قصص قصيرة جداً

عمران عزالدين أحمد / سوريا

المسحراتي 
انتهز جارنا المسحراتي فرصة انقطاع التيار الكهربائي ، وتوقف دوران أطباق التلفاز الفضائية ، وسيران الناس في الشارع، وتجول في الحارة التي كان يلفها السكون مردداً :
” اصح يا نايم وحد الدايم … رمضان كريم.”
بيد أن الحارة بقيت ساكنة وغارقة في الظلمة ، فأيقن المسحراتي أنه قد كبر وأن صوته قد وهن وعاد إلى بيته يجر أذيال الخيبة شاعراً بتأنيب الضمير .!  

الطاولة
اجتمعت المناصب الهامة على طاولةٍ ، واتخذت بعد إرهاق وتعب شديدين قرارات هامة جداً , ولكن الغريب في الأمر أن تلك القرارات لم تكن مفهومة لأغلبنا ، رغم أنه لم يكن يميزهم عنا سوى جلوسهم على طاولة فقط .

قضايا أدبية
في برنامجه التلفزيوني”قضايا أدبية”استضاف المعدّ شاعراً متميزاً ووجّه له الأسئلة التالية:
_ هل شاهدت ضحايا زلزال تسو نامي ..؟
_ نعم ..
_ هل تعتقد بأننا قادرون على تحطيم ترسانة العدو والنصر عليه ..؟
_ لا أدري  ..!
_ من هي الممثلة التي ترشحها لجائزة الأوسكار هذه السنة ..؟
– أظن …
_ هل تتوقع أن تحتفظ البرازيل بلقبها لكأس العالم ..؟
–  أعتقد …
_ كيف تنظر إلى مستقبل الشعر ..؟
_ إن الشعر هو …
_ المعد مقاطعاً الشاعر منهياً برنامجه :
“شكراً لكم أعزاءنا المشاهدين على حسن المتابعة ، ولقد لاحظتم أن أجوبة شاعرنا الكبير بدت مقتضبة جداً فهذا حال الشعراء عندما تكون الأسئلة شعرية بحتة .!” 

جدول الضرب
في حصة الرياضيات سأل التلميذ أستاذه : كيف نحفظ جدول الضرب يا أستاذ ..؟
 أجابه : ألا تسكت عن حقك يا بني .!

مخاتير أمام العواصف
ضج سكان القرية من السرقة المتكررة لمحاصيلهم .. فقصدوا المختار ، وكتبوا له عريضة جاء فيها : (تتعرض محاصيلنا للسرقة باستمرار .. نطالب بمعاقبة السارق واسترجاع تلك المحاصيل . ) قطّب المختار جبينه وأخرج ورقةً من جيبه فتشدّق وتعهد باسترداد ما سرق , ثم ندد وهدد واستنكر وأكد بأنه سيلقن الجناة درساً لن ينسوه أبداً .
 فجأةً هبت عاصفة طوحت بورقة المختار ورمت بها بعيدا ً.

السيرة الذاتية للقمة فارة

أ
كانت المائدة حافلة بالكثير من أنواع الأطعمة , وكعادته أتى عليها كلها ، باستثناء لقمة صغيرة فرت من إحدى صحونه اللماعة إلى الشارع . واستقرت في معدة شحاذٍ عجوزٍ كان يفترش رصيفاً قذراً من زاوية منسية في مكان مهجور .
منذ ذلك اليوم وجميع الفقراء يفترشون الأرصفة القذرة !

ب
شكى صاحب المائدة العامرة اللقمة الفارة إلى أمير البلاد , فأصدر الأخير فرماناً يقضي بعودة اللقمة الضالة المذنبة إلى صاحبها . وبعد بحث وتحقيق طويلين أقرّ العجوز بذنبه ، فانتزعوا اللقمة من أحشائه انتزاعاً وأنبوها تأنيباً عنيفا ً.
منذ ذلك اليوم بُني جدارٌ عازلٌ بين الفقراء والأغنياء منعاً لفرار الفتات .!

Amran-m@scs-net.org

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…