الثقافة لا تزدهر… إلا ضمن فضاءات من الديمقراطية والحرية ..!! حوار مع الكاتب خالص مسوّر

  حسين أحمد :
Hisen65@hotmail.com

كأن هذه الحوارية الثقافية والأدبية والسياسية, هي التي تنطق روح الكاتب الكردي خالص مسوّر ومكابداته وانكساراته وعذاباته الميدانية داخل حقول كثيرة ومواقع مختلفة. لذا لا يمكن لنا الإحاطة الدقيقة بكل جوانب ومجالات تجربة خالص مسوّر الكتابية والثقافية والسياسية والإنسانية والفكرية الطويلة ، لان هذا يحتاج منا إلى دراساتٍ أدبية ونقدية عميقة ومفصلة والبحث المستفيض في كوامنه لتتوضح صورته ورؤيته أكثر , ربما يحتاج إلى صفحات ليست بقليلة أو ربما يحتاج حتىّ إلى كتاب ..
لكن أقول في هذا المتن وبكل صراحة وموضوعية , إنها محاولة سريعة جداً في استبيان هذه التجربة الثرية سريعاً والكشف عن جوانب بارزة في أجنداته الكتابية والمعرفية والإنسانية فيما قدمه الكاتب خالص مسوّر خلال مسيرته الطويلة في العمل الكتابي من دراساتٍ وأبحاثٍ فكرية وتاريخية ونقدية وأدبية ومعرفية, في المشهد العام سواء أكان هذا المشهد كردياً أو عربياً..!!!
إذا لندخل معاً إلى عوالم خالص مسوّر الكتابية والإنسانية والمعرفية ولنقرئه بدرايةٍ تامة في هذه الحوارية الساخنة و لنرى ماذا يقول ..!!
يقول الكاتب خالص مسوّر في هذا الحوار :
ـ النقد نصفه موهبة ونصفه الآخر دراسة ..؟؟
ـ حينما أطالع كتاباً وأنتهي منه لا أرمي ما قرأت وراء ظهري .؟؟
– فمثلما تسرق الدراهم سرقت التاريخ الكردي وطمست معالمه ..؟؟
ـ أن الشعب الكردي يمر في مرحلة حاسمة من تاريخه النضالي..؟؟
– علينا أن نعلم بأن من ليس له ماض ليس له حاضر و لا مستقبل..؟؟
ـفي كل مقالاتي وكتاباتي هناك فسحة أخصصها لاجتهاداتي المعرفية ..؟؟
ـ تعاطفت بصراحة مع حزب العمال الكوردستاني وأبليت فيها بلاء حسناً .؟؟
ـ في الحقيقة كانت أحداث آذار الدامية في مدينة القامشلو قفزة نوعية في مسيرة الحركة النضالية الكردية.؟؟
– أن الذين بشروا لأول مرة بولادة السيد المسيح هم من الأكراد ..؟
لنبدأ معه بالسؤال الأول :
س1- كتابياً..!! سياسياً..!! فكرياً..!! إنسانياً …!!
من هو خالص مسوّر..؟؟
متى كانت بداياته الكتابية و الفكرية في هذا الخراب الدامي ..؟؟
وكيف دخل إلى عالم الكتابة والكلام والسياسة والبوح والتأملات والخلجات الروحية والمعرفية مع هذه السحب الغبارية الكثيفة في المشهد الكردي السوري العام ..؟؟
هل بإمكان الأستاذ خالص مسوّر أن يرسم لنا صورة شبه متكاملة  – فوتوكوبية- عن مسيرته الكتابية و الثقافية والإنسانية بشفافية واضحة في هذه السجالية إذ كان هذا ممكناً الكلام فيه ..؟؟
ج1– بداية لابد من كلمة شكر للمحاور الأستاذ حسين أحمد، هذا الإنسان المهذب والخلوق، والعصامي ثقافياً، أي أن هذا الرجل دخل معترك الحياة الثقافية بجدارة واقتدار، واستطاع أن يبز الكثيرين في معترك الكتابة ومن خلال حوارياته ولغته العربية الرشيقة.
ربما هناك قلائل ممن يعرفون حسين أحمد هذا الإنسان الكردي الغيور، الذي وجد نفسه تواقة إلى القلم والكتابة فسارع إلى تثيقف نفسه بنفسه، وبدون،مجاملة فقد أوصل الرجل نفسه إلى مستويات قد يحسده عليها الكثيرون. ومن لايصدق فليطلع على كتاباته وحوارته التي أجراها بلغة سلسة عذبة ونشرها في المواقع الإنترنيتية، قد يعجز عنها ممن يحملون شهادات إختصاصية سواء على مستوى الإسلوب اللغوي الرفيع، أوعلى مستوى اللفظة والصورة، أو على المستوى الدلالي للفظة المعبرة.
ونعود به إلى سؤاله من هو خالص مسور؟ لابد من القول بأنني أكتب باللغتين الكردية والعربية. فقد عشقت الثقافة منذ صغري أي عندما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية في ستينيات القرن الماضي، حيث نشأت في قرية( حوفة ) التابعة لمدينة القامشلي، ولازلت أذكر أنني كنت أرسل دراهم آنذاك مع زوار المدينة ليشتروا لي العديد من الجرائد التي أقرأها باللغة العربية وبنهم زائد، ولازلت أذكر اسم جريدتين منها فقط كانتا تصلان إلى القامشلي وربما كانت بيروتيتين، وهما على ما أعتقد جريدة (الكفاح ) وجريدة( اللواء) .وكنت أقرأ كل حرف وكلمة فيهما بشغف بالغ، ويقيناً أنا لازلت أحفظ سطوراً من محتويات هذه الجرائد غيباً إلى الآن.
كما كنت أقرأ كتباً متنوعة أستعيرها من مكتبة مدرسة العروبة في القامشلي وأنا طالب في الصف الثامن الإعدادي أو بالأحرى كنت أقرأ كل شيء يقع في يدي كتاب..مجلة..جريدة… تعاملت مع الأحزاب السياسية الكردية منذ الصف التاسع الإعدادي مع هذا الحزب أو ذاك إلى أن تعاطفت بصراحة مع جبهة حزب العمال الكوردستاني وأبليت فيها بلاء حسناً. ومن خلال مسيرتي الثقافية كنت أقرأ كثيراً وأكتب قليلاً وأضع ما اكتب عندي على الرف حيث لم تكن هناك وسائل نشر كما هي عليه اليوم، ولكن كل أو معظم ماكتبت تم حرقها من قبل أحد الأصدقاء حينما طلبت للاستجواب خوفاً من المحذور والعواقب، فخسرت بذلك خسارة كبرى، وأذكر أن ما تم إحراقه كان يتضمن مسرحية عن الكريلا ومجموعة مقالات ومحاضرات معرفية متنوعة كما هي عادتي الآن… ومع ظهور المجلات الكردية والإنترنيت بدأت كتاباتي تظهر على السطح بشكل متتابع، وهي بالفعل مقالات متنوعة، وسأبين السبب هذا التنوع في إجاباتي القادمة. ظهرت هذه المقالات اليوم في مجلة كولان العربي وفي جريدة الثورة السورية وفي الجرائد المحلية الكردية والعربية أيضاً.
وربما تعلمون أنني ترجمت من الكردية إلى العربية كتاب(تاريخ كردستان) بجزئيه الأول والثاني للشاعر الكردي الكبير جكرخوين، وتم طبعهما وقد نفذت الطبعتان سريعاً، أي كان هناك إقبال كبير عليهما سواء من العرب أو الكرد، وأنا الآن بصدد ترجمة الجزء الثالث منه بإذن الله. كما ترجمت من الكردية أيضاً كتاب المجاهد الكردي الكبير حسن هيشيار سردي بعنوان(مذكراتي) ولكنه لازال مخطوطاً لدى ابنه كوركين ولا ادري لماذا لم يطبعه حتى الآن؟ وطبعت كتاب من تأليفي باللغة العربية بعنوان(الاقتباس والجنس في التوراة) من منشورات دار علاء الدين في دمشق. ولدي الآن قيد الطبع باللغة العرية كتاب عن الفولكلور الكردي بعنوان (أربع قصص فولكلورية كردية) وهي عبارة عن قصص تراثية كردية ترجمتها إلى العربية ليطلع القراء العرب على التراث الكردي بفعالية أكبر، ثم كتاب جغرافي شبه مكتمل عن (علم المناخ). كما أنشر مقالات عن النقد الأدبي باللغتين الكردية والعربية ولدي مشروع كتاب نقدي عن الشعراء الكرد غير مكتمل بعد.. كما ألقيت عدة محاضرات نقدية وفكرية في المركز الثقافي العربي بالقامشلي. هذا باختصار ما أردت قوله عن مسيرتي الكتابية والثقافية حتى اليوم.          
س2- المتابع الانترنيتي- العادي – للأعمال الكتابية للأستاذ خالص مسوّر أن كان كردياً أوعربياً سيكتشف بكل سهولة انه يخوض الفعل الكتابي في ميادين وحقول كثيرة ومتنوعة أهمها : السياسية- الفكرية- الثقافية- ألأدبية- النقدية التاريخية –و ايضاً العمل في مجال الترجمة وخاصة من الكردية إلى العربية..؟؟
سؤال كيف يمكن للاستاذ خالص مسوّر التوفيق فيما بين كل هذه الكتابات..؟؟
وأين يجد طاقته المعرفية والفكرية أكثر …؟؟ 
ج2- نعم فلقد ألمحت إلى ذلك في السؤال السابق وسأبين سبب ذلك التنوع الآن، وفي الحقيقة لن يأتي هذا التنوع من فراغ بل له أسبابه الذاتية والموضوعية والتي سأبينها بعد قليل. نعم قد يمكن لك التوفيق بين كل هذه الكتابات بالجد والمثابرة وكثرة القراءة والتحصيل والمتابعة، ومعرفة طرق الاستفادة مما تقرأ. وإني حينما أطالع كتاباً وأنتهي منه لا أرمي ما قرأت وراء ظهري بل أحاول أثناء القراءة الاستفادة مما فيه من علم ومعرفة مفيدة قد تقبع بين ضفتي الكتاب.
