بقلم: نسيم الكورد
عندما تبدأ الطبيعة بارتداء لباسها الأخضر وتتفتح أزهار القرنفل تأتي فرقة السيرك إلى قرية الراهب المشتهرة بحسن طبيعتها وسحر منظرها وعلو جبالها التي تناطح السحب فتبدو القرية كعجوز هرم ذو شاربين غليظين .
عندما تبدأ الطبيعة بارتداء لباسها الأخضر وتتفتح أزهار القرنفل تأتي فرقة السيرك إلى قرية الراهب المشتهرة بحسن طبيعتها وسحر منظرها وعلو جبالها التي تناطح السحب فتبدو القرية كعجوز هرم ذو شاربين غليظين .
وتشتهر أيضا بتربتها الخصبة لذا يعمل معظم أهلها بالزراعة والرعي ومياها وفيرة بالتقاء نهري الأيمن والأيسر في جنوب القرية أما سكانها بسطاء طيبون مقبلون على الحياة بوجه مبتسم ينتظرون مجيء فرقة السيرك في شهر أيار ويودعوها في شهر ك1 فهي فرقة متنقلة من مكان لآخر تقدم عروضها التي تحظى بجماهيرية شعبية واسعة وخاصة مهرجها زياد الشاب المعتدل القامة القمحي البشرة ذو العيون الزيتونية البريئة والشعر البني الذي يداعب أكتافه ولعل أهم سمة فيه مشيته البطريقية.
زياد شاب مكافح من أجل لقمة العيش فقد توفي والده جراء مرض السل ولم يكن يملكون النقود الكافية لعلاجه وبحكم أن زياد هو أكبر أفراد الأسرة سنا ولا معيل لأمه وأخوته سواه فاضطر للعمل مساء في السيرك و عملا آخرا في الصباح حسب المنطقة التي تزوروها فرقته.
بوصولهم لقرية الراهب احتاجت القرية إلى حارس وحفار قبور بعد وفاة الحارس العجوز جبار
ورحيل حفار القبور مازن إلى المدينة تصديقا لأكاذيب وروايات المدن ففرح زياد بالخبر وقرر العمل كحارس وحفار للقبور بأجر جيد.
كان زياد يعمل في المقبرة من انتصاف الليل وحتى موعد عروضه في السيرك وتبدأ عروض تهريجه المحبوبة ويسمع دوي التصفيق في كل أرجاء القرية ففقرة زياد الرائعة بدأت بحركات بهلوانية والمشي على الكرة مع أغنيته المفضلة :
أنا المهرج ..دائما أهرج
هدفي هو..إضحاك المتفرج
خطواتنا تعرج..حزننا داخلي لا يخرج
فرحنا طفل صغير ..آلامنا عجوز مازال ينضج
وبعد أن تنتهي فقرته يرجع إلى المقبرة متأملا سكون وصمت المقبرة مقارنا إياها بالسيرك حيث الحياة والصالة تضج بالأصوات والفرح ينشط الجماهير بينما السكون في المقبرة يقتل الجماهير فزياد في السيرك يضحك الناس بينما في المقبرة يبكيهم ويسلبهم أفراحهم وبدأت تأملاته للمقبرة حتى صرعه النعاس مقيدا إياه بالنوم.
في صباح له نسيم بارد في جو حار استيقظ زياد على صوت نحيب وبكاء في القرية فقد توفيت إحدى حسناوات القرية المدعوة فاتن والتي لا تبلغ من العمر العشرين فقد تناولت السم بعد قرار أهلها بتزويجها لشخص غني من المدينة فكان واجب زياد أن يحفر لها قبرا ولكم كان مستاء من عمله هذا فكلما نظر لوجه فاتن الجميل شعر بالسهام تفتك به فكيف يغطي هذا الجسم الناعم بالتراب ولكم حسد ديدان الأرض على ملامستها لجسد فاتن وأخيرا توارت تحت التراب وبدأ زياد بالبكاء على الرغم من انه لا يعرفها فاستغرب الجميع منه .
وبدأ بالحديث مع نفسه بعد أن غادر الجميع :
يالسخرية الحياة ,الحياة هناك والموت هنا ولكم المسافة قصيرة بينهما فأنا ادفن الناس هنا وأحيّ الناس هناك ولكم ادخل السعادة في قلوب الناس في السيرك ولكم ابكي الناس هنا, فألا يكفيك أيها الموت جميلاتك فلقد خطفت الكثيرات فلما تأخذ جميلاتنا عنوة وغصبا.
