المسيرة الظافرة

توفيق عبد المجيد

لقد قالوها سابقاً ، قالوها بعد الكثير من النجاحات والإخفاقات ، إن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، قد تتعثر، وقد يتلكأ أصحاب المسيرة ، ولكنها في نهاية المطاف ، تسلك طريق النجاح والوصول إلى الهدف ، فتجاوز الجبل صعب ، ولكن حفر نفق فيه يسهل الطريق ويقرب المسافات .
فإلى كل من يطمح إلى المستقبل ، ويحاول (إعادة شاخصات الطرق إلى مكانها الصحيح حتى يجنبوا الغير التوهان في الزواريب المصطنعة المعتمة) ولا يعبأ بالزوابع مهما تكاثرت واشتدت ، أهدي هذه الخاطرة ، مؤمناً كل الإيمان بأن يصل الإنسان متأخراً خير من أن لا يصل أبداً ، وسيتغلب على المعيقات في نهاية المطاف لأنها موجودة بشكل طبيعي في (هامش الصدفة لا في مسار الأصالة).
ــــــــــــــــــــــــــــ
يروي الأدب العربي القديم
في أسفاره
أن قافلة كبيرة
في بطن الصحراء المخيفة
كانت تسير
في حماية الحراس
بكامل أسلحة ذاك الزمان
وعتادهم 
وقد توزعوا
على طليعة القافلة
ووسطها ومؤخرتها 
وهدفهم
حماية القافلة من اللصوص والطامعين
بها
قطعت القافلة مسافات طويلة
ولم تعبأ بخفايا الصحراء
ومتاهاتها
لم تعبأ بذؤبانها المتوحشة
ولدغ حشراتها 
وسموم أفاعيها
كما لم تعبأ
بكل حيواناتها المفترسة
وصلت أخيراً إلى واحة
وقرر أفرادها أخذ قسط
من الراحة
توقفت القافلة
 ومن على ظهور الجمال
أنزلت الأحمال
وبدأت التحضيرات لطعام القوم  
أشعلت النيران
وعلى جمرها وضعت قطع اللحم
فانتشرت رائحة الشواء
 في أرجاء الصحراء
 فملأت الجو والأرض
والسماء
 ثم مزيداً من الجياع جذبت  
فاقتربوا ولكن
كانوا خائفين
وبضوء النار
مهتدين
وبرائحة الشواء
مسترشدين 
طمعاً في قطعة لحم أو شحم
ولم
يتجرأوا على الاقتراب 
أكثر
فظلوا حول القافلة
من بعيد
يحومون
ومن باب إنساني
أحس القوم بإحساسهم
فرمى أحدهم إلى كبير الذئاب
بقطعة لحم مشوية
التقطها هذا الجائع
ودار إلى الخلف
وفي ظلام الليل غاب
وفي بحر الصحراء الواسع
اختفى
هائماً على وجهه
وتابعت القافلة سيرها الهوينى
في قلب الصحراء
دون خوف من متوحش
أو حساب لمفترس
بعد حادثة الذئب الجائع
الأغبر
حتى وصلت أخيراً
إلى محطة الأمان
في 14 تموز 2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…