قصص قصيرة جداً ( إلى المبدع الجليل عبد الستار نور علي )

 عمران عزالدين أحمد

(1)
تبّاً للمتربصين
تناهى إلى سمع زعيم الغابة أن جماعة متربصة تحاول النيل منه ومن حكمه، فدعا مجلسه الموقر إلى اجتماعٍ عاجل.
 سأل زعيم الغابة أحد وزرائه المخلصين:
– قل لي يا وزير … ما الشيء الذي يطربك ويجعلك نشوان فرحاً ؟
أجاب الوزير:
منظر الفريسة وهي تتألم وتستجدي الرحمة .
ثم وجّه السؤال ذاته لوزير آخر، فأجاب:
أن تتوسل تلك الفريسة إلي لأعفو عنها، فيقوم الجلاد بوضعها على الخازوق دون أن يكلف نفسه عناء سؤالي.
وسأل وزيراً ثالثاً، فأجاب:
 أن تكشف لي تلك الفريسة عن أسماء جميع المتآمرين على أمنك وأمن الغابة، فأقطعها إلى قطع صغيرة وأرميها في الصحراء طعاماً للذئاب.
انبسطت أسارير الزعيم وتمتم في سره : إذاً مازال أمني مستتباً، فتباً للمتربصين.

(2)
ويصدقون أحياناً

جلب الحاكم معه بعد عودته من تلك البلاد دواءً ساماً غريباً، ووضعه في ساحة المدينة، وأعلن من منبره السامق أن من يشهد في نفسه ميلاً إلى الانتحار، فليتجرّع ملعقة كبيرة من ذلك الدواء، وسيرتاح إلى الأبد.
ظن الناس أن ما جاء به الحاكم طعام شهي يخشى من نفاده، فسارعوا إلى تناول ذلك الدواء ومات كل من أكله، أما من تبقى منهم فما زال منذ ذلك اليوم بين مندهش ومصدق ومرعوب.

(3)
الوصية
جدي أوصى أبي قبل وفاته ببندقيته, وأبي أوصى بها لي, وأنا أوصيت بها لابني، ولكن الذئاب أجهزت على آخر خروف في قطيعنا دون أن يستعمل أحد منا تلك البندقية.

(4)
لن يعتذروا
 
طلب الملك من الخادم أن يستدعي له الطبيب الخاص، لأن ورماً في بطنه أرّقه ليلة البارحة وعكّر عليه صفوه.
 حضر الطبيب وفحص الملك، ثم أوصى بأن يستلقي على ظهره إلى أن تزول هذه الكتلة ويبرأ من هذا المرض.
قال الملك وهو يئن متوجعاً والدموع تكاد تنهمر من عينيه:
– ممّ أشكو بالضبط يا حكيم…؟!
رد عليه الحكيم وهو يرتجف هلعاً: مولاي الملك هذا ليس ورماً، إنما وعود كنتَ قطعتها على نفسك أمام شعبك ولم تف بها، ولكي تزول هذه الكتلة يجب أن تعتذر لهم وتنجز ما وعدت به.
فما كان من الملك إلا أن نهض من فوره وأمر بقطع رأس الحكيم ورميه في البئر.

(5)
قص ولصق

قص كل المقالات والمراسيم والشعارات التي تتصدرها الجرائد الرسمية في بلاده، ولصقها على جدران غرفته وأبواب منزله ..
لكنها حتى اللحظة، لم تنتشله من ثورة تنهش معدته.

(6)
مجلدات

كان يخصص لكل خبر يبعث في نفسه بهجة من نوع ما، مجلداً يطلق عليه اسماً من قبيل: 
روائع ..أشعار جميلة .. أفراح ..مقالات هامة.
وحدها الأخبار السياسية كان يحتفظ بها في سلة المحذوفات.

——–

سوريا / الحسكة
Amran-m@scs-net.org

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…