بسط الليل ثوبه وجاء وقت العرض وكالعادة جاءت فقرة زياد الذي وضع قناع الفرح ليخفي حزنه ويفرح به قلوبا متعبة من تناقضات الحياة فبدأ عرضه بالتصفيق الحار إلا انه لمح وجها جديدا مشرقا جعله يسقط من على الكرة فتنفجر الصالة بالضحك.
حاول زياد لفت أنظار الفتاة التي كانت تصفق بكل حرارة وبعد انتهاء فقرته بدأ قلبه يعزف أوتارا غريبة عنه فأينما كان يذهب كان ظلها لا يفارقه برهة وأمست كشبح يلاحقه أينما ذهب فبدا له بأنه الحب الذي طالما كان يبحث عنه حتى انه أمسى متشوقا لفقرته ولا يصدق متى يذهب إلى السيرك ليبدأ فقرته فزياد بظروفه الصعبة وحياته المتقلبة وعمله بالمقبرة أمسى كصحراء قاحلة في صيف حار بحاجة إلى ظل سحابة تقيه من الحرارة وتهدئ سكينته.
استفسر زياد عن الفتاة فوصفها لأحد سكان القرية بأنها ذات الشعر الأسود المسترسل الطويل والعيون السوداء والبشرة البيضاء كالسحاب الهادئ وترتدي معطفا طويلا فضي اللون وتمسك بشمسية طويلة سوداء اللون, فأجابوه بأنها نورا وهي ممثلة تعمل في المدينة مع زوجها المنتج الذي يكبرها بعشرين ربيعا وبما أن أصولها من القرية فتأتي لتزور جدها وتقضي عدة أيام معه.
لم يطمئن زياد لعمل نورا فالنجوم لا تعرف الوفاء لأحد تبهر كل ناظر إليها وتجعله يعلق عليها أماني طويلة تماما كالزهرة التي تمتع كل من يشمها بعبيرها دون أن تعرف الوفاء لأحد.
فبدا زياد مرتبكا حائرا فلقد عشقها وانتهى الأمر ولكنه ليس شخصا ينام على سرير من الأشواك وعاد للمقبرة يتأمل القمر والنجوم وبدأ حواره مع الذات:
آه لو استطيع أن أبوح لها بحبي ولكنها متزوجة يا زياد وهي ممثلة مشهورة بالإضافة إلى أنني لا استطيع أن ألتمس القمر فكيف أن امتلكه فهي أين وأنا أين هي تنام على سرير من حرير وأنا لم أنم قط على سرير فعليك بنسيانها يا زياد ولتنتهي قصة حبك نهاية واقعية.
خلّد زياد للنوم وفي سكون المقبرة وأنين الرياح وحفيف أوراق الشجر يداعب المكان سمع صوت خطوات أقدام تقترب منه فاستيقظ من النوم والظلام الحالك يخيم على المكان فبدا له طيف لا تبدو علائم وجهه فاقترب زياد والخوف يكاد يقتله وأرجله ترتجف كما لو أنه أخذ صدمة كهربائية فسأل بصوت مرعوب :من ..من هناك ؟ هل انتم من الجن ام من الإنس من..فأجابه صوت ناعم جعل قلبه يرتجف ويتوقف عن الكلام فأجابته الفتاة :أنا نورا جئت لازور قبر أمي فأجابها زياد :ألا تخشين يا سيدتي في هذا الليل من زيارة المقبرة فأجابته :أيخشى أحد من الأموات فهم لايؤذون ولا يقتلون أحدا بالإضافة إلى أنهم هادئون جدا أنت تعرف ذلك ,فبادر زياد لفتح البوابة مرحبا بها ودخلت وزارت قبر أمها وبدأت كما لو أنها تتحدث مع أمها ووضعت إكليلا من الزهور على القبر في أثناء ذلك جهز زياد الشاي الساخن وطلب منها الجلوس لكي ترتاح قليلا فجلست بدون تذمر فسألها زياد : اعذريني يا سيدتي على هذا السؤال ولا تفهمي بأنني منزعج من مجيئك بالعكس أنا في قمة سعادتي لماذا لا تزورين أمك في الصباح فالصباح أمن فأجابته: أنا يا زياد أزور قبر أمي ليلا لأنني أتحدث معها وأتواصل روحيا وإياها وأبوح بكل أسراري لها أما إن تحدثت معها صباحا فسيعلم بأسراري كل أهل القرية وأصبح نغمة على ألسنهم وسألها زياد مرة أخرى :ألا تخشين مني يا سيدتي وأنتي بالكاد تعرفيني , فأجابته: أأخشى منك وأنت تدخل البسمة على وجوه الناس أأخشى من من يفرح الجمهور !!