فالنهل من الكتاب مثل النهل من الماء، فالظامئ إليه أكثر يشرب منه أكثر من غيره. فالظمأ إلى المعرفة يدفعني إلى القراءة كثيراً، فعندما أقرأ كتاباً وقد تعلمت منه معلومة جديدة أشعر بانتشاء ولذة كبيرة وأظل أفكر في الجديد الذي تعلمته لساعات وساعات وأعتبر أنني أضفت رصيداً جديداً إلى معارفي، وفي الحقيقة فقد أصرف طاقتي المعرفية في الكتابة في علوم أحببتها أكثر من غيرها، فبالإضافة إلى الجغرافية، أحببت الأسطورة أوالميثولوجيا، وتاريخ الشرق الأدنى القديم والإسلامي، ثم النقد والتراث والأنتروبولوجيا وكل المجالات التي عددتها أنت في سؤالك، وهذا يتطلب دراسة شاقة وطويلة قد تسهل على من يريد ان يثقف نفسه ويسير بعلمه نحو الأمام، ففي كومبيوتري الآن بالإضافة على مكتبتي أكثر من (200) كتاب متنوع وأكثر من (250) مجلة عالم المعرفة ومئات المقالات الكومبيوترية المتنوعة استفدت منها كثيراً.
 وفي كل مقالاتي وكتاباتي هناك فسحة أخصصها لاجتهاداتي المعرفية، أي أرى أن يكون للكاتب اجتهاده الشخصي فيما يكتب، وأن تشم منه نفحات اجتهادية وفق رؤاه وخصوصيته العلمية. وسأذكر هنا بعض كتاباتي الميثولوجية التي ترقى – إذا لم أكن مخطئاً – إلى مستويات بحثية متقدمة، لم يتطرق إليها أحد بهذا الشكل الموضوعي من قبل، مثل المقال المنشور بعنوان (ميثولوجيا الرقص الجماعي) حيث لايسعفني المجال هنا لشرح مضمونه، ومقال بحثي آخر بعنوان(فضاءات العقل الكردي- نقد وتحليل) وهو بحث في زوايا معتمة من العقل الجمعي الكردي، وقد أستشهد أحد محاوري الدكتور الكردي المشهور كمال مظهر في جريدة(المدى) العراقية بفقرات منه، وهناك أبحاث أخرى أيضاً ولكني سأترك مسألة طاقتي المعرفية -حسبما ذكرت- لمستوى نتاجاتي وما أنشر.     
س3– الكتابة قبل كل شيء مسؤولية، تاريخية وإنسانية وأخلاقية والكاتب مسؤول عما يكتبه سواء أكانت جمعاً أو تأليفاً أو بحثاً أو تحقيقاً ..؟؟
كيف يقيم خالص مسوّر المشهد الثقافي الانترنيتي الذي أصبحنا جزءً من مجتمعه أن شئنا أم أبينا ..؟؟
وهل له ملاحظات عن هذ العالم الجديد بالنسبة للكرد ..؟؟
ما تقيمه فما ينشر انترنيتياً ..؟؟
ج3- نعم أخي العزيز، أوافقك على أن الكتابة هي كل هذه المسؤوليات، وهذا صحيح وهنا أريد من الكتاب عامة والكتاب الكرد بشكل خاص، احترام مواهبهم العلمية وألا يصرفوها في المهاترات البينية، وأن يضعوا أمام أعينهم الكتابة بأمانة ومسؤولية، وخاصة أن الشعب الكردي يمر في مرحلة حاسمة من تاريخه النضالي، ويريد أفعالاً لا أقوالاً، وينشد الصدق والصراحة والتواضع وتحقيق الأمانة التاريخية الملقاة على عاتق كل كردي وبالأخص الكتاب الكرد ومثقفيه، وإلا يخدعه بعد الآن أحد من الناس، أي يتطلب من هؤلاء الكتاب الترفع عن الصغائر، والولوج إلى عالم الكتابة الجادة والملتزمة بقضايا الشعب والوطن، طالما نحن نمر في مرحلة يتطلب تسخير كل الأقلام الكردية في سبيل قضية مقدسة ألا وهو قضية تحرير الشعب الكردي من ظلم وعبودية مئات السنين.
وأعتقد أن الإنترنيت ساهم أو بالأحرى هو الوسيلة الأولى والمتنفس الرئيسي للكتاب الكرد لينشروا عن طريقه كتاباتهم وليعلنوا عن إبداعاتهم وإمكانياتهم، كما ساهم الإنترنيت إلى جانب المجلات الكردية في النهوض بالمشهد الثقافي الكردي بشكل كبير، وأخرجا لنا وخاصة الإنترنيت كتاباً وأقلاماً واعدة يجب أن يكونوا محل تقدير وتشجيع من قبلنا جميعهاً، ولكن الإنترنيت مثل السيف له حدان قد يستعمل للكتابة الجيدة والأدب الرصين والجاد، كما قد ينشر فيه كما نرى اليوم كتابات ضحلة المستوى والمضمون لدرجة المهاترات والشتائم وهذا هو الجانب السيئ فيه، ومسؤولية هذا الأمر تقع على عاتق مديروا هذه المواقع الإنترنيتية فعليهم ألا ينشروا مثل هذه السخافات والمقالات المسيئة للمشاعر الكردية. وفي كل الأحوال فالإنترنيت وسيلة ممتازة للنشر بالنسبة للكتاب الكرد، وربما هو المتنفس الوحيد الآن للكثيرين من هؤلاء لينشروا ما يريدون قوله والتعبير عنه بشيء من الحرية. 
س4– في تصوري أن العمل التخصصي هو الوسيلة الناجحة في التنمية الثقافية والتطوير المعرفي، على هذا الأساس نجد أن معظم كتابات وموضوعات ودراسات الكاتب خالص مسوّر تتوزع وتتشتت بين حقول وميادين كثيرة : أدبا وثقافة وسياسة ونقداً وتراثاً وتاريخاً وأيضا في ترجمات , وهي في حالة مبهمة في الفهم والرؤى خاصة من النواحي المنهجية …؟؟
من هذا المنطلق : أن أردنا السؤال أو البحث عن عنوان هذا الكاتب ( المتعدد الكتابات ) وفهمه والتقرب إليه في أي حقل سنجده تحديداً ..؟؟
ما رأي الكاتب خالص مسوّر في هذا الموضوع الذي يحتاج إلى توضيح وشرح وتفصيل أكثر ..؟؟  
هل بإمكانه إعطاء صورة شفافة عن هذه المسالة ..؟؟
ج4- نعم بالفعل فأنا أكتب في مجالات معرفية متعددة، وهنا لا أدعي أنني موسوعي الثقافة أبداً، وهذا المتعدد الثقافي هو ما أسميه بحديقتي المعرفية وبالكردية  (Gulistana nasyariya min)إن صح التعبير، وهذا الأمر لم يأت من فراغ – كما قلت سابقاً – بل له أسبابه الذاتية والموضوعية أو الأمرين معاً.
فالأسباب الذاتية تتمثل في سيكولوجيتي الشخصية أي أنا أعشق العلم بالفطرة وقاريء نهم للقراءة وأقرأ كل شيء، فحتى عندما أتناول طعام الغداء أضع في كثير من المرات كتاباً أو مجلة بجانبي، وألتفت إليها بين كل لقمة ولقمة لأنني – وبصراحة – لا أحب أن أكون أمياً في أي علم من العلوم وخاصة في العلوم التي عددتها من ضمن اهتماماتي، لأني أرى الاختصاص يضيق بطموحاتي المعرفية أو هذا ما أراه حقيقة، سواء أكنت مخطئاً أم مصيباً، صحيح أن هناك تخصص وقد يكون الأكاديمي أو المتخصص أقدر على العطاء إن اهتم باختصاصه واكتسب خبرات معرفية بالدرس والمتابعة المتواصلة، أي بتنمية معارفه كل سنة ويوم، وإن لم يكتف بما حصل عليها من شهادات عليا فالشهادة بدون متابعة ومطالعات مستمرة يوقف عجلة العلم لدى هذا المختص أو ذاك، وهنا قد يتفوق عليه صاحب الخبرة والتجربة والدرس المتواصل، فالشيخ عفيف الحسيني – على سبيل المثال – أكثر جدارة في علوم اللغة العربية من ذاك الدكتور المختص باللغة العربية والذي عجز في برنامج مسابقة أربح المليون، عن معرفة جمع(زكاة) وطلب الاستعانة بالجمهور، وبناة الأهرام المصريون منذ عصور سحيقة في القدم لم يكونوا أكاديميين على الإطلاق، ولم يدرسوا في جامعات علمية متقدمة كجامعاتنا اليوم ولكنهم وبالاعتماد على خبرتهم وتجاربهم العلمية استطاعوا أن يبنوا مايعجز عنه الأكاديميون حتى اليوم، وهنا لا يفهمن أحد أنني أقلل من شأن الأكاديمية والاختصاص، وقد سبق أن قلت أن الأكاديمي هو صاحب علم أكثر تقدماً من صاحب الخبرة وحدها إن تابع تنمية قدراته العلمية المتواصلة عن طريق الدرس والبحث والتحصيل المتواصل.
