أوراق شتاء

عصمت شاهين دوسكي
شتاء وصخور وأشجار عارية 
تجردت من شروخ عاتية
ليال طويلة وصمت رهيب 
حكايات مرت على التلال الراضية
والحطب يستغيث من الجمرات 
كأنها ترقص في ملاهي ليلية
أبحث عن زمن الجميل 
ببن الضباب والنجوم العالية
أبحث عن دروب خضراء 
كانت ترسم جنان راقية
كل الذكريات أبت أن تكون 
مجرد صفحات من الأعمار الفانية
اقبل الشتاء تهب رياحه على العاشقين 
ويملأ أمطاره كؤوسا خالية
الأرض عطشى رغم البرد 
يجمد عظام الهوى الخاوية
والحب سليل الحالمين في كهوف 
كادت تكون على الجبال الغافية
*********
أنا أيها الشتاء قلب معنى 
طاف على بساط منسية
نعم أنا الظامئ في مدائن 
جنوبا كانت أو شمالا لاهية
منسي بين بيداء كالسراب 
وبين وديان كانت أنهارها جارية
صفير الرياح يدنو يملأ الفضاء 
لحنا كعازف يكسر القيود الدامية
قرون مضت في مهب الريح
تركت أطلالا أرضها باكية
ما عادت القبور وحيدة 
على القمم الشماء بادية
سود ليالينا بيض أرواحنا 
وقلوبنا تعشق هدوء ليالية
لم يعد لي خليل وجليل 
يمضي قلمي في قراطيس جليدية
لي بصمة يحسدها الرائي 
فأضحك على جهل من الجاهلية
أقواما لعنت وأقواما تجردت 
من ضمائر علت على الإنسانية
من يخفف الأحزان ويمحيها 
سوى الله فوق سبع سماوية
*********
عمر بين الأسى يمضي لوعة 
لا تدفيه نيران فانية
ايها الشتاء لملم عبراتي 
فلا تكن كالماضيات غير مبالية
رقصت على أغصان سقطت  
حملتها أجنحة ملائكية
دع هزيمتي فأنا أغزو 
غزواتي حروفا وإحساسا وقافية
لا استسلم أبدا وإن كانت 
حياتي أوراق شتاء باقية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…