حــول غريــزة القطيــع

أحمد عزيز الحسين

لاتؤدي (غريزةُ القطيع) إلى استبعادِ (العقل) او ( تدميره)، بل تعيد توظيفَ معطياته بما يتناسب مع مفاهيمها القارّة، كما أنها تعيد تشكيلَ (العقل الفرديً) ليتوافق مع السلوك الذي ترغب (الجماعة) في القيام به؛ ولذلك فهي تلغي شخصية الفرد المتميّزة، وتجعله تابعاً لها، وتدفعه إلى تبنّي مفاهيمها الجمالية والأخلاقية؛ أو تحثّه على ذلك؛ بحيث يغدو أسيراً لما تريده؛ وذلك في رأيي ليس مفصولا عما تريده السلطة، التي تقع في أعلى الهرم الاجتماعيّ، وتلعب الدّور الأساس في عملية التشكيل موظِّفةً مؤسساتها التربوية والإعلامية والثقافية للنهوض بذلك؛ وحينَ يتأتّى لها النجاحُ، وتكتمل عمليةُ التشكيل؛ تقوم بعد ذلك بحثّ الأفراد المتميزين ( أو الذين أتيح لهم الإفلاتُ من الشبكة) على تبني استراتيجياتها، وتنفيذ مآربها، وقد تستخدم أساليبَ مختلفة لفعل ذلك، بما فيها التّرغيب، أوالإقصاءُ، أوالسجنُ، أو القتل، 
وكتابُ ( التعذيب في الإسلام ) لهادي العلوي يقدم وقائع كثيرة، وأسماء لمفكرين وشعراء طالهم عسف السلطة؛ لأنهم لم ينضووا تحت لوائها، ورفضوا الانصياعَ لأوامرها؛ ولم يسلكوا ما رغبتْ في انتهاجه؛ فنالهم من التعذيب والعنف ما يؤكد أنها سوف تعاقب كل من يستعصي عليها؛ أو يقف حجر عثرة في تنفيذ خططها الاستراتيجية، ومآربها الخفيّة.
———————
كاتب سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…