أما الأسباب الموضوعية لتنوع اهتماماتي المعرفية فيعود إلى اختصاصي في الجغرافي، فأنا أحمل ليسانس في الجغرافية من جامعة دمشق وكما تعلمون المتخصص بالجغرافية يجب  أن يكون ملماً بمجموعة من العلوم والمعارف التي تدخل ضمن مجالات هذا الاختصاص، وإلا فهو ليس بجغرافي على الإطلاق، وهذه العلوم التي يتم تدريسها في الجامعة مع الجغرافيا هي من العلوم المساعدة لها والتي لا يستغني عنها الجغرافي أبداً، وهي علم التاريخ(ماقبل الميلاد، الإسلامي، الحديث)، وعلم السلالات البشرية، والاتنولوجيا، والجيولوجيا، وعلم الأحياء(النبات والحيوان)، وعلم المناخ، والجيومورفولوجية، وعلم الفلك…الخ.
وهنا لماذا لا تكون تلك العلوم داخلاً ضمن مجال اهتماماتي مثلاً..؟ وقد درسنها كلها في الجامعة فلاشيء من هذه العلوم غريبة على المختص بالجغرافيا أبداً، وخاصة وأني قد عشقت هذه العلوم وغيرها وحاولت استيعابها نتيجة مطالعتي الكثيرة لها حتى الآن؟ ولذك فحينما أكتب في هذه العلوم لاأخرج خارج دائرة الاختصاص أبداً. إلى جانب هذا فأنني  أمارس النقد الأدبي – وحسب طاقتي ومجهوداتي- باللغتين العربية والكردية، وقد نشرت في بعض الجرائد السورية نقودات لنتاجات عدد من القصاصين والشعراء العرب السوريين بشكل خاص مثل القاص اسكندر نعمة، وإبراهيم خريط، وعلي عقلة عرسان، والشاعر عبدا لكريم حسين، والشاعر الدكتور قاسم العزاوي، ولعدد من الشعراء المحليين بعضها لم تنجز بعد…الخ. ويعتبر اهتمامي الكبير بالنقد الأدبي وباللغتين العربية والكردية، من الأسباب الذاتية الموضوعية لتعدد اهتماماتي المعرفية، أما أسباب اهتمامي بالنقد بطبيعة الحال فتعود إلى شيء من الموهبة الكامنة في الذات أحسست بها في الماضي وأحس بها اليوم، لأن النقد نصفه موهبة ونصفه الآخر دراسة وصقل لهذه الموهبة، فالذي لا يمتلك موهبة نقدية ودقة في الملاحظة، وهذا يعود إلى طبيعة الإنسان الفيزيولوجية على ما أعتقد، لايستطيع أن يكون ناقداً.
وهنا سأروي لك مثالاً معبراً ربما أحسست من خلالها بشيء من الموهبة النقدية منذ تلك الأيام، والحادثة تعبر بجلاء عما قلته عن الموهبة النقدية. ولكن لابأس فسأورد هذا المثال المعبر الذي جرى معي بالذات وأنا طالب في الصف العاشر في مدرسة العروبة بالقامشلي، كان حينها يدرسنا مادة اللغة العربية عبدا لنبي حجازي – الله يذكره بالخير -الذي أصبح كاتباً كبيراً ومديراً للإذاعة والتليفزيون السوري لفترة من الوقت، فكان لدينا حينها في منهاج اللغة العربية ما عرف بتحليل النص الأدبي، وصادف في أحد الأيام أن طلب منا أن يقرأ كل منا تحليله للنص المعطى كوظيفة بيتية، فلم يجرؤ أحد من زملائي في الصف على قراءة وظيفتهم فرفعت عندها أصبعي وقرأت نصي بشيء من الجرأة، وكان على ما يبدو تحليلاً جيداً، وبعدما انتهيت من قراءته تقدم الأستاذ نحوي وضرب بكفه على صفحة دفتري، وقال لي بالحرف: أنا كمان أقدر أجيب، تحليل أحسن من تحليلك، فقلت له وبكل احترام: إيه جيب، انت أستاذي، تحط مستواك بمستواي أنا..؟. من يومها عرفت أن لدي ما يمكن أن أسميه بموهبة نقدية تحليلية إن صح التعبير.
وهنا أقول: لا تصدق أبداً، أن هناك ناقداً أدبياً بالمعنى العلمي للنقد، ممن لايتصف بصفتبن لاثالث لهما.
– أولهما كما قلت الموهبة الطبيعية أو الربانية.
– وثانيهما حب المطالعة وصقل الموهبة بالدراسة والبحث والتحصيل، وأقصد بالصقل الدراسة الكثيرة والمريرة والموسوعية لمجموعة علوم مساعدة للنقد الأدبي، لأن الناقد لن يصبح ناقداً على الإطلاق مثله مثل الجغرافي ما لم يكن موسوعي الثقافة مرة أخرى، فحتى لا تكون ناقداً سطحياً أو ميكانيكياً يجب أن تكون ملماً بمجموعة من العلوم، وأنا لا أدعي مرة أخرى موسوعيتي في تلك العلوم، ولكني أشرح مجالاً معرفياً حتى يستفيد منه الآخرون. فالناقد الأدبي وحتى الثقافي يجب أن يكون ملماً بتراث الشعب الذي يعمل دراساته بلغته، وبتاريخ هذا الشعب وأدبه وشعره وموسيقاه، وسيكولوجية أفراده وأنماط تفكيرهم وحتى خلجات نفوسهم ومشاعرهم وأهواءاتهم…الخ.
وسأضرب لك هنا مثالاً أو مثالين على ما قلت من الأدب الكردي ثم من العربي، لكي تتأكد من صوابية ما ذكرت، فمثلاً كيف تدرس هذا السطر الشعري بالكردية القائل:
Dema bi bimbarekan ruwê min sorbû
أي، عندما وجهي احمر بالمباركات
فعندما لم تكن ملماً بالتراث والميثولوجيا الكردية وبأن الكرد يسمون مرض الحصبة وحباتها التي تظهر على وجوه الأطفال (بمبارك)، عندها ستدور في حلقة مفرغة ولا تستطيع حتى الدوران على طريقة تفكيكية دريدا ذاتها، حول هذا السطر الشعري الصغير، ولن تستطيع وضعه تحت مبضع النقد أبداً، ما لم تعلم أن الأكراد يسمون مرص الحصبة بهذا الاسم، والذين لا يلفظون اسم المرض خوفاً من أسمه المخيف الباعث على الرعب والموت من جهة، وكنوع من التفاؤل بالخير ودفع أذى المرض الفتاك عن المريض من جهة أخرى، هذا المرض الذي يبدو ان الكرد قد عانوا من شروره وآثامه الشيء الكثير.
والمثال عن الأدب العربي هو هذا البيت من شعر النابغة الذي يقوله عن الملدوغ:
ويسهد من ليل التمام سليمها        لحلي النساء في يديه قعاقع
فإذا لم تكن ملماً بالتراث العربي وتدرك أن العرب أيضاً لا يلفظون اسم العقرب ولا الملدوغ، بل يسمون الملدوغ سليماًً خوفاً ورعباً من عواقب هذا اللدغ ألعقربي المميت، أو ربما كان العقرب طوطماً لبعض القبائل العربية فيما مضى، فكانوا يمتنعون عن لفظ اسمه تبجيلاً واحتراماً، وحسب الإنتروبولوجي الأمريكي الشهير (كلود ليفي شتراوس)، كان منتسبوا هذه القبائل ذات الطوطم ترى أنها تنحدر من نسل هذا الطوطم، ولهذا فلم يكن أفرادها يلفظون اسمه كنوع من التبجيل والاحترام لهذا المخلوق الأب، وتعود هذه العادة إلى عبادة الأسلاف والأجداد، في وقت كان فيه لكل عشيرة طوطمها الخاص بها، ولا تزال هذه العادة باقية بين الشعوب البدائية في أفريقيا استراليا وأمريكا حتى اليوم. ولهذا أؤكد على الناقد أي ناقد أن يكون ملماً بمجموعة من العلوم لأن ذلك من متطلبات عمله النقدي وليس ذلك تجاوزاً على الاختصاص أو تشتتاً في المعارف والعلوم.     
س5– كيف يقيم الكاتب خالص مسوّر المشهد الثقافي الكردي في سوريا ..؟؟ فهل يمكن وباعتباره كاتباً كردياً سورياً أن يبدي رأيه حول الحركة الثقافية هنا في سوريا  بكل بشفافية…؟
وهل له ملاحظات عن هذا المشهد الذي نحن بصدد الحديث عنه وهتكه إعلامياً في هذه الحوارية.. وعذرا من الاخوة الإعلاميين الكرد وغير الكرد إن تجاوزنا حدود الممنوع ..؟؟
ج5- في الحقيقة هناك حركة نهوض ثقافي على الساحة الكردية في سورية، ترافقت مع ظهور العديد من المجلات الأدبية الناطقة باللغتين الكردية والعربية وخاصة في تسعينيات القرن الماضي، وإلى اليوم لا تزال بعضها مستمرة في الصدور وهذا شيء جيد وإيجابي على كل حال، ولكن النهضة الأكثر بروزاً وحيوية هي النهضة الثقافية التي ترافقت مع ظهور الإنترنيت مؤخراً، فقد ساعد الإنترنيت على ظهور مجموعة من الشبان المتحمسين للثقافة إلى جانب جيل مخضرم أكثر خبرة ونضوجاً ثقافياً.
