منال الحسيني – ألمانيا
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تودّع زائريها ، تعود إلى الغرفة، و بابتسامة تقول لصديقتها التي تشاطرها المحنة : دعينا نبكي ، فقد حان وقتُ انعتاق دموعنا ،و بقهقهات هستيرية تحررت الدموعُ و علا النحيب حتى وصل السماءَ و هي تتساءل:
هل هو حي يُرزق يا شيرين ؟. ردي علي، هل هو حي يرزق ؟. هل هو جائع أم عطش ؟!هل تضيق الزنزانةُ على جسده النحيل؟ هل يسكبون الماءَ الساخن أم البارد عليه ؟!
هل يصعقونه بالعصا الكهربائية أم يضربونه بالكبل الرباعي ؟.
قالت : هدّي روعَك ، أنتِ قوية بما فيه الكفاية ترفعين من معنويات زوّارك ، رجالاً و نساءً ..ماذا دهاكِ ؟!
تضحك بوجع و ترد : يستمدن القوةَ مني وأنا الهشةُ في داخلي كورقة خريف آيلة للسقوط ..
و في غفلة من الزمن و لبرهة تزحزح الكابوسُ فوقَ صدرها، و تصيح :
انظري يا شيرين !
ألا ترينه يكسر إطار تلك اللوحة ليأتي إليّ ؟ألا ترينه يلوّح بيديه إلينا من البحيرة التي تشكلت بقربنا ؟ألا ترينه في وجه القمر و هو يبتسم مع انبلاج الفجر؟! هل بإمكاني أن أحيا دونه ؟!
هل بإمكاني أن أعيش الحياة دون أن أقع في فخاخها؟ كيف لي أن أتحمل قسوة ذاك الذي ضمّ طفله أمامَ طفلتيّ اللتين لم تتحملا المشهد فغادرتا الغرفة و تركتا الباب مفتوحا على وجعي..
كل هذا الوجع -وجعُه و وجعي – اختصر في رقم ضائع في دفاتر مهترئة لمنظمات يُقال عنها دولية و حقوقية.