طقوس للحب .. للشجن

آسيا خليل

قبسٌ من نور
وفجرٌ نديّ
شعاعٌ يرنّ في روحيَ الحيرى
يدنيني من رفّ الملائكةِ ومنازلِ الغيمِِ
لم أدرِ من منكما اصطفى القلبَ أولاً
آذارُ أم أنتَ  ؟
فأوقدَ شهقةَ الولهِ

واللوعةِ معاً
ثمّة لونُ البهجةِ يلفحُ الأفقَ
ثمة ما يشي بانسيابكما
همسُ الحشائشِ نغمُ نهاوند
تلويحةُ الأشجارِ لشتاءٍ يجرّ عباءته المبتلة
تغريدُ العصافيرِ على شجر الروحِ
ورغبةٌ حرّى في معانقةِ هذا الكونِ
هذا الكوكبِ الساهي عن وجودي .
***
 كنتَ تنسجُ ملاحمَ الأجدادِ
بنَوْلِ الأماسي الجريحةْ
تذرذرُ في الريح ذاكرةَ البلادِ
على مقام الكرد
صوتك شجيّ
وآذارُ مخاتلٌ بين المواسمِ
جديرٌ بحزننا الجليلِ
مزدانٌ بآياتِ عشقنا المستديمِ
وكنتُ أحزمُ من انكساراتِ الحلمِ
أكاليلَ غارٍ لشواهدَ  طازجة
وقرابينَ كثيرة على مذبحِ النوروز
أنثرُ المناديلَ على الأمهاتِ :
هشّي بها الجراحَ يا أمهاتي
وارفعيها عالياً ، 
عالياً …
عسى كل أعمى بصيرة أن يراها 
فينجلي الغموضُ الممسكُ بأعناقِ أقداري
المعلقة بقرنِ المجهولْ .
***
قلتَ :
تَغرقُ البلادُ في دياجيرِ الظلام
والصمتُ قابعٌ
فوق سورِ المدى
فآويني إلى قلبكِ الرقراقِ
إذ تميدُ الأرضُ بي
وينكرني العبادُ
أنا النّايُ الملولُ
أتهجّى أثرَ الهجراتِ
منذ الميديين وبابل والسريان
وليس انتهاءً بأرضِ السوادِ
أفريقيا الحزينة
أنا الجسدُ النحيلُ يجاورني موتي كظلّي
متعبٌ من شجني
خُذيني
من طائرِ البكاءِ المرابطِ
في ممراتِ ألمي المكابر
دثّريني بصباحكِ النعناعِ
بشال ذاهل عن نفسه
مذ مسّه جمرُ العناقِ
بسحابِ عنقِكِ الرهيف
لملمي بيدين من رحيقِ الحنطةِ
من خافقي
سوسنَ الوجدِ
 زيّني
خصلةً من شَعركِ المسترسلِ
في الفتنةِ ، في الحنّاءِ
بأزاهيرِ حنيني
( في شهر آذار تستيقظ الخيلُ
سيدتي الأرضَ !
أيّ نشيد سيمشي على بطنكِ المتموّج ،بعدي ؟
وأيّ نشيد يلائمُ هذا الندى والبخورَ  ) *
لأبتدئَ طقوسَ صلاتي في معابدكِ
وليمضيَ هذا الشرقُ إلى طقوسِ نوروزه   .

* ما بين قوسين أبيات من قصيدة للشاعر الكبير محمود درويش

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…