رغم أنني أعتبر أن هذا المشهد الثقافي الكردي وبشكل عام لازال طفلاً يحبو، أو لازال يدور ضمن إطار ثقافي ضيق نو عاًما رغم أن الإطار بدأ يتسع شيئاً فشيئاً وازدادت الكتابات سواء من حيث الكم أو النوع، أي من حيث مستوى ما ينشر من نتاجات سواء في المجلات أو في الإنترنيت، ولكن حتى اليوم ليس هناك الكثير من الأبحاث التي تسمى علمية في الغالب، أي تلك الأبحاث التي تتصف بالرصانة والجدة أو التي تظهر مدرسة متميزة لدى هذا الكاتب أو ذاك، بل إن الغالبية العظمى من الكتاب الكرد حديثوا عهد بالكتابة وهذا لا يعني خلو الساحة الثقافية الكردية من القامات الإبداعية، بل هناك من يكتب بشكل إبداعي كبير، ولكني أقصد أن هؤلاء المبدعون هم قلائل جداً اليوم.
أي يمكن ان نقول بأنه لدينا خامات ثقافية جيدة ولكنها مقيدة الأيدي حتى بوجود الإنترنيت نفسه، وهذا لأسباب عديدة، منها الضغوطات والممارسات غير المبررة تجاه الكتاب الكرد من قبل الحكومات المتعاقبة، ثم مشاكل الطباعة والأمور المعاشية اليومية الصعبة…الخ. وكما هو معلوم فالثقافة لا تزدهر إلا ضمن فضاءات من الديمقراطية والحرية.    
س6 – كثيراً ما يلجىء الكاتب خالص مسوًر إلى التاريخ الكردي وينبش في غياهب ركامه…!!!
نتساءل هل لديه ما هو جديد عن تاريخ الكرد يريد قوله في هذا الحوار ويكشفه على الملأ …؟؟
ج6- نعم في الحقيقة أنا من المهتمين ليس بالتاريخ الكردي فقط بل بتراثه وفولكلوره وأساطيره وخرافاته، لأن هذه الأمور هي هوية أي شعب، وهي خبرات متراكمة وتجارب سنوات مريرة من المواقف والصمود والعيش المشترك لدى شعب من الشعوب، بحيث تتجلى فيها سيكولوجيتها ومدى عقلانيتها ومساهمتها في رفد أنهر الثقافة البشرية بالعطاءات والمعرفة، بحيث يستشف منها سويته الحضارية ومعيشته ونمط تفكيره… فالتاريخ الكردي لم ينشء بعد بشكل مرض، وهو بحاجة إلى الكثير من الأبحاث الميدانية وعلى نخبة من علماء الآثار أن يشمروا عن سواعدهم لينبشوا الماضي، ويردوا الاعتبار للتاريخ الكردي الذي نهبه الآخرون وكتبوه على أنه تاريخهم، وهذه سرقة من نوع غريب فمثلما تسرق الدراهم سرقت التاريخ الكردي وطمست معالمه في وضح النهار، وما بقي منه فقد نسبته الشعوب المجاورة إلى نفسها.
 والحقيقة لم ينهب التاريخ الكردي فقط، بل نهبت معظم تراثه وأغانيه وفولكلوره وأدبه وفنه، وخاصة من قبل الأتراك الذين نسبوا كل شيء لأنفسهم زوراً وبهتاناً. وليس القصة التراثية الكردية (سيامند وخجي) بأهمها، والتي ينسبها كل من الأرمن والأتراك وببرودة أعصاب إلى تراثهم الشفاهي.
هكذا ليضيع أي أثر لتواجد الأكراد في المنطقة وتحقيق نظرية البعض من هذه الشعوب المجاورة بأن الأكراد ليسوا إلا ضيوفاً لديهم. وفي الحقيقة هذه نكتة غريبة فلم أجد أناس تحولوا إلى ضيفان في أراضيهم وبلدانهم..! وهنا علينا أن نعلم بأن من ليس له ماض ليس له حاضر و لا مستقبل. ولهذا الأمر حاولت في مقالي الإنترنيتي الموسوم بـ(كلمات كردية في اللغة السومرية) لا لأثبت – وقد يكون هذا جائز ايضاً- أن السومريين هم من الشعوب الكردية، بل على الأقل لأثبت أن الأكراد في المنطقة التي يقطنونها ليسوا ضيوفاً على أحد، بل أنهم يعيشون منذ آلاف السنين على أراضيهم التي ورثوها كابراً عن كابر.
في الحقيقة وكما جاء في سؤالك، فأنا أحاول بجهدي المتواضع أن أنبش في التاريخ الكردي من هنا وهناك، وتوصلت من خلال البحث التاريخي أن أكتشف – ولأول مرة – وبقرائن دالة وداعمة عن البعض من هذه السرقات في كتاباتي حول التاريخ الكردي، فعلى سبيل المثال تبين من خلال مقالي الموسوم بـ (الأكراد أول من بشر بولادة السيد المسيح) بالأدلة الدامغة أن الذين بشروا لأول مرة بولادة السيد المسيح هم من الأكراد، بشهادة الإنجيل نفسه وكان المبشرون ثلاثة من أتباع الديانة الماغية، والماغيون هم من أصول كردية بشكل قاطع، ومن أراد الاستزادة في هذا الأمر عليه مراجعة المقال المذكر في المواقع الإنترنيتية.
كما أظهرت بحثاً آخر وبأدلة علمية رصينة، ولأول مرة أيضاً، على أن عيد رأس السنة الميلادية التي تحتفل به الطوائف المسيحية هو عيد قديم للإله الكردي أو الآري الشهير (ميثرا) الذي لا يزال اسمه متداولاً (ميرزا) حتى اليوم بين الكرد. ولكن مع الأسف الأكراد لا ينتبهون و لا يهمهم البحث في مثل هذه الأمور المصيرية. وقد أهملوا تاريخهم وتراثهم ولسانهم وقلما التفتوا إليها، وهذا ما يعطي الفرصة للآخرين بطمس هذا اللسان، ونهش هذا التاريخ، والتراث وسرقته في وضح النهار.  وكمثال معبر عن قلة اهتمام الكرد بتراثهم سنسوق لكم المثال التالي:
يقول أحد علماء الآثار : لقد زرت منطقة :كردستان العراق وأنا قادم من أفريقيا السوداء باحثاً عن الآثار القديمة، ففي أفريقيا لم أستطع الحصول على الكثير حيث امتنع الأفارقة عن بيع كنوز أوطانهم، وأظهروا بذلك وعياً قومياً ووطنياً كبيربين، بينما وجدت الكرد يقبلون علي وفي أيديهم قطع أثرية عن بلادهم لاتقدر بثمن وهم يبيعونها لنا بدنانير قليلة، عندها علمت بأن الكرد قليلوا الاهتمام بالكنوز الأثرية لبلادهم وتاريخهم . هذا على سبيل المثال، ولكنه أعتقد أنه مثال معبر جداً. فالأتراك أكثر وعياً بدور التاريخ في مصائر الشعوب ولذلك يحاولون الآن عن طريق السدود المائية طمس الآثار الكردية التي تنطق بجلاء عن التاريخ الكردي وذلك بغمر هذه المناطق الأثرية عن طريق السدود الجديدة التي يحاولون بناءها في هذه الأراضي، فيحاولون مثلاً غمر منطقة(حسن كيف) الغنية بكنوزها الأثرية، فلولا امتناع بريطانيا عن البناء لكان السد قد بوشر بإنشائه، وتم إجلاء السكان الكرد عن المنطقة دون ان يحرك الكرد ساكناً.
نعم لدينا الكثير مما نستطيع استخلاصه من التاريخ الكردي إن واصلنا البحث سواء من بطون الكتب أو البحث عن الآثار والتلال الذهبية في المناطق الكردية وخاصة في إقليم كردستان العراق، حيث الحرية المتاحة ووجود كوادر من الأركيولوجيين هناك، وهذه مهمة الجامعات والاوركيولوجيين الكرد هناك، فماذا ينتظرون…؟    
س7– كيف يفهم الكاتب الكردي خالص مسوّر مسألة النقد ..؟؟
متى يحق لشخص ان يقوم بوظيفة الناقد  ..؟؟
هل من الضروري ان يكون هذا الناقد أكاديمياً حتى يستطيع العمل في مجال النقد..؟؟
أم ليست هناك مشكلة .. ما دام الكثير بإمكانهم التمرغ في توحلات النقد وعذرا من البعض …؟؟
ج7- إن كانت الصحافة مهنة المتاعب كما يقول الصحافيون، فإني أقول: أن النقد هو معمعة الناقد الخاسرة في الحياة، وبمعنى آخر النقد طارد للأصدقاء ومجلب للعداوات، وفي هذا يقول الناقد السوري الكبير يوسف سامي اليوسف بما معناه(لقد أنجزت في مسيرتي النقدية الكثير من المقالات النقدية، ولكنني خسرت الكثير من الأصدقاء). وقد لمح إلى أنه سيكف عن النقد من وراء ذلك ولأسباب أخرى لاداعي لذكرها. فالنقد كما يعرفه الناقد المصري الشهير محمد مندور:(هو فن دراسة النصوص والتمييز بين الأساليب المختلفة).مندور- كتاب النقد المنهجي عند العرب. فإذا كان النقد يمارس ضمن هذا الإطار وحسب هذا التعريف فيجب أن يقبله كل أحد، أي انه في هذه الحالة لا يمس شخصية الكاتب بل نتاجاته فقط.