بدأوا بالحديث وابتسامة زياد تصل إلى أذنيه إلى أن سألها سؤالا :
لماذا تزوجت رجلا يكبرك بكثير يا سيدتي فصمتت نورا والوجوم يملأ وجهها فأعتذر زياد مدعيا أنه غبي لا يعلم بالحديث جيدا فقالت نورا : لا يا زياد,لا تعتذر أنا وثقت بك و سأقول لك لما تزوجت هذا المنتج أولا أنا كنت من عائلة بسيطة أحب التمثيل وحبه يجري في شراييني ولكن كيف سأصل إلى هذه المهنة الصعبة بدون سند يدفعني إلى الأمام لذا تزوجت من المنتج ذو الأموال الوفيرة وثانيا بعد أن رفض جارنا الذي كنت أعشقه أن يتزوج مني وتزوج ابنة عمه فكانت ربما ردة فعل بالإضافة إلى أن هذه الزيجة أطلقت نجوميتي فسألها زياد عن موعد سفرها وأجابته بأن سفرها بعد غد ثم غادرت وأوصلها زياد إلى القرب من مسكنها وعاد إلى المقبرة التي تحولت أمام ناظريه جنة زاهية لم تعد مظلمة وأمست صالة للأعراس بدأ يرقص ويغني لأنه أستطاع أن يحقق على الأقل حلما من أحلامه بأن يتحدث معها ويجلس وإياها.
مرّ اليوم سريعا وكأنه غمضة عين وجاء موعد السفر وغادرت نورا مع زوجها وبإطلاق الشمس شعاعها الأول دق باب المقبرة فهرع زياد لفتح الباب وإذ بحشد كبير من أهل القرية مجتمعين وهناك جثتين بحاجة إلى الدفن فسألهم زياد : خير من الذي مات ؟ فأجابه مختار القرية :لقد حصل حادث للباص في الطريق إلى المدينة وقد توفيت نورا وزوجها وكأنه بهذا الكلام صفع زياد على وجهه وبدأ زياد يدفن الاثنين وهو يتقطر دما والدموع تنسكب من عينيه أكثر من أهلي الفقيدين وعندما وصل إلى نورا ليواريها تحت التراب صرخ متكلما مع نفسه
كيف أدفن قلبي وكيف أعيش بلا روح ولكم الحياة قصيرة قبل يومين كنت جالسة معي والآن لن أستطيع رؤيتك مهما اشتقت إليك فأين كنا أيها الزمان وأين صرنا الآن لقد أخذينني إلى مكان جميل والآن ضعت في نفس المكان على الرغم من أنني اعرف الدرب ,وقرر زياد دفنهما بعيدا عن بعضهم فأشتكى أهل الفقيد وأصروا على دفنهم بالقرب من بعضهم فرفض زياد قائلا :لم ترتاح معه في هذه الحياة فليرتاح روحها في العالم الآخر فقبضوا على زياد وأخرجوه من القرية.
بوصولهم لقرية الراهب احتاجت القرية إلى حارس وحفار قبور بعد وفاة الحارس العجوز جبار
ورحيل حفار القبور مازن إلى المدينة تصديقا لأكاذيب وروايات المدن ففرح زياد بالخبر وقرر العمل كحارس وحفار للقبور بأجر جيد.
كان زياد يعمل في المقبرة من انتصاف الليل وحتى موعد عروضه في السيرك وتبدأ عروض تهريجه المحبوبة ويسمع دوي التصفيق في كل أرجاء القرية ففقرة زياد الرائعة بدأت بحركات بهلوانية والمشي على الكرة مع أغنيته المفضلة :
أنا المهرج ..دائما أهرج
هدفي هو..إضحاك المتفرج
خطواتنا تعرج..حزننا داخلي لا يخرج
فرحنا طفل صغير ..آلامنا عجوز مازال ينضج
وبعد أن تنتهي فقرته يرجع إلى المقبرة متأملا سكون وصمت المقبرة مقارنا إياها بالسيرك حيث الحياة والصالة تضج بالأصوات والفرح ينشط الجماهير بينما السكون في المقبرة يقتل الجماهير فزياد في السيرك يضحك الناس بينما في المقبرة يبكيهم ويسلبهم أفراحهم وبدأت تأملاته للمقبرة حتى صرعه النعاس مقيدا إياه بالنوم.
