حكاية غزو الأزياء الكردية العالم

بهزاد عجمو 

في عام 1971  أجرى حافظ إمام الصحفي في مجلة آخر ساعة المصرية مقابلة مع البارزاني الخالد في قرية كلاله في إقليم كردستان و قبل نهاية المقابلة كتب، قبل أن أغادر مجلس البارزاني لفت نظري الزي الذي يلبسونه الكرد، فقلت للبارزاني : ما قصة هذا الزي ؟ فابتسم البارزاني، وقال : لقد أخذ منا الغرب هذا الزي و هنا انتهت المقابلة، و التي كانت عبارة عن صفحتين في مجلة ( آخر ساعة ) و التي قرأتها قبل نصف قرن بالتمام و الكمال، ولكن الشيء الذي استوقفني مقولة البارزاني الخالد : ” لقد أخذ منا الغرب هذا الزي ” و هذا ما دفعني إلى البحث و الدراسة و التقصي و السؤال كيف انتقل الزي الكردي إلى الغرب و منها إلى العالم أجمع، هذا ما جعلني أقف على مفترق ثلاثة احتمالات، الاحتمال الأول : و هو بعد انتصار اسكندر المقدوني على الملك دارا في عام 330  قبل الميلاد في معركة جرت رحاها في منطقة تبعد عن شمال هولير قرابة خمسين كيلو متراً و استولى الإسكندر على كل كردستان . 
  أُعجِبَ الإسكندر بالزي الكردي و أمر كل جنود و ضباطه أن يلبسوا هذا الزي و لم يكتفِ بذلك بل هو نفسه غير زيه و لبس لباس الملوك الميديين الكرد، و عندما انهارت إمبراطورتيه عاد جنوده إلى اليونان بزيهم  الكردي و ربما انتشر من اليونان إلى باقي البلدان الأوربية، لأن أثينا كانت في تلك الفترة عاصمة الثقافة في أوربا . أما الاحتمال الثاني : فهو عندما غزا الصليبيون الشرق و بأمر و بأمر من الكنيسة الكاثوليكية البابوية ربما أُعجِبَ الفرنجة بالزي الذي كان يلبسه صلاح الدين الأيوبي و عائلته و ذلك لأن هذا الزي يسهل الحركة و المناورة القتالية و عندما هزم صلاح الدين الصليبيين، أخذوا يلبسون هذا الزي، و بين فترة و أخرى يجرون عليه بعض التعديلات فأحياناً يوسعون من الأسفل الشال ( البنطال ) أو يضيّقونها أو يجرون بعض التعديلات على شابك ( الجاكيت ) .  أما الاحتمال الثالث : فإن معظم المؤرخين الأوربيين يقولون بأن هناك هجرات عديدة و كثيفة انطلقت من ميزوبوتاميا ( بلاد ما بين النهرين ) إلى أوربا في العصور القديمة، أي قبل الميلاد بقرون عديدة و لكن الشيء الذي لا يعترفون به هو أن هذا الشعب الذي استوطن في أوربا قد نقلوا معهم طريقة لبسهم و لغتهم و ثقافتهم، فلم ينقل الكرد الميديين الزي الرجالي فحسب بل حتى الزي النسائي لم تكن تعرف المرأة الأوربية في تلك العصور الفستان ذو القماش المزهر، فاقتبسوها من المرأة الميدية، أما بالنسبة للغة فلا تكاد تخلو لغة أوربية من بعض المفردات الكردية و لكن الشيء الذي يحز في النفس حيث يقول معظم اللغويين الأوربيين بأن اللغة الكردية هي من اللغات الهندأوربية، و هذه مغالطة كبيرة و خطأ جسيم، و الأصح هو أن اللغة الكردية هي لغة قائمة بحد ذاتها، و أنها من أقدم اللغات في العالم، و تفرعت إلى لهجات عديدة ليس في داخل كردستان فحسب بل خارج كردستان أيضاً، و عندما يقول هؤلاء اللغويين  الأوربيين بأن الكردية هي من اللغات الهندأوربية، فإنهم يخلطون الحابل بالنابل و الشرق بالغرب، أي الهند بأروبا و لا يعترفون بأن مفردات هذه اللغة قد انتشرت من الهند حتى أقصى أروبا، و لكن الشيء الجيد بأن معظم الشعوب الأوربية يعترفون بأن أصولهم آرية و عندما نقول ( آر ) يعني نار و هي تلك النار التي كان يوقدها الزرادشتيون في معابدهم و هذه النار يعتبرونها رمز الحياة و طريقة التواصل مع الآلهة، و نعلم بأن زردشت ( المعلم الحكيم ) و هذا معناه الحرفي، الذي كان يعيش في أرض الميديين الكرد . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…