سبق وأن قلتها وأقولها وللمرة الألف: أن ليس بإمكان أي أحد أن يكون ناقداً على الإطلاق، قد يمارس النقد كل من يخطر على باله أن يمارسه ولكن ليس معنى ذلك هو ناقد جيد.. قطعاً لا. لقد ذكرت من قبل أن النقد نصفه موهبة ونصفه الآخر صقل هذه الموهبة بالبحث والمران والتحصيل، ليس في مجال اللغة والأدب فقط، بل في مجالات معرفية مختلفة ومتنوعة، أي على الناقد الذي يحترم نقده، أن يسهر الليالي الطوال، ليقرأ الكثير من الشعر والنثر والأبحاث القديمة وأفضلها ما كتبه العرب القدماء في النقد، ثم الحديثة حول النقد الأدبي التي ظهرت في الغرب كالأسلوبية والشكلانية والبنيوية والتفكيكية…الخ. وأن يلم بمجموعة من العلوم التي تساعده على ممارسة النقد الأدبي أو الثقافي معاً، أي كما قلنا يجب أن يكون الناقد وبدون جدال موسوعي الثقافة، وإلا سيكون ناقداً سطحياً لايستطيع الغوص في البنية العميقة للنص، مثله في ذلك مثل صياد المحار المبتدأ بالغوص، فقد يجلب قاربه ويلبس لباس الصيادين ويغني أغانيهم، ولكنه يبقى صياداً غراً لا يحسن الغوص إلى الأعماق، فيبقى ملازماً الشاطيء لا يبتعد عنه، فغيره يلتقط الدرر من البحر ويبقى هو عاجز عن التقاط إلا الشارد منها.
وهنا يأتي جزء من جواب على الشق الأول من سؤالك، متى يكون الشخص ناقداً..؟ً. وعن الشق الثاني من السؤال أقول: طالما ان النقد يتطلب في جانب منه الموهبة، لهذا لا أرى من الضروري أن يكون الناقد أكاديمياً دوماً، ولكن على أن يقرأ غير الأكاديمي كثيراً مواصلاً الليل بالنهار. ولكني أعود هنا إلى القول وبأمانة: بأن الاختصاص والأكاديمية في أي علم من العلوم إلى جانب الموهبة هو أكثر مردوداً، ويعطي نتائج أكثر إيجابية، لأن الأكاديمي يقطع في أكاديميته أشواطاً من المعرفة ربما لا يحصل غيره على جزء منها إلا بشق الأنفس. أما عن المعاناة، ففي الحقيقة يعاني الناقد بشكل عام الأمرين في عمله النقدي، وهذا يعود إلى سببين رئيسيين:
1- لا أحد عندنا من الأدباء أو الشعراء يتقبل النقد برحابة صدر، وهذا يعود في جانب منه إلى حساسية الأديب أو الشاعر تجاه أعماله المنقودة، ولهذا قلت في البداية النقد مجلبة للعداوة، أي يتحول النقد في هذه الحال إما إلى مدح أو قدح ولأخيار آخر بينهما، و لا أعني أن أدباء الكرد وحدهم لا يتقبلون ذلك، بل أن أغلب أدباء العالم وشعرائه لا يتقبلون النقد، وقد استشهدنا سابقاً بقول الناقد السوري سامي اليوسف الذي جلب نقده له العداوات الكثيرة. 
2- السبب الآخر هنا هو،مشكلة المصطلح لمن يمارس النقد باللغة الكردية وما يعرف بظاهرة المصطلحاتية فيها، ففي اللغة العربية لم أعاني الكثير في التعبير عما أريد نظراً لتقدم المعرفة النقدية لدى النقاد العرب، أما الناقد الذي يمارس عمله باللغة الكردية وخاصة في الجزء السوري فيلاقي معاناة شديدة من ناحية المصطلحات النقدية، لأن الكرد هنا حديثوا عهد بالنقد الأدبي، وربما كان في كردستان العراق مصطلحات كافية ولكننا لم نطلع عليها ، وهذا الأمر يقيد عمل الناقد باللغة الكردية على الساحة السورية، ولهذا اضطررت – وحسب ما أمكنه – على إيجاد مصطلحات نقدية خاصة بي، مراعياً في ذلك قدر الإمكان توفير الدقة العلمية وقدرة المصطلحات على التعبير.    
س8- في الحوار الذي أجراه معك الأستاذ ( قادو شيرين ) باللغة الكردية وباسم موقع (روج افا نت) …
شخصياً استشففت من إجاباتك : ان ثمة هواجس كثيرة ومبهمة تدور حول كتاباتك ومقالاتك ودراساتك وترجماتك …؟؟
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ..؟؟
هل تضيق فسحة الواقع وفسحة الروح إلى درجة تخنق معها إمكانية الكتابة أمامك لتطرح كوامنك الكتابية في بعض الأحيان  ؟!
أم ليس هناك أي عوائق أو سواتر تمنع ذلك على الإطلاق..؟؟
ماذا يقول الكاتب خالص مسوّر في هذه المسألة الجد حساسة …؟؟
ج8- في الحقيقة، هناك عوائق جمة أما كل كاتب في المنطقة بشكل عام وأمام الكاتب الكردي بشكل خاص، قد تكون هذه العوائق ناشئة عن تدخلات السلطات للتضييق على الكتاب،  حيث الكاتب هنا ليس حراً حتى النهاية فيما يكتب، و لهذ تجده يكتب الكثير من نتاجاته باسم مستعار وخاصة الكتاب الكرد منهم، حتى أصبح لكل واحد منهم اسم مستعار خاص به وهو غير اسمه، رغم أنني أمقت جداً هذه الأسماء المستعارة الدائمة، وأقصد بالدائمة الإسم الذي لا يحيد صاحبه عنه في كتاباته بمناسبة ودون مناسبة، أي أنه يوقع كل كتاباته به، وكأنه اسمه الحقيقي مما يؤثر على جدية ومصداقية كتاباتهم، ناهيك عن ضياع أسمائهم الحقيقية واضطرار القارئ أن يسال من هو صاحب هذا الاسم المستعار..؟ إلا إذا استمر في الكتابة لفترة طويلة من الزمن كأحمد سعيد عقل الملقب بـ( أدونيس) مثلاً.
ولكن يظهر أن لامناص من اسم مستعار في كثير من الأحيان، وبشكل مؤقت عندما يكون لذلك أسبابه الموجبة. وبما أن معظم إن لم نقل كل كتاباتي موضوعة في خدمة القضايا الكردية، ورغم أنني اعتبر نفسي جريئاً في هذا المضمار، ألا أنني كتبت بعض كتاباتي أيضاَ باسم مستعار منشورة في المواقع الإنترنيتية، وربما يكتب البعض دراسات نقدية بأسماء مستعارة، تحاشياً لهجمات أناس يغيظهم التقد ولا يتقبلون سوى المدائح والتبجيل، ولا اقصد به – وكما قلت- الكتاب الكرد وحدهم، بل أن معظم كتاب العالم لا يتقبلونه أيضاً.
بالإضافة إلى هذه العوائق، هناك عوائق من أنواع أخرى تمس الكتاب الكرد الذين لا يلاقون أمامهم الكثير من المجلات الورقية لينشروا فيها نتاجاتهم وخاصة باللغة العربية، مما يبقي مجال النشر أمام هؤلاء ضيقاً وينحصر النشر في بعض المجلات الكردية الناطقة بالعربية، والتي تصدر بدون انتظام وفي أوقات متباعدة جداً، بحيث تفقد هذه المجلات نكهة الصدور ورونق طلتها الجديدة على القارئ الذي بات الملل منها يدب في مفاصل جسده، وهو يترقب صدور مجلة كردية ناطقة بالعربية قد يجد فيها مقال له موعود بنشره.
وهذه مأساة كبيرة تجلل سماء وسائل نشر الثقافة الكردية، ويظهر عجز وتقاعس المسئولين الفاضح عن هذه الوسائل للقيام بواجبهم ودورهم في خلق التوعية ونشر الثقافة الكردية، فحينما نلوم الحكومات التي تحكم الكرد، بأنها تشكل عوائق أمام نشر نتاجاتهم سواء باللغة الكردية أو العربية، يجب أن نعلم في الوقت ذاته، أن اللوم الأكبر يقع على عاتق هؤلاء المسؤولين المتكاسلين عن إصدار هذه المجلات أيضاً.  
س9- سؤال نطرحه دائماً على الكتاب والسياسين والمفكرين لأهميته المعرفية…
كيف يقيم خالص مسوّر الحالة السياسية الكردية الراهنة في سوريا..؟؟
حبذا لو تعطي رأيك مسهبا في هذه القضية …؟؟
ج9- اعتقد أن الواقع السياسي الكردي في سورية واقع ذو شؤون وشجون، رغم أن للتنظيمات الكردية إيجابياتها التي ساعدت على نشر الوعي القومي بين الكرد لمدة طويلة، وحمتهم ولو قليلاً من الضياع والصهر والذوبان ضمن بوتقات الشعوب المجاورة، وهذه خصلة حميدة تحسب للأحزاب السياسية الكردية على الساحة السورية، ألا أن هذا لا يشكل إلا جزءاً يسيراً من عمل هذه التنظيمات. فالتنظيمات السابحة في فضاءات الساحة السياسية الكردية ماعدا هذه، لم تحقق شيئاً يذكر على أرض الواقع. فالكرد الآن يعيشون في واقع مشتت مرير، حيث أدت الانقسامات المتتالية في التنظيمات الكردية إلى تذرر الشعب الكردي وانقسامه بين يمين ويسار مرة، وبين هذا الزعيم أو ذاك مرة أخرى، لأن ظاهرة عبادة الفرد لدى الشعب الكردي قوية جداً وهي جزء من نسيجه التراثي العريق. ورغم أني لا أعتبر هذه الظاهرة عيباً في فترة النضال التحرري للشعب الكردي، أي في المرحلة التي يكون فيها الشعب بحاجة إلى زعيم تاريخي قوي يقودها نحو تحقيق الأماني الوطنية، ولكن على ألا تكون بمثل هذه الحدة من الدرجة.
