عدة قصائد للشاعر خالد خلات حجي

 خالد خلات حجي

سأكتب وجهك

سأكتبُ وجْهَكَ…
وانثرُ حروفَه عطراً
على جدرانِ الرواق..
حتى تُذكٌر الدنيا
لمواليدِ الهواءِ إن أقبلَتْ
في زمنٍ سَيأتي
بِعاشقٍ قضى نحبَهُ
لأجلِ وطنٍ ؟! سَما في روحِهِ
وما نَمتْ حُدودُهُ فوقَ أرضٍ
وإغتَربتْ أنفاسُهُ عن كلِّ سماءْ
سأكتبُ وجْهَكَ…
وانثرُ حروفَه عطراً
على جدرانِ الرواق..
حتى تُذكٌر الدنيا
لمواليدِ الهواءِ إن أقبلَتْ
في زمنٍ سَيأتي
بِعاشقٍ قضى نحبَهُ
لأجلِ وطنٍ ؟! سَما في روحِهِ
وما نَمتْ حُدودُهُ فوقَ أرضٍ
وإغتَربتْ أنفاسُهُ عن كلِّ سماءْ

سأكتبُ وجهَكَ…
وارسُمُ نجومَهُ لَحْنا
على مَسْمعِ العُشّاقْ..
حتى تهمهِمُ السروَةُ الخَرسْاء
في أيامٍ سيَطَأ وقْعُها
فوقَ جُنْحِ الغدْ
وتحكي صَمْتَها
لأجيالٍ الزُقاقْ
عن منفيِِّ أَمْسهُ؟!
جُنْ منهُ الجنونْ
وغدَتْ نبوءَتهُ سِحرا
شَفِيَتْ منها أحلامُ التعَساء
عن مجنونٍ؟!
اسْتَفحلَ بهِ سَقَمُهُ
وما سَقاهُ ضَنُّ السِنينْ
ببعضِ ترياقٍ ولا حتى دَوَاءْ
 

سأكتبُ وَجْهَكَ…
واحكي ملامِحَهُ لوناً
كَسِر كُتِمَ في الأعماقْ
حتى تبوحُ بهِ السِنونَوةُ المهاجرة
اذا مرَّ صيفُ مُثْقَلَُ قفْرُه
وأرْدَفَهُ خَريفَُ يبتسمُ حُزْنا
وتَنطقُ بِجناحَيْها في فمِ ذاكَ الوادي
عن مسافرٍ؟!
انْتَحرتْ مَحطّاتُهُ
لأجلِ ربيعٍ
سقطَ من على صَهْوَتِهِ
بينَ نَزَقِ شتاءٍ لا تمطرُ سَحَابَتُهُ
وطيشَُ صيفٍ أضاعَ سَنَابِلَهُ
عن مسافرٍ؟!
تَحطّمتْ حوافِرُهُ
وأضحْى نَهارُه ليلاً
والفَجْرُ نَعْشُهُ
وَحَملتْ الرمالُ موكبَ الدفْنِ
لا الموتُ موتُ
لا الدفنُ دفنُ
ولا نايٌ…. فلا عزاء؟!
 
سأكتب وجهَكَ..
وأذري نورَهُ طُلاّ
فوقَ رَحْبِ الآفاق..
حتى تََنثهُ الغيمةُ الناطرةُ
اكسيراً فوقَ رؤوسِ الجياعْ
حينما يَهمسُني الفلكُ بِرَنَتِهِ
ويستيقظُ الحقُّ من غفوةِ عَمْياء
وتبَجّلُ قطرةُ المطرِ
صريعاً أفنى كنوزَهُ
كي تجتني اكفُّ الظِّماء
وما رشَفَ من مائِهِ فَمُ
ولا ذاقَ من حُلوِهِ لسانْ
وغابَتْ غَرْساتُ عمرِهِ
وأطلالُها تزهو في لبَّ القاعْ
يتسللُ نَشيجُها كبخارٍ حافي
يطوفُ حضورُهُ كلَّ البقاع
فيشقُ بسنانِه فضاءَ الفضاء
سأكتبُ وَجْهَكَ… وأمرّغُ ذِكرَك
مسكاً على خدِّ كلِّ حبَّةِ تراب
وضوعاً على كفِّ كلِّ ذرةِ هواء
وأقرأُ صوتَكَ
على مسمعي
ومسمعي كهفَُ
لا تَقضُ الخفافيشُ لِيْنَ مَضْجِعي
 
سأكتبُ وْجَهكَ…
على جبيني
وجبيني بالأمسِ كان مهدي
وباتَ لي اليومَ قبراً
وأَيُ قبرٍ جميلٍ مثلَ قبري
وأَنْحُتُ حُلْمَك
على وجهي
ووجهي فيما مضى
كان رحمي
وأمسى لي الآن رمساً
وأي جنةٍ بكرٍ مثلَ رمسي
 
