النقد وهوية الأدب (الأدب الكردي تحديداً) ندوة عن الأدب والنقد

هيڤي قجو

 

ليس باستطاعة المرء بمكان أن ينكر النتاجات
الغزيرة في شتى حقول الأدب، لكن الإشكالية التي تطرح نفسها ههنا هي: غياب “النقد
الأدبي
“، وهو غياب، من وجهة نظري المتواضعة، خطير إذ يغدو “الأدب
الهابط
” جيداً ولاسيما بوجود “الشللية: التي أتقنت التصفيق ومغازلة
الأديب. ووفي الوقت ذاته يمسي “الأدب الجيد” سيئاً وغير معروف
على الساحة الأدبية، أو يجري تجاهله. ومن هنا ضرورة النقد وملازمته للحركة الأدبية
إذ الفائدة هنا كبيرةٌ فالملاحظات ستطال النص الأدبي والكاتب نفسه الذي سيحاول
تطوير أدواته وأساليبه الكتابية بحيث يصنع لنفسه هويةً تخصُّهُ وحدَهُ. هذا الكلام
أسوقه في سياق الندوة النقدية البارحة وعلى مدار ساعتين على قناة CODÎ4 مع د. الناقد خالد حسين حيث دارت الحلقة عن النقد الأدبي وعلاقته
بالحقل الأدبي وهوية النص الأدبي الكردي المكتوب بالعربية والفارسية والتركية.
وقد اتسم الحوار بالعمق المعرفي والإشارة إلى مذاهب النقد واستراتيجياته. وجاء السرد النقدي شيقاً على لسان الناقد وقد استفدت منه كثيراً على المستويين الشَّخصي والأدبي كما أن د. خالد ردَّ على غالبية الأسئلة (وقد كانت كثيرة!) التي وجهّها له الأستاذ المحاور حسن مجيد بالاستفاضة والتمثيل بأسماء الأعمال الأدبية والأدباء وفي موضوعات مختلفة ومنوّعة في الحقل الأدبي: علاقة النقد بالأدب، وظائف النقد، الأدب الكردي المكتوب بالعربية …إلخ.
لكن أعتقد أن الآلية التي يتبعها كادر قناة CODÎ4 تحتاج لملء بعض الفجوات، على سبيل المثال: من الضرورة بمكان وجود شخص ملمّ بالموضوعات الثقافية والأدبية والفنية في الحلقة، يقوم بدور الإعداد وذلك فرز التعليقات التي ستخدم الموضوع وإرسالها لمقدّم البرنامج ليلقيها بدوره على الضيف. هنا تحضرني أسئلة المذيع والتي أعتقد أنها لم تكن جندرية أو غابت الجندرية عنها أو جرى تغيبها لغاية في نفس يعقوب! فمن خلال متابعتي للحوار لم يأت مقدّم البرنامج على ذكر الأدب النسوي الكردي وكان من المفترض أن يمنح الحوار نكهة أخرى بطرح أسئلة على الناقد في مجال الأدب النسوي الكردي والتجليات النصية التي نراها في أطر الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جداً وكذلك الحقل الشعري. ومن هنا جاء اتهامي لمقدم البرنامج بالذكورية المفرطة بل إن الاتهام موجّه للدكتور خالد أيضاً لأنه لم يذكر في البداية أسماء الروائيات الكرديات بالتزامن مع ذكر أسماء الروائيين الكرديين لكنه صحح الموقف عاد وذكر أسماء روائيات كرديات. ويمكن تسجيل الكثير من السلبيات على أداء مقدّم البرنامج فهو لم يدقق التعليقات المشاركة وأهمل أسئلةً مهمة ومنها سؤالي عن الأدب النسوي الكردي والذي كان من الممكن أن يكون محور نقاش مهم لنستفيد من خبرة الناقد في هذا الجانب جميعاً. ما أتمناه في قادم الأيام أن نأخذ بهذه التفاصيل التي ستغني موضوع النقاش والحلقات معاً.
أما عن السُّؤال المركزي في الحوار؛ فقد دار حول هوية “النص الأدبي الكردي” الذي يُكتب باللغة العربية، فإنني أشاطر الناقد رأيه وأرى هذا النص يبقى كردياً بامتياز على الرغم أنه يتخذ العربية لغةً للكتابة، فالمشاعر والأحاسيس التي كُتِبَ بها هي كرديةٌ خالصة في سياق زمكان كرديّ داعم لهذه الفكرة، فاللغة وفق رؤيتي هي وسيلةٌ لأخبر بها عن وجعي، عن قضيتي وعن وطني.  وهذا ليس دفاعاً عن الكتاّب/ا ت الذين/ اللواتي يكتبـ(و)نَ بالعربية ولكن اللغة العربية أو الفارسية أو التركية وحدها لا تجعل من الأدب الذي يكتبه الكاتبـ/ة الكرديـ/ة أدباً عربياً أو أو فارسياً أو تركياً. وأظنني أن الناقد قدّم أجوبةَ شافية في هذا السياق. كما أنه قدّم قراءته لموضوعة “تضخم الذات” لدى الكاتب الكردي إذ أرجع الناقد هذه الظاهرة السلبية إلى أبعاد ثلاثة، مسؤولة عن هذه الظاهرة غير الديمقراطية: بنية الكتابة ذاتها، حيث تُوهمُ الكاتبَ بأنه صانعُ معنى ومتحكم بالخطاب وثانياً مسؤولية السياق السوسيو ــ ثقافي والسياسي الذكوري الذي لايعرف سوى الإقصاء ثم عرّج الناقد على البعد الثالث المتمثل بالثقافة العربية ــ الإسلامية التي ترفع من لواء الذكورة وتمنح الكاتب نوعاً من السلطة.  هذه جملة موضوعات وملاحظات سجلتها بخصوص الحلقة الخاصة بالنقدي الأدبي على قناة (جودي 4).    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…