وقد يلاحظ ظاهرة سلبية وغير مستحبة لدى معظم منتسبي الأحزاب الكردية، وهي أن هؤلاء المنتسبون على هذه الأحزاب والتنظيمات يتخذون مواقف غير أخوية من شخصيات مستقلة أو من منتسبي حزب كردي آخر، فيرونه مواطناً كردياً بدرجة عدو، وعلى مبدأ من ليس معي فهو ضدي. وهنا علينا أن نعلم بأن الحزبية وسيلة للتنظيم والنضال لتحقيق أماني الشعوب وتطلعاتها نحو تحقيق أهدافها في الحرية والمساواة، وليس لتصنيف أفراد الشعب الواحد إلى درجات أو توزيعهم على الرفوف حسب قربهم من هذا الحزب أو ذاك، فالانتهازية، والمحسوبة، والمحاباة، وإعطاء درجة الصفر لكد الآخرين ومجهوداتهم، هي من السمات السياسية لغالبية التنظيمات الكردية، فغالباً ما تجد الانتهازيين وممن ليس له ذرة من النضال في سبيل القضية الكردية، تجده يسير في مقدمة الركب ويحصد نتاج عمل الآخرين الذين يرمون وراء الظهور لأنهم ليسوا من هذا التنظيم أو ذاك. ولعبدالله أوجلان قول بليغ الدلالة عن سلوك هؤلاء الانتهازيين، رغم أنه مستقاة من الفكر الماركسي يقول: حينما نحقق بتضحياتنا المريرة النصر للشعب الكردي يوماً ما، فإن هؤلاء الانتهازيين الذين ظلوا في موقف المتفرج طوال المرحلة النضالية، سيأتون إلينا ويقولون: أين أنتم من نضالنا وما بذلناه..؟ فنحن الذين كنا في المقدمة دوماً..!. وبانتهازيتهم هذه سينتزعون بالفعل وفي حالة السلم المواقع الأمامية منا). وهذا سببه أيضاً الانتهازية المتفشية لدى غالبية هذه التنظيمات الكردية، ومحاولاتها كسب هذه الشخصية الثقافية أو تلك مهما كانت صفاتها وتاريخها، وتعد هذه الظاهرة من الركائز الأساسية في بروز وانتشار ظاهرة المثقف الانتهازي في المشهد الثقافي الكردي اليوم. وفي هذه الحال فإن القضية الكردية سوف تعود عشرات السنين إلى الوراء، والدليل على ذلك هو هذه النخبة المخلصة التي هي قابعة الآن في زوايا منسية وهي تتسقط أخبار الانشقاقات بحسرة ومرارة، ويقيناً لا تتحسر هذه الفئات المخلصة على منافع رخيصة لأنها لو بحثت عن المنافع لبقيت في تنظيماتها، بل تطلق آهات الأسف والتحسر على مصلحة شعوبها وأوطانها.
وحتى يتم التخلص من مشهديه التذرر السياسي الكردي، يتطلب من التنظيمات والشخصيات الكردية المستقلة، أن تبادر إلى اقتراح الحلول للتخلص من مأزق النضال السياسي، ليتحقق ما نصبو إليه على أرض الواقع. ورغم أني لا أريد أن أنصب من نفسي ناصحاً أميناً لأحد، ولكني أرى أن بعض الحل يكمن في نشر الثقافة الديمقراطية بين الكوادر الحزبية، والأهم من هذا وذاك وبه يتم التخلص من ظاهرة التكتلات الحزبية ومن عبادة الفرد والسكرتير المؤبد، هو أن يصار إلى انتخاب سكرتير التنظيم الكردي كل أربع سنوات بطريقة ديموقراطية سليمة، على أن يحق له الترشيح للمرة الثانية فقط، وبعدها يتولى غيره ترشيح نفسه ويتحول هو كمستشار للسكرتير الجديد إن أراد الأخير الاستعانة بخبرته.
وأريد أن أنبه هنا، بأن ما قلته ينحصر في شأن التنظيمات الكردية في سورية، لأنها تعيش مرحلة النضال السياسي، بينما في الأجزاء الأخرى من كردستان أرى أن الأمر يختلف بشكل كبير، لأنها تمر في حالة حرب ميدانية، وفي حالة الحرب الميدانية لابأس من التشبث بزعيم تاريخي يلتف حوله الشعب ليقوده نحو النصر والتحرير مهما طال به الزمن أو قصر وهذا ما أراه هنا. 
س10– كيف يرى الكاتب خالص مسوّر وضع الحركة الكردية في سوريا بشكل عام , باعتباره مثقفاً يعيش هذا الواقع المرير في ظل إشكالية العلاقة فيما بين المثقف والسياسي , وكذلك دور المثقف في تكوين وتهيئة الكادر السياسي المتقدم  داخل الحالة الكردية , تحديدا ضمن  (المؤسسة السياسية الكردية )..؟؟
إلى أي مدى بإمكان المثقف المساهمة الفعلية في هذه العلاقة…؟؟
وأين يكمن الدور الطبيعي والريادي لكلايهما…؟؟
ج10- بصراحة شديدة فواقع الحركة الكردية في سورية قد لا يسر اليوم صديقاً..! فقد أفرخت الأحزاب الكردية  على الساحة الكردية السورية وحسبما علمت به، أكثر من اثنين وعشرين حزباً في الداخل والخارج، وهذا ما لا يسر أحداً مرة أخرى، وكان هذا التفريخ نتيجة الانشقاقات الكثيرة وظهور أحزاب جديدة على هذه الساحة الضيقة، فعلى الرغم من أن الانشقاقات كما يقول(لينين): (شيئاً محزناً ولكنها تساعد على الأقل في تنظيف الحزب من الانتهازيين وأصحاب المصالح الأنانية والضيقة…). وهنا أقول: بأنه ونتيجة ازدياد الوعي القومي والسياسي لدى المجتمع الكردي والسياسيين الكرد، فقد خفت حدة الجدالات والمهاترات الحزبية عن ذي قبل، وبدأنا نسمع بجبهات وتحالفات بين الأحزاب، وهذا شيء جيد على طريقة الوعي السياسي الكردي وسيكون هناك وبشكل أكيد المزيد من التلاحمات، كما سيكون هناك وفي نفس الوقت المزيد من التشتت والأحزاب الجديدة أيضاً.
وحول العلاقة بين السياسي والمثقف فإننا نلمس في الحقيقة اليوم، عداوة غير معلنة بين المثقف والسياسي في كل مجتمعات العالم ثالث وفي مجتمعنا الكردي أيضاَ، وهذا لا يمنع من أن يكون السياسي مثقفاً أيضاً، فقد كان الرئيس التشيكي (براتسلاف هافل) إذا ما خانتني الذاكرة هو المثقف والأديب الذي تولى رئاسة هذه الجمهورية التشيكية في أوربا الشرقية ذات يوم، كما تولى (ليبولد سونغور) الشاعر والمثقف السنغالي رئاسة الدولة السنغالية منذ فترة ليست ببعيدة، وفي هذه الحالات التي يحكم فيها المتنورون قد ينشأ تحالف مثمر بين المثقف والسياسي وتزدهر الثقافة في البلد إلى حدها القصوى.
ولكن – وكما نلمس ذلك – في المجتمعات العالم الثالث كلها يحاول السياسي الحد من دور المثقف، ويرى في هذا المثقف نتيجة وعيه للأمور وحسه المرهف تجاه الأحداث أكثر من غيره، يرى فيه السياسي مراقباً للوضع العام في البلد، سليط اللسان ينغص عليه حياته السياسية ويفضح الظواهر الشاذة في السياسة والمجتمع، فهو ينبش الحقائق ويخرج ما يريد السياسي إخفاؤه عن الشعب عن طريق كتاباته – ودون مواربة- على الملأ. ولذا لابد للسياسي من التصدي لهذا السليط اللسان بنوعين من الأسلحة الفتاكة، فإما بالرشوة والمناصب، أو بالتهديد والوعيد والاعتقال والتعذيب. ولهذا نرى الكثيرين من المثقفين يقبعون في سجون دول العالم الثالث التي ترى في حرية الثقافة مكمن الخطورة عليها.
فالمثقفون هم بمثابة برلمانات شعوبهم، أي أنهم عيون ساهرة يساهمون في توعية شعوبهم، ويراقبون الحالة السياسية في مجتمعاتهم وأوطانهم ويكتبون عنها ويقومون السلوكيات الخاطئة التي يبديها السياسيون ومن في يدهم مقاليد الأمور، هكذا يجب أن يكون المثقف وهذا هو دوره.
ففي الحالة السياسية الكردية أيضاً، رغم أنه بدأت في الآونة الأخيرة تضيق الفجوة بين السياسي والمثقف نتيجة انتشار الوعي والتغيرات الديمقراطية الجارية في العالم. ورغم هذا فقد نلمس وفي ظل طغيان دور السياسي على الحراك الإجتماعي في الساحة الكردية في سورية، نوعاً من عدم الارتياح من جانب السياسي تجاه المثقف الملتزم، أو بالأحرى هناك هاجس الخوف من لسانه وكتاباته، والخوف من مزاحمة المثقف لدوره السياسي لأن المثقف الكردي هو الأكثر وعياً من غيره في مجتمعه، يحس بما لا يحس به غيره، فيكتب ويفضح ما هو تحت البساط، ويستطيع التأثير في الحراك السياسي وتقويم السياسات الخاطئة عن طريق الاقتراحات والحلول الناجعة، وعن طريق نقده البناء، يمكنه عقلنة المجتمع والـأثير في الكادر السياسي بل المسيرة السياسية في البلد برمتها . ولهذا السبب – كما قلنا – فإن السياسي في الأحزاب والتنظيمات الكردية يحاول استمالة المثقف بأي شكل من الإشكال، إما كسباً لسكوته ولجماً للسانه، أو للاستعانة به للدفاع عن تنظيمه، وهذا في الغالب هو السبب الرئيسي، في بروز المثقف الانتهازي على السطح في مجتمعاتنا الكردية، أي المثقف اللاهث وراء الشهرة والمجد والذي تهمه مصلحته الشخصية الضيقة قبل مصلحة شعبه تحت أي ظرف من الظروف وبأي شكل من الأشكال.
