وطن لا يعرف القيامة!!! ( إلى أرواح شهداء انتفاضة قامشلو)

جهاد صالح *

كلمات تشيخ في ذاكرة..
أوراق مضّرجة بدمي
وقصائد ترثي حزنها في جنازة الحياة..

وطن… موت وولادة!
مدن تهيم في وجه الأرض
تمزّق سكون الكون
صمت يزهر في عيون النسيان
بلاد المهانة..
بلاد سلخت من جلودها
بلاد نامت عيون الله عنها؟؟؟؟
كفر ..عربدة..مجون..جنون..الحاد
أفواه تتسكّع في صدى أهوال الصراخ
حقيقة تذبل في ربيع ماطر
وميض فجر يرحل منذ أول صيحة ديك
شمس خجولة تخشى أن تعترف ببريق العيون التي غيبّت!
 
سنين تمضي, ووطن يغرق في متاهات أحلامنا
نتجرّد من أوراقنا
ننزع عن آهاتنا كل غبار الأزقّة
ننفض عن أجسادنا ويلات وويلات
نقف في حضرة الروح
نغتسل بدموع الملائكة في اغتفار
وطن ينزف خبزا
وطن يحكي ميلاد
زنبقة تفتح فاهها
سنابل وجداول
حرية حمراء
وسلال تبيع عناقيد العنب
نصنع خمرة للنسيان
ذهول يملأ الأمكنة
نزيف جراحاتنا ترسم للبحر بسمة لا تعرف المدّ والجزر
ملح لا يكاد يوقف عبث الدم القاني
انه  بكاءنا..بكاء الأوطان
كرنفالات الحرية على تلال قامشلو
آذار شهر القيامة
احتضارات الروح وصهيل الشوارع العطشى
أه من ذكريات لا تعرف الهزيمة
جيوش تحطّم هاماتنا أمام عيون طوروس.جبل الانكسارات
أشجار تتساقط من أعلى
ترنو بصمت جميل
لكن قيامتنا نحن أحفاد كاوا, أزاهير وزيتون اخضر
صنوبر ابره تلفظ بقاءنا
نحن لا نعرف الموت أبدا
خريف يزهر في كل الفصول
 
هائما في المدى
أجثو أمام جسد ينازع الزمن,يتشبّث بسلاسل من حديد
يحطّمها..أغلال..قيود تكبّل الحرية
جسدي يهطل كالرّعد, يوقظ كل ظلال السماء
احمل نعشي الملوّن بتاريخ كردستان
قلبي أحصنة تسابق الريّح
تركض في وجه القدر
تجمع غيما لأجل أن يبكيني إذا ما تحوّلت لزنبق ابيض.
لا لن أموت.. لا قيامة لي!!!
فأنا لأجل النار
لأجل أن أوقظ لالش من ظلال جبال زارا
لا لن أنام قبل أن اسرح بخيولي في سهول دجلة
لن ارحل قبل أن ارسم لوحة عشق لمم وزين
فأنا طفل يكتب على جدار ترابي أبجديّة كرديّة
ألملم ترّهاتنا المبعثرة
انتشل خارطتي من حدود المتاهة
لا شيء يثنيني
أسير وحيدا, امتطي جغرافيّات الغموض
ارتوي من إكسير الحياة
وطني…. يا هويّة المنفيين
يا كأسا لا يسكب فيه سوى الدم
وطني ألف آه….ألف حسرة..ألف دمعة
شهداء..شهداء…شهداء

أنا لا اعرف نسيانا ولا وداعا…
أنا من ثكلت أوجاعه منذ الطوفان
وارتشفت مآقينا من سكرة الموت
هل تكفيكم قيامتي أيها المارقون الطغاة!!!!!!
أغلالكم أضحت ازاهير تعانق أنفاسي
وكل حشرجات جلاديكم تؤنس وحشة سجني…
قضبان معتقلاتكم كتب…. ستفضح للعالم جبنكم الأسود..
حمامة صادقتني من هناك…على شرفة نافذة
الشمس أطلّت رأسها خجولة من فوضى المكان
مشانق…. سياط…..إنسان ينحني للمرة الأخيرة في حضور الحرية..
وطن .وطن.. وطني المغيّب
أيها المسافر هلا تعود لتأخذني في أحضانك
أنا كلّي أمل أن أموت فيك لأرتوي من آدميّتي ولو برهة؟
عد فأنا لن أموت إلا لأجلك!
قد يخذلني الجسد…هامتي…أغصاني المكسّرة
لكن روحي..كبريائي..أحلامي
قصائدي..
مدن ملح تغتسل في محيطات أنيني..
وطني في آذار نوروز يقبّل كل جزء من ضلوعي..
نار تشعل جبالي.. ثورة وأزاهير.
أصابع يدي شموع تضيء عتمة التاريخ
تاريخ لا يعرف سوى الظّلم؟
ارض وشعب وسنبلة غدت خبزا في هيكل الروح!!
قصائدي تلفظ أنفاسها..
وجع وانين
نار.. جمر.. صرخة أمّ تشقّ نشوة القدر
لا شيء يعرف الهدوء…..
غناء ونشيد
عويل المدن الحزينة..
لكنني أعود من جديد.. اجرّ من ورائي كل أساطيل الهزيمة!!!
ابتسم للريّح… لومضة السهو..لعواء الذئاب في روابينا؟
أعود ومعي كل أوراقي..
وأبدأ بدمي املأ محبرتي..
اكتب حكاية شعب يضجّ صمت المكان…
قامشلو…كرداغ…كوباني….كردستان
هو ذا وطني..
عنوان للحقيقة..
وخطيئة لا تغتفر..
دونتّها في دفتري…
في المقبرة..
في سكون الصّدى… في عوسج الشوارع..
ولا يبقى لي أنا الكرديّ من زحمة أحلامي سوى..
ورق..ورق..ورق
أعيش الحريّة بعيدا عن عيون الله والأشرار والقدر الغاضب.
اكتب من روحي..من وحي أفكاري.
ملامح وطني وحكاية لا تعرف القيامة…

آذار 2007
*  صحفي وشاعر كردي-سوريا
xebat_s@hotmail.com      

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…