و أتقن كثيراً منها ، وعندما سئل ذات يوم عن لغته الأم ، اكتشف أنه يجهلها تماماً .!

 (5) 

أحلام صغيرة 
 
تأمل شيخو هطول المطر من نافذته الصغيرة  .. كان نسيم الهواء يداعب خصلات شعره الجميل ..  استدار شيخو وألقى نظرة للوراء ..كان والداه منشغلين بمتابعة التلفاز .. المذيع يتلو خبراً عاجلاً عن قصف مركز ما في مكانٍ ما ، وسقوط آلاف الضحايا والجرحى . في ذلك اليوم نام شيخو فحلم بأمطار غزيرة تقصف آلاف الطائرات وتبعث الروح في آلاف الأموات . 
 
(6)

 بودي جارد
بعد أن باءت جميع محاولاته بالفشل ، وضع شيخو شهادته الجامعية في درج الخزانة وأحكم إغلاقه ، ثم التحق بدورة (بودي جارد) نظمتها إحدى الملاهي الليلية ..!
 
(7)

التركة
تألم شيخو كثيراً وهو يقرأ كتب التاريخ ، ولما أراد أن يميز طعم هذا الألم ، أحس به حاداً في معدته .!

سوريا
Amran-m@scs-net.org
   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…