وفي الوقت نفسه فقد برزت ظاهرة السياسي الأكثر انتهازية من المثقف. وهنا يحضرني قول المثقف والمناضل الكردي الكبير(جرجيس فتح الله المحامي) إبان ثورة القائد الكردي الكبير مصطفى البارزاني يقول مامعناه: في كل اجتماعاتنا الحزبية كنت ألاحظ أن المصلحة الشخصية تأتي قبل المصلحة الحزبية، والمصلحة الحزبية قبل الوطنية. وهو بالضبط ما يجري إلى الآن على الساحة السياسية الكردية في سورية. لا يعني قولي هذا أنني أخاصم أحداً من السياسيين، بل هو نوع من تقييم مقتضب جداً للمرحلة السياسية الكردية لا أكثر، وهنا أقول كما قالت المناضلة الكردية ليلى زانا (الكرد شعب واحد وثلاثة زعماء) وأضيف إلى هذا بأن كل من يتزعم حزباً أو تنظيماً كردياً فهو قائد، إذا ما استبعد مصاله الشخصية والحزبية الضيقة أمام المصلحة الكردية العليا.
ومن هنا أقول أيضاً: ان الدور الريادي للسياسي يكمن في أدائه لعمله بجد وتفان وإخلاص، وأن يكون ثورياً مضحياً في سلوكه السياسي بامتياز والثوري كما قال (غيفارا): هو آخر من ينام وأول من يقتل. لأن للسياسي والمثقف دور كبير في توعية الشعب وشرح أبعاد قضيته ووضعه في إطار ديناميات المرحلة السياسية، ونشر روح التضحية لدى هذا الشعب. ولهذا أرى – رغم حالة اللاود بين السياسي والمثقف – في المشهد الثقافي والسياسي الكردي وعلى الساحة السورية، وفي الحالة الصحية بين السياسي والمثقف، أن عمل كل منهما يكمل عمل الآخر، وفي هذه الحالة يكون هناك نوع من التكامل والتناغم بين عمل السياسي والمثقف، فكل منهما يمتلك قدراً كبيراً من الوعي وبمقدورهما تصريف طاقاتهما في تنوير الشعب وتوعيته، وإن كان للمثقف الدور الأهم من السياسي في التوعية والتوجيه، لأنه يمتلك طاقة إبداعية أكثر من السياسي نظراً لاتساع مداركه الثقافية واطلاعه على ثقافات لم يطلع عليها السياسي، هذا إذا لم يبع المثقف بضاعته برخص في أسواق السياسة والمصالح. وفي المحصلة قد يتحقق هذا التناغم والانسجام بين المثقف والسياسي إذا لم يكن بين الاثنين خصام بل وئام، عندها تكون نتائج تحالفهما باهراً على كل الأصعدة، وخاصة على صعيد تقدم الوعي السياسي بين الجماهير.              
س11–  كمثقف وكأديب وككاتب مهتم إلى حد كبير بالشأن الكردي العام- سياسياً , ثقافياً , اجتماعياً ..؟؟
كيف تقرأ الحالة الثقافية الكردية في سوريا وخاصة بعد أحداث 12 من آذار الدامية ..؟؟
التي انطلقت الشرارة الأولى من مدينة قامشلو..؟؟
برأيك إلى أي مدى دوّت هذه الشرارة ..!!
وما مدى تأثير هذا الدوى في تقديرك ..؟!
ج11- في الحقيقة كانت أحداث آذار الدامية في مدينة القامشلو قفزة نوعية في مسيرة الحركة النضالية الكردية على الساحة السورية، بل امتدت شرارتها إلى الساحتين الكردية والعالمية معاً، وأقصد بالقفزة النوعية ما حققته الأحداث من خلال مستويين.
1- على مستوى مسار النضال السياسي.
 2- على مستوى المسار الثقافي.
في الحالة الأولى أي على مستوى المسار السياسي تمكن الكرد من إخراج قضيتهم التي يدافعون عنها منذ عشرات السنين إلى العلن، ولأول مرة بهذه الحدة والمصداقية إلى جميع أنحاء العالم، واكتسبوا تعاطف العالم والكثير من الكتاب والمثقفين في العالم الذين امتشقوا أقلامهم وراحوا يدافعن عن هذا الشب الأبي المكافح. وربما علم البعض ولأول مرة أن هناك شعباً كردياً حياً جديراً بالحياة في هذه المنطقة الحساسة من العالم، وأنه يلاقي وبشكل سافر ومكشوف العنت والاضطهاد الإثني من قبل الحكومات المتعاقبة. كما أظهرت الأحداث أن الدم الكردي ليس رخيصاً وأنه شعب تنبض عروقه بالإباء والكبرياء، فهو أبي لا يقبل الظلم والضيم. وهناك الكثير والكثير مما يمكن ان يقال بشأن هذه الأحداث التاريخية والنوعية والاستثنائية والتي جرت في ظروف استثنائية أيضاً.
أما من حيث المسيرة الثقافية بعد الأحداث، فيمكنني القول بأن هذه المسيرة كانت في الحقيقة الوجه الآخر للقفزة النوعية الآذارية، حيث تفتحت قرائح الغيارى من الكتاب الكرد، فانتزعوا أقلامهم وسط المصاعب والأحداث وراح كل منهم من جانبه يخط ويشرح ويعلل الأسباب والظروف التي أحاطت بالإحداث بشكل علمي وموضوعي. كيف جرت ولماذا جرت الإحداث..؟ وما هي خلفياتها السياسية بإسهاب وتفصيل اضطلع عليها كل شعوب العالم..؟. تناولها الأدباء وتغنى بها الشعراء ودبجت على إثرها مئات المقالات والرسائل، وهو ما أعطى دفعة قوية في تطوير الأدب الكردي، كما كان انعطافاً حاداً في مسيرة الأدب الملتزم في هذا الجزء الصغير بشكل خاص، وفي الموطن الكردي بشكل عام. وهو ما يمكن أن نسميه بأدب المسيرة الآذارية.
س12– الشعراء والكتاب والمفكرون هم دائماً طريدو: الجمال والحب والجسد..؟؟
لماذا هم سكيروها دائماً على قدح الأنوثة البربرية  :
كيف يفهم خالص مسوّر حقوق هذه النيزكة الجميلة ( حقوق المرأة..؟؟)
و ماهي رؤيته في هذه القضية الجد حساسة ..؟؟
ج12- المرأة هي الجمال وهي ملهمة الأدباء والشعراء الكرد، فهم يحسون بالمرأة لرهافة جوانحهم ورقة مشاعرهم رقة أنوثة المرأة وجمالها، ولكن من جانب آخر فالمرأة حقاً مظلومة ومضطهدة في مجتمعاتنا الشرقية ومنها مجتمعنا الكردي طبعاً، ومن أبلغ الأدلة وأقرب الأمثلة على ذلك، هو حرمانها من حقوق الميراث فقد يستولي الأخوة عنوة على حقها في ميراث والدها الراحل، والذي حين موته يتقدم الأخوة إلى اقتسام تركته دون أن يعطوها حقها الذي أقرت به كل شرائع العالم السماوية منها والأرضية، وهذا ظلم فظيع..!. ولكن نادراً من يتمنى من الرجال هذا الحق وقد تحقق على أرض الواقع أبداً، ومن هنا لا أملك إلا أن أقول: أنا دوماً مع حقوق المرأة وفي كل مكان من العالم، نظراً لما نراه رأي العين من محاولات التضييق على المرأة ومن ظلم يمارس عليها في هذا المجتمع الأبوي( البطريركي)، ومناظر مؤسفة تجري بحق المرأة أمام أعيننا وفي وضح النهار، وهن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا…الخ. ولشد ما آلمني مقالة من فتاة كردية نشرت باللغة الكردية في مجلة هفند) (Hevind التي كانت تصدر باللغة الكردية وفيه تقول الفتاة الكردية بما معناه:
نحن معاشر النساء لنا أيضاً أحلامنا وتطلعاتنا المشروعة في هذا العالم، ونحب أن نكتب ونمارس حقنا في الكتابة والسياسة…الخ. ولكن حينما نقف في الشارع ننتظر رفيقة لنا، فيمر شباب يتحرشون بنا ويفسرون وقوفنا في انتظار شاب قد نمكنه من أنفسنا، وقد يلمحنا آخرون على الطريق فيشيرون بأيديهم لزملائهم إلينا كذباً وبهتانا، ليقولون لهم: هذه هي التي تحبني وقد فعلت معها كذا وكذا، كذباً وبهتاناً ورياء ومفاخرة أمام زملائه، ونحن أيضاً إن كنا كاتبات نريد أن نمشي مع كاتب صديق لنا لنبادله الأحاديث حول الأمور الكتابية، عندها سيفسرها الرجال والشباب على أن هذه الفتاة سيئة السلوك وتمشي مع الرجال في وضح النهار فيتلطخ اسمها وتمرغ سمعتها في الوحل….
 في الحقيقة هذه هي المأساة بعينها وهذه ضريبة الأنوثة القاسية في مجتمعاتنا الشرقية، رغم أن هذا لاشيء يذكر أمام ما تعانيه المرأة من متاعب في مسيرتها الحياتية اليومية، عدا عن الضرب الذي تتعرض له بعض النساء، ثم منعهن من الخروج حتى أمام باب دارهن من قبل الزوج الشديد الغيرة والإحساس.
