في بغداد..

ماجد مطرود / بلجيكا

تدور الدبابة في بغداد
في بغداد
يونس والحوت
واسماك شتى
وضفادع ثكلى
وآثار سنين
في بغداد
صالح لا صلح له
والناقة قد عقرت
ورقاب قد نحرت
وشخير وانين

اشباح الموت 
تفتش عن اشجار بحدائقها كفرت
اشباح الموت
تشمشم حصران القلب
تنقطها بلعاب القحط

تدور الدبابة في بغداد
تدور كعربيد اوهم افعى
سرقت عشب العنقاء وظنت
جلجامش مسحورا في شبك الصياد
تدور الدبابة في بغداد
متدربة تدرك غليتها
هائمة
في الزيت تهرول سرفتها
وتغوص عميقا
وعميقا جدا
حتى عسل الملكات
وموسيقى البيت
لا تخطأ رميتها
بغداد تراوغها
بغداد تساومها
وتعاشرها
فيما في الغابة
يزهو الموت مناشيرا
وبأظافرها
تلهو فوق تلال الاجساد

تدور الدبابة في بغداد

تدور فيغلي ويفور دم الاحباب
ألم تشبع تلك الدبابة
من عشب الناس من المد الى المد؟
ألم تشرب دفء الآس
وماء الورد من النهد الى النهد؟
أ لم تسوّق ماء الروح
الى اللحدين سراب؟
تحية كل النخل
الى من يصغي
قلت
اين محبة ذاك العشق؟
اين الناي
امنية الهوى
وتراتيل القباب؟
******
يا آدم ابناؤك عادوا
اسحرهم ثأر كليب
وعادوا
قلت لهم
لا ترموا قمرا
الدهر سينقضّ على اغنام
تاهت بمراعيها
واتكأت فوق قميصي
تبحث عن معطفها
قلت لهم
الكينونة
ليست كأس سراب الدين
الكينونة
رحم الطين
جذع الله
والرطب اليومي
الكينونة
قطرة حلم
قلت لهم
التاريخ يؤسسنا
*****
يا يعقوب الحزن ألا ترى؟
ابيضّت نخلات بنيك
وانكشفت عورات الليل
فعلام الحمّالون بأثقال مدافعهم
حملوا عشتار على اكتاف جحافلهم؟
وعلام خطاياهم
سجدت بالريبة حتى آخر ايام السيل؟
أ لكي يتحرر عنق النار
من الحرب الى الحرب بطارقهم؟
ام نصبر..نصبر حتى
نحرق احلام الود رمادا لكراهيتهم
يا يعقوب الحزن تمهل
الشيطان كبير
أكبر من حكمتنا
خدع الله ولم يخدعهم
ها هم دخلوني
دخلوا في الاعماق
ها هم في احشائي
منتصرون
*****
وها نحن هنا
منهزمون
وهناك ابي
وشقيقي
وكذلك ابنائي
فروا
لسموات اقرب من ظلي
لحروب ..تعرفهم بحدائقهم
فروا
بثياب البيت
لقتل اشرف من قتلي
فروا
اختاروا البعد ملاذا
وارتكنوا
ارتكنوا في هدأتهم
سعيا للامل
فمروّة اهل اليأس
نست نجمتها في الوحل تذوب
ونبوّة ماء البحرسعت
نحو الملح وذابت
حتى يسوع القلب
تهالك منزويا
كهلا
كالخاسر اياما
وحروب
قيّد ساعته
ونسى
فوق صليب الحب جراح ابيه
ضيّع حكمته
ضيّع كل بنيه
ثم نسى في البدء
يكون الهمس
فنام  بظل الآريين سعيدا
حتى انكسرت
فرس الشمس
وماتت
*****
اما الخارج من دير الليل كأفعى
اندسّ كسم الافعى
في الداخل يعزف رقصته
يعزف داحس والغبراء
يتل اسماءا
لخيول تشبه موتي
تشبهني
قلت..بسوس لماذا
تتدلى من قرطيك توابيتي؟
ولماذا
تتدلى الاسماء؟
من توّجك احلام رعا ة
ومؤامرة
بين اظافر هولاكو؟
من زوّجك كيسنجر رقما
بين حضاراتي؟
******
فتقولين خصاما
الراقص عزرائيل
سلاما لأصلبعه
وسلاما لتفرّده
الراقص مات على رقصته
ذاب برقصته
الراقص عزرائيل
رقصته للموتى
حين يمدّون حناجرهم
طلبا للقوت اليومي
رقصته للاحياء يخطون سؤالا
انقى من ريش حمام
عانقني
طلبا للسلم
رقصته بغداد بلا نهر
******
وانا فرس النهر
أرتّب دمعي
أرتّب حزنا
يشبه حزني
وأمشط ايامي قمرا
يشبه قبري
وحدي فرس النهر
أنوّم اوردتي
اطفالا
حلموا..بالحوت كبيرا
كالمارد..ينقضّ على قمري
فسأجمع اوردتي
حنجرة
تصرخ
امريكا يا امريكا
(فكي قمرنا العالي)
امريكا يا امريكا
عودي من غير سلال
امريكا يا امريكا
امريكا يا امريكا

    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…