في صباح له نسيم بارد في جو حار استيقظ زياد على صوت نحيب وبكاء في القرية فقد توفيت إحدى حسناوات القرية المدعوة فاتن والتي لا تبلغ من العمر العشرين فقد تناولت السم بعد قرار أهلها بتزويجها لشخص غني من المدينة فكان واجب زياد أن يحفر لها قبرا ولكم كان مستاء من عمله هذا فكلما نظر لوجه فاتن الجميل شعر بالسهام تفتك به فكيف يغطي هذا الجسم الناعم بالتراب ولكم حسد ديدان الأرض على ملامستها لجسد فاتن وأخيرا توارت تحت التراب وبدأ زياد بالبكاء على الرغم من انه لا يعرفها فاستغرب الجميع منه .
وبدأ بالحديث مع نفسه بعد أن غادر الجميع :
يالسخرية الحياة ,الحياة هناك والموت هنا ولكم المسافة قصيرة بينهما فأنا ادفن الناس هنا وأحيّ الناس هناك ولكم ادخل السعادة في قلوب الناس في السيرك ولكم ابكي الناس هنا, فألا يكفيك أيها الموت جميلاتك فلقد خطفت الكثيرات فلما تأخذ جميلاتنا عنوة وغصبا.
بسط الليل ثوبه وجاء وقت العرض وكالعادة جاءت فقرة زياد الذي وضع قناع الفرح ليخفي حزنه ويفرح به قلوبا متعبة من تناقضات الحياة فبدأ عرضه بالتصفيق الحار إلا انه لمح وجها جديدا مشرقا جعله يسقط من على الكرة فتنفجر الصالة بالضحك.
حاول زياد لفت أنظار الفتاة التي كانت تصفق بكل حرارة وبعد انتهاء فقرته بدأ قلبه يعزف أوتارا غريبة عنه فأينما كان يذهب كان ظلها لا يفارقه برهة وأمست كشبح يلاحقه أينما ذهب فبدا له بأنه الحب الذي طالما كان يبحث عنه حتى انه أمسى متشوقا لفقرته ولا يصدق متى يذهب إلى السيرك ليبدأ فقرته فزياد بظروفه الصعبة وحياته المتقلبة وعمله بالمقبرة أمسى كصحراء قاحلة في صيف حار بحاجة إلى ظل سحابة تقيه من الحرارة وتهدئ سكينته.
استفسر زياد عن الفتاة فوصفها لأحد سكان القرية بأنها ذات الشعر الأسود المسترسل الطويل والعيون السوداء والبشرة البيضاء كالسحاب الهادئ وترتدي معطفا طويلا فضي اللون وتمسك بشمسية طويلة سوداء اللون, فأجابوه بأنها نورا وهي ممثلة تعمل في المدينة مع زوجها المنتج الذي يكبرها بعشرين ربيعا وبما أن أصولها من القرية فتأتي لتزور جدها وتقضي عدة أيام معه.
لم يطمئن زياد لعمل نورا فالنجوم لا تعرف الوفاء لأحد تبهر كل ناظر إليها وتجعله يعلق عليها أماني طويلة تماما كالزهرة التي تمتع كل من يشمها بعبيرها دون أن تعرف الوفاء لأحد.
فبدا زياد مرتبكا حائرا فلقد عشقها وانتهى الأمر ولكنه ليس شخصا ينام على سرير من الأشواك وعاد للمقبرة يتأمل القمر والنجوم وبدأ حواره مع الذات:
آه لو استطيع أن أبوح لها بحبي ولكنها متزوجة يا زياد وهي ممثلة مشهورة بالإضافة إلى أنني لا استطيع أن ألتمس القمر فكيف أن امتلكه فهي أين وأنا أين هي تنام على سرير من حرير وأنا لم أنم قط على سرير فعليك بنسيانها يا زياد ولتنتهي قصة حبك نهاية واقعية.