سأكتبُ وَجْهَكَ…
وأَمدُهُ طيفاً على ورقي
بما قٌدِرَ للقلمِ
أَن يمشي
آخذاً حِبْرَهُ من عمري
وعمري ؟! بَحْرُ لا يجاريه حبري
وحبري ؟! لَيلُ لا يفيه قلمي
وقلمي؟! سَيْلُ هائجُ
لا يَسَعَهُ أَديمَ ورقي

 

أين المصير..؟
 
زمن سليط لسانه
وقدّه جحيم
وجدرانه كونكريت
زمن سليط لسانه
سقفه جُبل من صوان
ودهانه سمّ طاغوت
يبصق الموت

اخضرار التراب المشلول
يضرب بالصوت قفا الحياة
مشت الأشياء أشباحاً
والبقايا سراب

كأن الصدور حبلى
والآلام جنين
خصبتها اللسعات
تحت عقم المكان
ثمة ثقب قد نخره الرجاء الكسول
على متن سلحفاة
وحلّقت الصلوات إلى النور المغترب
خرج الأمل من قفصه
فنفض الحلم قبره
وتشبث بجناح بالٍ
وطاف حول شراع
رُتق بيد عرجاء
فاهتز السكون
وانبرت نوى الصمت معولاً
حطم قضبان القشور
كحقٍ لم يساوم على عرشه
ولا خان الغصون..!

اندحر الطوق السادي
وهُزم مستحيل السجون
الجَلَبة تمادت على حاضر الدرب
وامتعضت الأقدام الحافية
من الشوك المنثور
على طريقٍ
لم يُعبّد باليقين
وزُحام الرصيف ظنون
ورذاذ الدم يتطاير
مع وقع الخطى
لصهوة تنشد إلى الأمام
فلا رجعة
إلى تلك الجدران
إلى هاوية،
إلى قمة،
إلى مجهول بلا لسان،
إلى نصف مُحال،
إلى اللاحدود.. إلى حيث اللاعنوان..!
فأين المصير يا سفينتي؟؟
وأي شاطئ ستكون فيه أغنيتي؟
أعَلى تجاعيد الصخر؟
أم فوق البركان؟
أوَراء البحر؟
أم في شذوذ عقرب الزمان؟

 

سأقرأ وجهك..!

سأقرأ وجهَكَ
و أكتبه بلسماً
على صفحات جرحي
و أصوّر الأحرف
كقوسِ قزحٍ
على وجه صبحي
سأقرأ صوتكَ
وأكتبُ رنينه
على تعرجات سفحي

وأُذكي بأطيابه
وردَ أوديتي وزهري
هلمّ إليّ بوجهكَ
و مدّني بصوتكَ
كي أسقيكَ بعضاً
من خمرة الليل
وبعضاً من عذوبة حزني
خذني خارج الأبعاد
وما بعد كل المسافات
وأنثرني وآلامي
فوق عتبات الثلج
على مواسم الصقيع
بعيداً عن لسعات التنين
فقد أتعبتني
واقتربت مني أفواه البراكين
 

سأقرأ وجهكَ نجماً
وأكتبه كشمس بكرٍ لفجري
سأقرأ صوتكَ بدراً
وألوذ به لائذا
إلى حيث يمتدّ الأبدُ بي
سأقرؤه
وأجوب بعينيكَ محطات عمري
وأحلّق معكَ كظلٍ لنور
من ماضٍ وحاضرٍ
وإلى ما حوته من ثوانٍ
ساعات دهري
 
سأقرأ وجهكَ
لأغرسَ ألوانه
على هضاب وجهي
سأقرأ صوتكَ
لأخط همساتهُ
على خطوط صوتي
سأقرأ وجهكَ..
سأقرأ صوتك
– تفضضات –

في هذه الحفرة
سأدخل..
سأتمدد..
ضع ذاك التراب فوقي
وتلك الصخرتين..
و دع بينهما الوردة
شكراً ؟!
خلنّي وحدي
ـ وبصمت ـ
أفكر في الحياة..
 
في فمي تحجرت الأحرف..
وأمام عيني
شاخت مواقد انتظاري..
وفوق كفي
انتحر موكبي التائه..
وفي أذني
أعلن الغراب القبيح
عن مواسم احتضاري..
 
لا شكرا لقبلات
تحمل نكهات البارود
ولا لدفء امرأة
استرقت الحراب أنوثتها..
لا شكرا لزمن
على أروقة قلبي
تثاقل وقعُ ثوانيه
واستحالت كجحافل للموت
تدك بلا هوادة أكواخي
وكبوتقة صمّاء
تطحن عظمي
وتكتم أنفاسي
  
وطني ..
أي لفظ جميل تكون
حين أهتف بك في حلمي
وفي اليقين
كم أنت بشع المذاق
في بواطن فمي
بحثت فيك
عن أرضٍ
فلم أجد ألاّ ثرىً صار برادة
عن شعبٍ
لا يعلنوا عنه الحدادَ
عن حبٍ ضائع
قد مات قبل الولادة… 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…