وفي الواقع قد نكتشف في هذه المقالة الكثير من العبر والدروس لمن يريد أن يتأمل الموقف جيداً. ومن هنا أقول يجب أن يفرض للمرأة حقوق كما للرجل في كل شيء في الميراث وفي الحقوق والواجبات وفي الدراسة والتقاضي أمام القانون، وأن تكون لها حرية العمل والاشتغال بالسياسة والتجارة وفي المعامل والمصانع…الخ. ولكن بالتدريج وبمرحلية وحكمة وتعقل لئلا تصل الأمور مع هذه الحرية إلى درجة الفوضى الاجتماعية وانهيار الجانب الإيجابي من أخلاقيات المجتمع، فمهما بالغ أحد منا أنه مع حقوق المرأة وحريتها الكاملة الآن وفي هذه الساعة – وبدن عيار- كما يقول المصرين – فهو لايصدق القول. وعلينا عدم التصنع في هذا المضمار وننادي بحقوق المرأة وحريتها لدرجة الفوضى رياء ومفاخرة. ولنكن موضوعيين مرة أخرى ونعلم أن هناك ميراث تاريخي متأصل تحول دون تحرير المرأة كاملة الآن، وإنما هناك مجموعة عوامل كالزمن، ومؤازرة الدولة، والاقتصاد المتطور، كلها تتكفل بما هو إيجابي وآت لمصلحة المرأة.
أي أن المرأة لا تتحرر بقفزات وبالشعارات وإصدار القوانين والمراسيم، بل أقول أن تحرير المرأة ووضع المرأة الاجتماعي مرتبط بوضعها الاقتصادي، أي حينما يتطور الاقتصاد في أي بلد وتفسح مجالاً للمرأة بالعمل وتستغني فيه المرأة بأموالها عن نفقات الرجل، وحينما تغيب عن البيت ساعات للعمل وبالتدريج فإنها تتحرر عندها عن سلطة الرجل بشكل موضوعي، ولهذا فمهما ادعينا أننا مع حقوق المرأة وتحريرها الكامل فنحن في العالم الثالث نخدع أنفسنا قبل غيرنا، والدليل الماثل أمامنا من التاريخ هو حالة الكاتب المصري ونصير المرأة الشهير قاسم أمين، والذي يقال أنه من أصول كردية، فكان هذا الكاتب الذائع الصيت من أكبر مناصري المرأة في كتاباته في مصر كلها، وكان يدعو ليل نهار إلى تحريرها ومنحها حقوقها أسوة بالرجل، ولكنه كانت امرأته محجبة. ولهذا أرى مرة أخرى منح المرأة حقوقها القانونية كاملة اما الحقوق الاجتماعية فيتم العمل عليها بالتدريج وضمن الظروف المرحلية. وأعود هنا لأجمل رأيي في تحرير المرأة بالشكل التالي:
1- فإذا ما أردنا أن نبعد أنفسنا عن ظاهرة التصنع فيجب علينا القول: بأن تحرير المرأة يتم بالتدريج وحسب الظروف المرحلية للمجتمع و لا حل آخر سواه، فحتى ماركس يقول: عندما ندرس أية ظاهرة من الظواهر علينا وضعها في عصرها الذي وجد فيها ونحكم عليها بمفاهيم ذاك الزمان لا بمفاهيمنا الحالية.
 أي أن ما هو مفهوم من قول ماركس وما أريد قوله هنا أيضاً: هو ان للمرحلية في التطور الاجتماعي وتحرير المرأة دور كبير وأساسي ومؤثر.
2- القيام بمحاولات مستمرة لتطوير الاقتصاد الوطني لأنه – وكما قلنا – أن تطور المرأة مرتبط بتطور الاقتصاد. وهذا لا يمنع من التسريع في هذا المجال – كما قلنا – عن طريق إصدار تشريعات مناسبة تحفظ للمرأة حقوقها أسوة بالرجل وتحفظ لها وضعها الاعتباري في الدولة والمجتمع.
3- أن نعلم بأن الحرية لا تعني الفوضى الأخلاقية، فهناك مسائل تتعلق بالمرأة وتحريرها يتبرم منها حتى الغربيون أنفسهم، ومن هذه المسائل انتشار ظاهرة الأطفال الذين يلقون يومياً في شوارع المدن الغربية و لا يعرف لهم آباء و الأمهات. وغبر هذا الكثير، وحتى لاتصل بنا المواصيل إلى هذه الأمور يجي إتباع العقلانية في التحرر، فليس في هذا العالم حرية مطلقة في أي شيء، فالكواكب مقيدة إلى بعضها بنظام الجاذبية والأنهار تجري وفق انحدارات الأرض، وكذلك الإنسان في مجتمع معين وحسب مراحل تطوره له حدوده وثوابته…فليس المرأة فقط بل الرجل يقيد حريته لصالح المجتمع أيضاً، والقول المشهور لأحد الفلاسفة الغربيين هو(تنتهي حريتك حينما تبدأ حرية الآخرين) له مغزاه وهدفه الاجتماعي والمعرفي أيضاً، أي أن حرية الفرد هو من حرية المجتمع ولا تحيد عنها.             
س13 – بعد هذا العمل الشاق والمتعب في الكتابة, والتوثيق, والدراسات ، والموضوعات وهذا النتاج الإبداعي الرائع وهذا الفكر الجميل الخلاب في مشاتل شاسعة وواسعة داخل هذه الكونية الكردية..؟؟
بماذا ينصح الكاتب خالص مسوًر الجيل القادم-الجيل النشء – في عالم الكتابة والصرخات , والآهات والأوجاع وانين الكلمات في مشهدنا الكردي . سواء أكانت إبداعية أو سياسية أو فكرية أو نقدية ..؟؟
ج13- أتمنى على الجيل الجديد ألا يستسهلوا الكتابة، ويكتبوها على طريقة نقل من هنا ونقل من هناك، فالكتابة تأتي بعد جهد جهيد من العلم والخبرة والمران وتعب الأيام وسهر الليالي الطوال، وأطلب من الجيل الجديد والقديم على السواء، مزيداً من القراءة والدرس والمتابعة والتحصيل والإطلاع على ثقافات الأمم الأخرى أيضاً، حتى يطوروا علومهم ومعارفهم، وأن يطالعوا الكتب والمجلات العربية الأدبية والعلمية أو بأية لغة أخرى إلى جانب الكردية طبعاً، حيث هناك كتب ومجلات ذات سويات علمية جيدة تصدر في البلاد العربية وعلينا الإطلاع عليها، وإلا فلن نحصل إلا على الفتات، وسنعيش إما على القليل من الموهبة أو اجترار المخزون الثقافي التي ربما حصلنا عليه شفاهة، وقد اكتسبناه من مخزون ثقافة الأجداد أو عن طريق السياسة ومجالس المناقشات الحامية التي تجدي أو لا تجدي الكثير من النفع.
وهنا أنصح مرة أخرى بالمطالعة وهي من أهم السبل لتطوير معارفنا، وعلينا أن نكتب قدر ما نقرأ فإن قرأنا الكثير فسنكتب الكثير والعكس بالعكس، فعندما لا تملك البذار الكافي فلا تستطيع أن تزرع حقلاً واسعاً. وأحب أن أشير هنا إلى حقيقة طالما أكررها وهي أن على كتابنا في هذه المرحلة من كتاباتهم التركيز على ثلاثة أنواع من المعارف المهمة بالنسبة لأي كاتب كردي، ألا وهي اللغة أولاً، والتاريخ ثانياً، ثم التراث ثالثاً. فبضياع هذه الأسس الثلاثة يضيع أي شعب مضطهد في الوجود ويذوب مثل فص ملح كما يقول الشوام، ويذهب بلا رجعة وغير مأسوف عليه.
ولدينا على الساحة الكردية في سورية – وكما قلنا – خامات تصل حتى درجة الإبداعية، ولكن هذه الخامات الإبداعية تتعرض لشتى صنوف العوائق والمنع وقد عددنا هذه العائق آنفاً. فحينما تزول هذه العوائق ستظهر القامات الإبداعية على الملأ أكثر وأكثر وستتطور الثقافة الكردية التي هي في حالة تناصات ثقافية مع ثقافات الشعوب المجاورة الأكثر تطوراً في الحقيقة، وحينها قد توازي أ تتجاوز الثقافة الكردية هذه الثقافات إلى سويات عالية جداً، وهذا هو أملنا المنشود في المستقبل الواعد. 
س14– ما الجديد الذي يعمل عليه الآن الكاتب والباحث خالص مسوّر وفي أي حقل يحرث ..؟؟؟
ج14- لدي الآن كتاب جاهز للطبع يتعلق بالتراث الكردي وأقوم بجمع التراث من مختلف مصادره، لا لقد جمعت بالفعل الكثير منها. وهناك مشروع كتاب عن(علم المناخ) في الجغرافية، ومشروع كتاب نقدي باللغة الكردية، وهو عبارة عن دراسة نقدية تتناول الجانب الوطني في الشعر الكردي في عموم سوريا. ومشروع كتاب نقدي عن الشعر الحداثي في سورية ككل وباللغة العربية، ومسرحيات ومسودات مقالات متعددة، وسأنشرها حالما أنتهي منها تباعاً، وأعتقد أنني سأبدأ بترجمة كتاب تاريخ كردستان الجزء الثالث للشاعر الكردي الكبير جكرخوين عما قريب إنشاء الله.
وشكراً لك مرة أخرى أيها الكاتب الكردي العصامي الأستاذ حسين احمد، وآمل أني قد أجبت قدر معرفتي على أسئلتك الرصينة والمعبرة في آن، وأرجو أن أن أكون قد وفقت في توضيح جزء من المسيرة الثقافية في المشهد الثقافي الكردي في سوريا، وأتمنى لك المزيد من الحوارات الموفقة مع شخصيات كردية وغير كردية قادمة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…