خلّد زياد للنوم وفي سكون المقبرة وأنين الرياح وحفيف أوراق الشجر يداعب المكان سمع صوت خطوات أقدام تقترب منه فاستيقظ من النوم والظلام الحالك يخيم على المكان فبدا له طيف لا تبدو علائم وجهه فاقترب زياد والخوف يكاد يقتله وأرجله ترتجف كما لو أنه أخذ صدمة كهربائية فسأل بصوت مرعوب :من ..من هناك ؟ هل انتم من الجن ام من الإنس من..فأجابه صوت ناعم جعل قلبه يرتجف ويتوقف عن الكلام فأجابته الفتاة :أنا نورا جئت لازور قبر أمي فأجابها زياد :ألا تخشين يا سيدتي في هذا الليل من زيارة المقبرة فأجابته :أيخشى أحد من الأموات فهم لايؤذون ولا يقتلون أحدا بالإضافة إلى أنهم هادئون جدا أنت تعرف ذلك ,فبادر زياد لفتح البوابة مرحبا بها ودخلت وزارت قبر أمها وبدأت كما لو أنها تتحدث مع أمها ووضعت إكليلا من الزهور على القبر في أثناء ذلك جهز زياد الشاي الساخن وطلب منها الجلوس لكي ترتاح قليلا فجلست بدون تذمر فسألها زياد : اعذريني يا سيدتي على هذا السؤال ولا تفهمي بأنني منزعج من مجيئك بالعكس أنا في قمة سعادتي لماذا لا تزورين أمك في الصباح فالصباح أمن فأجابته: أنا يا زياد أزور قبر أمي ليلا لأنني أتحدث معها وأتواصل روحيا وإياها وأبوح بكل أسراري لها أما إن تحدثت معها صباحا فسيعلم بأسراري كل أهل القرية وأصبح نغمة على ألسنهم وسألها زياد مرة أخرى :ألا تخشين مني يا سيدتي وأنتي بالكاد تعرفيني , فأجابته: أأخشى منك وأنت تدخل البسمة على وجوه الناس أأخشى من من يفرح الجمهور !!
بدأوا بالحديث وابتسامة زياد تصل إلى أذنيه إلى أن سألها سؤالا :
لماذا تزوجت رجلا يكبرك بكثير يا سيدتي فصمتت نورا والوجوم يملأ وجهها فأعتذر زياد مدعيا أنه غبي لا يعلم بالحديث جيدا فقالت نورا : لا يا زياد,لا تعتذر أنا وثقت بك و سأقول لك لما تزوجت هذا المنتج أولا أنا كنت من عائلة بسيطة أحب التمثيل وحبه يجري في شراييني ولكن كيف سأصل إلى هذه المهنة الصعبة بدون سند يدفعني إلى الأمام لذا تزوجت من المنتج ذو الأموال الوفيرة وثانيا بعد أن رفض جارنا الذي كنت أعشقه أن يتزوج مني وتزوج ابنة عمه فكانت ربما ردة فعل بالإضافة إلى أن هذه الزيجة أطلقت نجوميتي فسألها زياد عن موعد سفرها وأجابته بأن سفرها بعد غد ثم غادرت وأوصلها زياد إلى القرب من مسكنها وعاد إلى المقبرة التي تحولت أمام ناظريه جنة زاهية لم تعد مظلمة وأمست صالة للأعراس بدأ يرقص ويغني لأنه أستطاع أن يحقق على الأقل حلما من أحلامه بأن يتحدث معها ويجلس وإياها.
مرّ اليوم سريعا وكأنه غمضة عين وجاء موعد السفر وغادرت نورا مع زوجها وبإطلاق الشمس شعاعها الأول دق باب المقبرة فهرع زياد لفتح الباب وإذ بحشد كبير من أهل القرية مجتمعين وهناك جثتين بحاجة إلى الدفن فسألهم زياد : خير من الذي مات ؟ فأجابه مختار القرية :لقد حصل حادث للباص في الطريق إلى المدينة وقد توفيت نورا وزوجها وكأنه بهذا الكلام صفع زياد على وجهه وبدأ زياد يدفن الاثنين وهو يتقطر دما والدموع تنسكب من عينيه أكثر من أهلي الفقيدين وعندما وصل إلى نورا ليواريها تحت التراب صرخ متكلما مع نفسه
كيف أدفن قلبي وكيف أعيش بلا روح ولكم الحياة قصيرة قبل يومين كنت جالسة معي والآن لن أستطيع رؤيتك مهما اشتقت إليك فأين كنا أيها الزمان وأين صرنا الآن لقد أخذينني إلى مكان جميل والآن ضعت في نفس المكان على الرغم من أنني اعرف الدرب ,وقرر زياد دفنهما بعيدا عن بعضهم فأشتكى أهل الفقيد وأصروا على دفنهم بالقرب من بعضهم فرفض زياد قائلا :لم ترتاح معه في هذه الحياة فليرتاح روحها في العالم الآخر فقبضوا على زياد وأخرجوه من القرية.
انتقلت الفرقة إلى مكان آخر ورحل مع فرقته ليستمر بتقديم عروضه فالحياة تستمر مهما طالت الليالي فلابد من أنها ستنجلي ويأتينا شعاع الصباح زارعا في قلوبنا أملا بالحياة.